ممارسة التدخل تحت ذريعة «المواجهة»
| بقلم ليانغ سوو لي
أقر مجلس النواب الأميركي مشروع قانون يسمى «قانون تفويض صندوق لمكافحة التأثير الخبيث لجمهورية الصين الشعبية لعام 2023» في الشهر الماضي، والذي يخطط لتخصيص 325 مليون دولار أميركي سنوياً خلال خمسة أعوام مالية من 2023 إلى 2027، بإجمالي 1.625 مليار دولار أميركي، لمواجهة ما يسمى بـ«التأثير الخبيث» للحكومة والأحزاب السياسية والكيانات الصينية في جميع أنحاء العالم.
في ظاهره يبدو أن مشروع القانون هذا يدور حول حماية النظام الدولي ويدعى بمواجهة «التأثير الخبيث للصين»، وفي الواقع، يشكل هذا السلوك تدخلاً صارخاً في الشؤون الداخلية لدول أخرى. ولفترة طويلة، استخدمت الولايات المتحدة وسائل الإعلام والاستخبارات وغيرها من الوسائل للقيام بتدخلات واسعة النطاق في شؤون بلدان أخرى تحت شعار «الدفاع عن الحرية»، وإن مشروع القانون هذا هو استمرار وتصعيد لهذا النوع من التدخل، حيث يمارس التدخل تحت ذريعة «المواجهة»، وهو ما يمثل انحرافاً خطيراً عن روح الديمقراطية والحرية، ويكشف عن نفاق الولايات المتحدة.
تظهر المعايير المزدوجة الأميركية بشكل واضح في هذا الإجراء المناهض للصين، كما هو الحال في سياساتها تجاه دول العالم الأخرى، فمن ناحية، تتهم الولايات المتحدة بسهولة، المنافسين مثل الصين، بـ«التأثير الخبيث» و«التسلل»، لكنها من ناحية أخرى، لا تخفى تدخلها المباشر في الرأي العام للدول الأخرى من خلال عمليات تمويل ضخمة، وهو ما يعد تفسيراً عشوائياً للقواعد الدولية ويعتبر سلوكاً نموذجياً للمعايير المزدوجة، وإضافة إلى ذلك، إن الولايات المتحدة تتدخل علناً في شؤون الدول الأخرى من خلال التشريعات وتحاول تشويه سمعة الصين من خلال حرب الرأي العام، وهو سلوك يتعارض مع القواعد الأساسية للعلاقات الدولية، كما يكشف عن قلق الولايات المتحدة العميق بشأن صعود الصين السريع.
في السنوات الأخيرة، زاد تأثير الصين على الصعيد العالمي بشكل ملحوظ، وعلى وجه الخصوص، عادت نتائج التعاون الاقتصادي الصيني مع الدول الأخرى بالنفع على العالم تدريجياً من خلال مبادرة «الحزام والطريق»، وهو أكسبها دعماً متزايداً من العديد من الدول، وهذا النموذج التنموي القائم على المنفعة المتبادلة يتناقض بشكل حاد مع سياسات القوة التي تتبعها الولايات المتحدة، الأمر الذي يجعل الولايات المتحدة تشعر بالقلق الشديد، لذلك اختارت خلق رواية كاذبة عن «التأثير الخبيث» في محاولة لتشويه صورة الصين الدولية والحد من صعود الصين في العالم.
بطبيعة الحال، هذه ليست المرة الأولى التي تقوم فيها الولايات المتحدة بتشويه سمعة الصين، سواء كان الأمر يتعلق بقضية هونغ كونغ، أو قضية شينجيانغ، أو قضية بحر الصين الجنوبي، فقد خلقت الآلة الإعلامية الأميركية، عدداً لا يحصى من الأكاذيب والأخبار المزيفة حول الصين لتشويه سمعتها.
ولكن في العولمة اليوم، يجعل تنوع المعلومات وشفافيتها حملة التشويه التي تشنها الولايات المتحدة أقل فعالية، وقد رأى المجتمع الدولي بشكل متزايد أن صعود الصين لا يشكل تهديداً، وأن الصين تتمسك بمبادئ التنمية السلمية والكسب المشترك، التي تجعلها تفوز بثقة ودعم المزيد من الدول، ويدرك المجتمع الدولي أيضاً أن هذه التصرفات التي تقوم بها الولايات المتحدة ليست من باب الحفاظ على النظام الدولي والإنصاف والعدالة، ولكنها من دوافع أنانية للحفاظ على هيمنتها واحتواء صعود الصين.
ولا شك أن مشروع القانون الذي أقره الكونغرس الأميركي هذه المرة هو قرار خطير وخاطئ، فهو لا يفضح نفاقها السياسي ومعاييرها المزدوجة فحسب، بل يضر أيضاً بانسجام العلاقات الدولية واستقرارها، وقد أصبحت الهيمنة والتدخل يتعارضان مع تيار التاريخ في عصر العولمة الحالي، وبالعكس، تتماشى الصين مع اتجاه التنمية العالمية من خلال التعاون العملي والتنمية السلمية، وإذا استمرت الولايات المتحدة في تشويه سمعة البلدان الأخرى والتدخل في شؤونها، فلن تتمكن من إعاقة صعود الصين، وستفقد أيضاً ثقة المجتمع الدولي ودعمه.
إننا ندعو الولايات المتحدة إلى مواجهة مشاكلها الخاصة، والتوقف عن أعمالها الرامية إلى تشويه الصين وقمعها، واتخاذ موقف أكثر عقلانية وواقعية في التعامل مع العلاقات الصينية الأميركية والشؤون الدولية، وفي الوقت نفسه، نأمل أيضاً أن يعزز المجتمع الدولي التعاون، للدفاع عن العدالة والإنصاف الدوليين وتعزيز السلام والتنمية العالميين بشكل مشترك.
إعلامية صينية