سموتريتش يعلن عن خطة «من الفرات إلى النيل رسمياً»
| تحسين حلبي
يبدو أن استمرار الصمت الدولي والعجز الإقليمي أمام المذابح التي ترتكبها إسرائيل في الأراضي المحتلة وفي لبنان، بدأ يشجع قادة الكيان من أصحاب القرار بالتصريح علناً عن خطتهم المقبلة من حرب الإبادة التي يشنها جيش الاحتلال في كل دقيقة وساعة على أكثر من خمسة ملايين فلسطيني في الأراضي المحتلة وعلى لبنان ومقاومته، فقد ظهرت وثيقة هذه الخطة على لسان وزير المالية الإسرائيلي باتسليئيل سموتريتش في مقابلة صحفية أجراها ونشرها موقع «ذا كراديل» بالإنكليزية في العاشر من شهر تشرين الأول الجاري حين قال سموتريتش: «سوف نؤسس لدولة يهودية نرسم حدودها بموجب التراث اليهودي وتمتد من أورشاليم إلى دمشق وتضم أراضي من الأردن ولبنان والعراق ومصر وسورية والسعودية أيضا»، وبلغة واضحة يصبح المقصود هو من الفرات إلى النيل.
وحول القطاع تقول وزيرة القضاء السابقة أيليت شاكيد من تيار حزب سموتريتش نفسه في مقابلة مع التلفزيون الإسرائيلي: «بعد أن نحول خان يونس إلى ملعب لكرة القدم سنستخدم وجود الدمار الشامل في القطاع لكي نفرض على كل دولة توطين نسبة من الفلسطينيين، عشرين أو خمسين ألفا إلى أن نبعد مليونين من القطاع إلى الخارج دون عودة، وهذا هو الحل لقطاع غزة الآن ولإعادة نشر المستوطنات اليهودية فيه».
تكشف وثيقة تحت عنوان «قتال من أجل الغزو» أن «ترحيل الفلسطينيين من القطاع سيكون باتجاه مصر أو أوروبا عن طريق البر أو البحر» وأن إبعاد الشعب الفلسطيني عن القطاع بموجب الخطة قد بدأ».
وذكرت مجلة «ذا كراديل» أن أصحاب القرار بتنفيذ هذه الخطة «نشروا خريطة للبنان في 25 أيلول الماضي باسم «حركة استيطان جنوب لبنان» وحددوا فيها أسماء عبرية للمستوطنات هناك ورسموا شعاراً في منتصفه شجرة أرز لبنانية ومن حولها النجمة الصهيونية السداسية».
مجلة «جويش كارانت» وفي تقرير عن هذا الموضوع، تضيف أن «حركة الاستيطان في الجنوب اللبناني ستبدأ عملها بعد الحرب الشاملة التي تشنها إسرائيل على حزب الله».
المحلل السياسي في المجلة الأوروبية «موديرن ديبلوماسي» ذكر في 24 حزيران الماضي أن «هذه الحركة تزعم أن سفر التثنية في التوراة في الفصل الثالث منه والمقطع 25 جاء فيه لتبرير ضم لبنان أن موسى طلب من الرب السماح له بدخول الأرض الموعودة قائلا له «دعني أرى الأرض الطيبة الواقعة وراء الأردن تلك الأرض الجبلية ولبنان».
وتكشف مجلة «ذا كراديل» أن «ما جرى في شمال قطاع غزة التي أبعدت إسرائيل عنها سكانها كان جزءا مما أطلقت عليه «خطة الجزيرة» وطلبت من الجيش الإسرائيلي تطبيقها هناك ونفذها حين أخرج من شمال القطاع 200 ألف من سكان تلك المنطقة».
لا أحد يشك أن إسرائيل ستقوم بارتكاب المزيد من المذابح اليومية لتهجير مليونين من القطاع وستحاول إفراغ أكبر عدد من سكان جنوب لبنان باستهدافهم بقذائفها عن بعد لكي تؤسس لخطة زحف تدريجي لأراضي الجنوب، لكن التصدي البطولي للمقاومة اللبنانية على أرض الجنوب بدأ يعرقل تنفيذ هذه الخطة ويتسبب بخسائر بشرية كثيرة لجيش الاحتلال ولآلياته الحربية.
والسؤال الآن: هل بهذا المخطط التوسعي في أراضي الجوار واستهدافه لأراضي قطاع غزة ولبنان والأردن وسورية ومصر والسعودية، يستطيع الكيان الإسرائيلي تنفيذ ما يتطلبه من حروب في المنطقة دون موافقة الولايات المتحدة وانخراطها الكثيف بإسناده ودعمه طوال ما سيستغرقه هذا المخطط من مراحل؟!
أصبح من الواضح الاستنتاج بأن الرفض المستمر لرئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإيقاف العمليات العسكرية والمذابح في قطاع غزة واستمراره في فتح حرب واسعة على لبنان يعود إلى تنفيذ هذا المخطط، لأن إيقاف النار سيحمل معه مرحلة تمتد لأسابيع كثيرة تستثمرها المقاومة في القطاع وفي جنوب لبنان لإعادة تنظيم قواتها وترتيب قدراتها تمهيدا لأحد الخيارين إما: استمرار التهدئة على الجبهتين وبهذه الطريقة يجري تجميد تنفيذ المخطط الإسرائيلي مرحليا، وإما عودة الكيان إلى استمرار عملياته وبهذه الطريقة ستتوسع حرب المقاومة على الكيان بانخراط مباشر من إيران ومن سورية والانتقال إلى حرب إقليمية لا تشجع على اندلاعها الولايات المتحدة في هذه الظروف.
يبدو أن وضعاً خاصاً سيسود في طبيعة المجابهات الجارية الآن على مختلف الجبهات بانتظار أحد الخيارين.