المحكمة المذهبية بالسويداء تتخلى عن تحديد سقف المهور … وسائل التواصل الاجتماعي هي أحد أسباب الطلاق .. شباب يقبلون على الزواج فقط لدواعي السفر لعدم منح دول للإقامة إلا للعائلات
| السويداء – عبير صيموعة
برزت في الآونة الأخيرة في السويداء ظاهرة توجه الخاطبين عند تسجيل عقد الزواج في المحاكم الشرعية بتسجيل المهر المقدم والمهر المؤجل بالليرات الذهبية أو بالغرامات وهي غير مقبوضة على الأغلب وبلا سقف ما أفرز ظاهرة غريبة عن مجتمع السويداء وخلق شريحة مخملية تتنافس على تسجيل عدد أكبر من الليرات الذهبية ضاربة عرض الحائط بكل الأعراف والتقاليد، كما أدى إلى عزوف كثير من الشباب عن فكرة الزواج بسبب غلاء المهور وعدم القدرة على التشبه بأصحاب الثروة والمنافسة والتسابق في تسجيل الليرات الذهبية.
وأوضح عدد من المحامين ممن التقتهم «الوطن» في القصر العدلي أن تدهور قيمة الليرة السورية نتيجة الأزمة دفع الأهالي وللحفاظ على القيمة الشرائية لقيمة المهر بتسجيل ليرات ذهبية أو عدد من الغرامات الذهبية دون ضابط وبسقف مفتوح وذلك بعد أن تم تجريم التعامل بالعملة الأجنبية وعدم استقرار سعر صرفها في السوق السوداء وعدم قبول المحاكم تسجيل المهر مقدمه أو مؤجله بالعملة الأجنبية.
كما انقسمت آراء المحامين بين مؤيد ومعارض لتسجيل المهر المقدم والمؤجل بالغرامات أو الليرات الذهبية، حيث اعتبره البعض بمنزلة رادع لظاهرة الطلاق التي سجلت أعداداً كبيرة في الآونة الأخيرة وخاصة بين صغار السن وحديثي الزواج، ومنهم من عارضه معللين ذلك بعدم وجود أي رادع إذا أراد الطلاق أحد الزوجين، فإذا أرادت الزوجة الطلاق تتنازل عن حقوقها الزوجية وإذا أرادت الانتقام تلجأ إلى التضييق عليه بالسجن باعتبار المهر المؤجل في صك الزواج سنداً تنفيذياً ضد الزوج وديناً ممتازاً يجب أن يسدد أولاً قبل أي دين آخر، وبالتالي فإنهم أكدوا ضرورة تحديد سقف للمهور لا يمكن تجاوزه كما كان معمولاً به سابقاً.
قاضي المحكمة المذهبية في السويداء جمال منذر أوضح لـ«الوطن» أن المحكمة المذهبية وبالاتفاق مع الهيئة الروحية كانوا قد حددوا سقف المهر بالنسبة للزوجين بما يتناسب مع الوضع المعيشي والاقتصادي والهدف منه تشجيع الزواج ولكي لا يشكل المهر عبئا على الراغبين بالزواج.
وأضاف: إلا أن المهر ونتيجة الأوضاع الاقتصادية الحالية وانخفاض القيمة الشرائية لليرة السورية لم يعد يحقق الحد الأدنى لمعيشة الزوجة في حال تم التفريق والطلاق وبناء عليه ارتأت المحكمة المذهبية تطبيق نص المادة القانونية 54 من قانون الأحوال الشخصية المعدلة بالقانون 4 لعام 2019 والتي تنص أنه «لا حد لأقل المهر ولأكثره» والتالي فسح المجال للطرفين بتحديد المهر وفق القانون، مشيراً إلى أن المحكمة دأبت على تطبيقه منذ ثلاث سنوات تقريباً لأن المهر بموضوع الزواج ليس تجارة إنما هو حق من حقوق الزوجة المكتسبة وكانت النتائج إيجابية بعملية الإقبال على الزواج وازدياد الثقة بمؤسسة الزواج بين الشباب كما انعكس على موضوع الطلاق، لأننا لاحظنا أن أغلب حالات الطلاق المقدمة تأتي للعقود المسجلة قبل التوجيه بفتح سقف المهر.
وتابع: كما لاحظنا أن الموضوع المادي مهم جداً في تثبيت العلاقة الزوجية حيث أصبح وفي حال التفكير بالطلاق أن يكون من ضمن التفكير موضوع تسديد المهر وهو مؤشر إيجابي أكدته حالات الطلاق لعقود الزواج المسجلة منذ ثلاث سنوات التي باتت معدودة وقليلة جداً مقارنة مع غيرها من حالات الطلاق التي ازدادت نسبتها في الآونة الأخيرة إلى 40 بالمئة من الحالات المسجلة في السنوات السابقة، وأكد أن قانون أصول المحاكمات رقم 1 لعام 2016 بالمادة 278 اعتبر صك الزواج سنداً تنفيذياً وفي حال كان المهر غير مقبوض وحصل الطلاق فإنه يحق للزوجة تقديم الصك ووضعه في دائرة التنفيذ وفي حال عدم التسديد فإن الحجز والسجن سيكون من نصيب الزوج.
وبين قاضي المحكمة المذهبية أن أحد أهم أسباب ارتفاع نسبة الطلاق في الآونة الأخيرة والتي باتت واضحة للمحكمة المذهبية هي وسائل التواصل وعدم استعمالها للغرض المعدة له والتي أدت إلى خلخلة وانعدام الثقة الزوجية بين الزوجين يضاف إليها تدخل الأهل والوضع الاقتصادي خاصة إذا كان الزوج موظفاً أو عاملاً من أصحاب الدخل المحدود.
وأكد وجود إقبال على الزواج وارتفاع نسبته مقارنة مع حالات الطلاق حيث يتم يومياً تسجيل ما بين 15 إلى 30 حالة زواج يقابلها 20 بالمئة من حالات الطلاق تقريباً، موضحاً أن أحد أهم أسباب إقبال الشباب على الزواج حالياً هو لدواعي السفر «مع الأسف» لعدم قبول الدخول والإقامة في كثير من الدول سوى للعائلات.
ولفت منذر إلى أنه منذ تكليفه مهامه كقاض للمحكمة المذهبية تم تفعيل المادة 88 من قانون الأحوال الشخصية المتعلقة بالمخالعة الرضائية وبالطلاق الإداري وتفعيل مؤسسة التحكيم كما جرى التعامل مع إحدى المؤسسات المختصة بقضايا الزواج لتوعية الشباب بقضايا الزواج ومؤسسة الزواج وقداسة عقد الزواج.