معارض الكتب
| إسماعيل مروة
حين بدأ معرض الكتاب في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق، كان مقصداً لطلاب العلم والباحثين الراغبين بالعلم، وقد شهدنا الباحثين من البلدان العربية المجاورة يحضرون إلى معرض دمشق للتزود بالكتب منه، وتحوّل المعرض إلى معرض دولي للكتاب، وقد شهد مشاركات واسعة ومن أهم دور النشر السورية والعربية والعالمية، وفي دورات منه كانت الكتب الأجنبية والجوانب التقانية من العلامات البارزة، وبسبب توسع المعرض الكبير، وتنازع نسبته انتقل المعرض إلى مدينة المعارض على طريق المطار فترة محدودة ليعود إلى مكتبة الأسد، ووصل هذا المعرض حداً فائقاً من التنظيم الذي تفوق فيه على معارض الكتب العربية، ففهرس الكتب الموجودة في المعرض (الدليل) يطبع وقبل مدة من افتتاحه مهما كان ضخماً وكبيراً، والأكياس وحوائج المعرض هي في أعلى مستوى.. ونتيجة للحرب على سورية والحصار وما تبع ذلك توقف هذا المعرض، ليحل محله معرض هزيل هو معرض الكتاب السوري، الذي لم يشهد مشاركة سورية واسعة لأسباب تنظيمية، وعلى الرغم من كل الظروف فقد أقيم المعرض الكبير منذ سنوات بعد انقطاع، وكان معرضاً ناجحاً في ظل الظروف، وقد شاركت الدول العربية والصديقة على الرغم من الحصار بصورة مباشرة أو عن طريق وكلاء، ومن ثم عادت فكرة تغييب هذه الظاهرة، وقد علمت أن الجهات المعنية تتوجه هذا العام لإقامة معرض الكتاب بصورته الموسعة..
وأهمية معرض الكتاب الدولي تأتي من جوانب عديدة:
– الكتب والاطلاع والاقتناء.
– وصول كتب ودور قد لا تكون متاحة في أوقات أخرى.
– الحصول على السعر المناسب.
– الندوات الفكرية والسياسية المرافقة.
– حفلات توقيع الكتب ولقاء أهم الأدباء والكتاب.
وأذكر أن المعرض الأخير الكبير الذي عقد عانى من قضية الأسعار والمبيع في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، والمعنيون الأساسيون بالكتب فئة الطلبة وعدد من الباحثين كانوا غير قادرين على الاقتناء، ودور النشر عانت من أن المشاركة كانت غير مجدية في ظل هذه الظروف، وقد كان ذلك قبل كورونا واليوم الأسعار تضاعفت للكتب وتكاليفها عدة أضعاف، ولابد من إجراءات تشجيعية للدور والزائرين لبث الروح في المعرض، وحتى لا يكون مناسبة وكفى، وهناك أفكار عديدة بالقسائم، والجوائز والرعاية وما شابه.
وغياب معرض الكتاب يؤثر تأثيراً كبيراً في الحياة الثقافية وبشكل سلبي قد يفوق ما نتوقعه، أهمه ما يتعلق بالكتاب السوري والفكر السوري، الذي يسهم المعرض بشكل جدي في الترويج له، خاصة في ظل المشاركات الرسمية الخجولة في معارض الكتاب العربية المماثلة.. ودور النشر السورية اليوم من الأهمية بمكان، ابتداء من كتب وزارة الثقافة المؤلفة والمترجمة ذات المستوى العالي، وكتب اتحاد الكتاب الجيدة والرزينة.. وقد بذل الناشر السوري الخاص جهوداً كبيراً، وبذل الغالي والنفيس فكرياً وفنياً للوصول إلى المستوى المنافس والمتفوق، ومن حقه أن يعود معرض الكتاب في سورية إلى حيويته، ليكون معرضاً دولياً يسهم في تعزيز الكتاب السوري وصناعته.
يتداول كثيرون عبارات إنشائية مثل مصر تكتب ولبنان تطبع والعراق يقرأ! علماً بأن الكثير من إنتاج القرائح السورية العظيم طبع في مصر ولبنان، وفي العقود الأخيرة صارت صناعة النشر السورية متفوقة، ومقصداً للمؤلفين العرب، وظهر دور السوري في الكتابة والنشر والقراءة، فاختصر الكثير في ذاته، ومعرض الكتاب السوري في دوراته الأولى يشهد على ذلك ابتداء من العناوين والكتّاب السوريين وحفلات التوقيع، وصولاً إلى ظاهرة لم تكن في غير معرض ا لكتاب السوري، وهي شراء أغلب ما جاء للمعرض، وكنا نراها تشحن على الدراجات الهوائية أو النارية من المثقفين البسطاء.
يجب أن يعود المعرض وبحلة جديدة ومغايرة، وبسياسة تعيد الألق للقراءة والكتاب، فالكتاب هو وحده الطريق إلى التحضير والتقدم.
وما دام المعرض مفقوداً أو ثانوياً فالوضع الثقافي يحتاج إلى مراجعة وإعادة تقويم، وليس مقبولاً من واحد أن يدّعي أن الأمر الثقافي بخير، وبأننا نبذل طاقتنا وقدرتنا.
أما معارض اتحاد الكتاب العرب، فحدّث ولا حرج، فالمعرض الأساسي في الاتحاد تحوّل إلى كشك صغير منذ أكثر من خمسة عشر عاماً يشبه أكشاك السجائر والشيبس، وغابت معارض كتب الاتحاد، ولا وجود لها في المكتبات، ما يدل دلالة قاطعة على أهمية المعارض في نظر القائمين على الثقافة!!