من دفتر الوطن

خيار السمّ

| عبد الفتاح العوض 

لو أن أحداً دسّ له عدّوه في طعامه سماً قاتلاً سريع الأثر وأكله…
فماذا سيفعل في اليوم التالي؟
– هل يسامحه؟
– هل ينتقم منه؟
– أم هل يشتكيه للشرطة؟!
هذا السؤال لقياس معدل الغباء… فأي من هذه الخيارات لن تكون متاحة لمن تناول سماً قاتلاً؟! في اليوم الثاني لن يكون لديه فرصة لأن ينتقم ولأن يسامح ولأن يشتكي…..
بعض السوريين يحاولون الإجابة عن هذا السؤال الآن يتناولون السم بشراهة، وينتظرون اليوم التالي بشغف؟!
أليس من الحماقة حتى الآن أن يتحدث البعض بلغة ولهجة ومفردات بدايات الأزمة؟!
أليس من الحماقة حتى الآن أن يكون ثمة من يفرح لتدخلات عسكرية إضافية في سورية؟!
أليس من الغباء حتى الآن عدم إدراك أن استمرار هذه الأزمة سيكون على حساب السوريين فقط!!
ما الذي غيرته الحرب في السوريين؟!
إذا حاولنا أن نلاحظ التغيرات التي حدثت لدى السوريين ما قبل الأزمة… وفي أثنائها فإننا لن نجد إلا التغيرات نحو الأسوأ.
لقد أظهرت الأزمة أسوأ ما لدينا… وكلما طالت فإنها تنبئ بالمزيد من الأسوأ…
خطابات السوريين لم تتغير منذ بداية الأزمة… ربما الميزة الأكثر خطورة أنها تزداد حدة وتطرفاً وانسياقاً نحو عدم محاولة خلق توازن يراعي الحاجة إلى التفاهم عاجلاً أم آجلاً!!
لكن أكثر ما يغيظ أن الحمقى الذين ذهبوا خارج البيت يصفقون لتهديمه كما لو كانوا يظنون أنهم ليسوا بحاجة إلى العودة إليه.
ودوماً يكون السؤال عن الحل وعن المخرج؟
لقد استبعدنا كل الخيارات الممكنة وقررنا تجرع السم, الحمقى يقولون عليَّ وعلى أعدائي, نحن الأكثر حماقة نتصرف بمبدأ عليَّ وعليَّ لمصلحة أعدائي.
الحل الآن وغداً… وبعد أي غد لن يكون إلا الحل السياسي فقط، ولا مزيد من الأسلحة في سورية والتوقف عن مساعدة أي أحد يؤمن بالسلاح وبالقوة سواء كان إرهابياً دايت أم إرهابياً عادياً… أو إرهابياً إكسترا.
عندها فإن مجالات الحديث عن الحلول ستكون متوافرة ومتاحة، وأولها وآخرها وسرها وعلانيتها أن تكون صناديق الاقتراع الشفافة هي صاحبة القرار في المشاركة بالقرار والسلطة.
أما أن نستمر في تناول السم، فلن نكون في اليوم التالي قادرين على فعل أي شيء حتى… الشكوى للشرطة الدولية!!
ثمة نقطة أخيرة هنا…
هل غيّرت الأزمة السلوك في الداخل، هل تغيرت طريقة التعاطي مع الناس ومدى الاهتمام بأمورهم.
هل انخفض الفساد، هل تغيّرت طريقة اختيار أصحاب «المراتب»!! سيكون لنا وقفة مع هذا السؤال والإجابات عنه لكن كدفعة مقدمة…
بالتأكيد لم نلحظ تغييراً أبداً اللهم إلا التغيير نحو الأسوأ.

قول:
قال شاعر النيل حافظ إبراهيم:
لم يبق شيء من الدنيا بأيدينا إلا بقية دمع في مآّقينــــــــــــــــــا
كنـّا قلادة جيد الدهر فانفرطت وفي يمين العلا كنّا رياحينــــــــــا
كانت منازلنا في العز شامخة لا تشرق الشمس إلا في مغانينا
وكان أقصى منى نهر (المجرة) لو من مائه مزجت أقداح ساقينـــا
والشهب لو أنها كانت مسخرة لرجم من كان يبدو من أعادينـــا
فلم نزل وصروف الدهر ترمقنا شزراً وتخدعنا الدنيا وتلهينـــــــــا
حتّى غدونا ولا جاه ولا نسب ولا صديق ولا خلّ يواســــــــــينــا

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن