قضايا وآراء

تحية لسورية في ذكرى الانتصار

| معتز خليل

مرت ذكرى نصر الـ٦ من تشرين الأول العربي على إسرائيل في هدوء، وربما عدم اهتمام، بسبب ما يجري من تطورات عسكرية وميدانية على الساحة في الشرق الأوسط، غير أن الحديث عن ذكرى هذه الحرب هذا العام يكتسب طعماً سورياً متميزاً، وهو ما كشفته وثائق الاجتماعات السرية لحكومة رئيسة وزراء إسرائيل آنذاك غولدا مائير.

موقع «قناة 24 آي» الدولية التي تبث من إسرائيل، كشف عن بعض من المقتطفات المتعلقة بهذه الحرب، حيث تنقل التسجيلات الجديدة حديث غولدا مائير مع أعضاء الكابينيت الحربي الإسرائيلي في 19 تشرين الأول 1973، وفيها ذكرت مائير هذا الحديث على خلفية محادثات لاستعادة الأسرى، جرت بوساطة الولايات المتحدة، وفي هذا الموضوع اقتبست مائير كلام ممثلي الوفد المفاوض الذين عادوا من دمشق، مطالبة ببذل أقصى الجهود لعودة الأسرى الإسرائيليين من دمشق.

بعدها عرضت هيئة البث الحكومية الإسرائيلية صورا للإفراج عن العديد من الأسرى الإسرائيليين القادمين من سورية، وهي الصور التي تعرض بجلاء حجم الانتصار السوري على إسرائيل.

عموما، هذه التسريبات تضاف أيضاً لعدد من الأعمال الدرامية التي ناقشت قوة الجبهة السورية في حرب تشرين الأول، وكيف حاربت وناضلت هذه الجبهة بصورة متميزة، ومن هذه الأعمال مثلا فيلم «غولدا» الذي يعرض قوة الجبهة السورية في القتال، وكيف كبدت إسرائيل خسائر قوية في أول أيام الحرب.

بالطبع، أعرف أن ميزان القوى العسكري ونتيجة للدعم الأميركي السافر لإسرائيل جعل كفة الحرب تتأرجح، خصوصاً بعد يوم ١٢ تشرين الأول ١٩٧٣، لكن ما حققته سورية ومصر وجميع الدول العربية يمثل إنجازاً متميزاً لا يمكن إنكاره.

وأتذكر حديثي الشخصي مع رئيس جهاز المخابرات العامة المصري، اللواء فؤاد نصار، عن ذكرى حرب تشرين الأول، حيث أشاد بالتنسيق العسكري مع السوريين، فضلاً عن حديث عن نقطة الدعم العسكري الأميركي لإسرائيل، حيث كانت الطائرات والدبابات تأتي حديثة من الولايات المتحدة لجبهة القتال، وقال نصار: «كنا نشم رائحة الطلاء الحديث في هذه الدبابات والطائرات المستوردة من الولايات المتحدة، وهو مستوى من المساعدات والدعم لم نرهما من قبل».

الملاحظ هنا هذا العام، أن الانتصار تجنب تماماً الحديث عن مصر، رغم أن إسرائيل حرصت في ذكرى حرب تشرين الأول دوماً أن تذكر مصر، وكيف نجحت إسرائيل مثلاً في تجنيد عملاء بها، وهو ما تجلى منذ عدة أشهر، وفي ذكرى الحرب أيضاً مع عرض صور خاصة للقاء الذي عقده أشرف مروان، صهر الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، ومدير مكتب الرئيس محمد أنور السادات، مع الضابط الإسرائيلي في جهاز الموساد، الذي كان يشغله من العاصمة البريطانية لندن، الأمر الذي أغضب القاهرة بالطبع بصورة لافتة للنظر في ظل المكانة التي حظي بها مروان.

عموماً، تتواصل السنوات ويمضي بنا العمر، وبات من حق كل سوري وعربي أن يعرف تضحيات الأجداد التي قاموا بها في مواجهة عدو يأخذ من مخازن السلاح الأميركي والدولي ما يريد بلا سقف أو حدود، وهو ما يجعل منازلته والتغلب عليه نصراً خالداً في تاريخ أي أمة.

رحم اللـه الشهداء العرب في هذه الحرب، وأدام اللـه صحة مَن بقوْا على قيد الحياة ممن عزفوا لحناً وطنياً خالداً لا يمكن نسيانه.

صحفي مصري مقيم في لندن

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن