انطلاق فعاليات الندوة الوطنية للترجمة … د. ديالا بركات: أهمية الترجمة ودورها في تقريب الحضارات وتبادل الثقافات
| وائل العدس – تصوير: طارق السعدوني
بحضور وزيرة الثقافة د. ديالا بركات، افتتحت أمس فعاليات الندوة الوطنية للترجمة لعام 2024 بعنوان «الترجمة والمثاقفة» في مكتبة الأسد بدمشق التي تقيمها الهيئة العامة السورية للكتاب بالتعاون مع المعهد العالي للترجمة ومجمع اللغة العربية واتحاد الكتّاب العرب واتحاد الناشرين السوريين.
ويشارك في الندوة نخبة من المترجمين السوريين ذوي الخبرة بنقل المعارف والعلوم والإنتاجات الأدبية، من وإلى اللغة العربية ،ويقدمون على مدى يومين 15 بحثاً علمياً بالتزامن مع الاحتفاء باليوم العالمي للترجمة.
واقتصر اليوم الأول على جلسة واحدة أدارها د. فؤاد الخوري وحاضر بها كل من د. غسان السيد ومحمد نجدة شهيد ومهند محاسنه وحسام الدين خضور وعبير حمود.
ثقافة شعب كامل
في تصريح للصحفيين، شددت وزيرة الثقافة على أهمية الندوة الوطنية للترجمة وقالت: تحتفل الوزارة بهذه الفعالية التي تقوم بها الهيئة السورية للكتاب مع مجموعة من الشركاء، وهو انعكاس لأهمية الترجمة ودورها في تقريب الحضارات وتبادل الثقافات ونقل الأفكار بطريقة قريبة لعقل القارئ السوري.
ووجهت د. بركات شكرها للمترجمين السوريين كافة لما يقومون به من جهد فكري ونوعي مثمّن، مضيفة: الترجمة لا تعني النقل الحرفي من لغة إلى أخرى، بل هي نقل ثقافة شعب كامل وعلى اختصاصات مختلفة تشكل العلوم والتكنولوجيا والأدب والشعر والقصة والرواية وكل المجالات.
وأكدت أن دعم وزارة الثقافة لمجال الترجمة عمل روتيني وطبيعي ولا ينفصل عن عمل الوزارة، مشيرة إلى أن الوزارة ستضع خططها وتوصياتها بعد نهاية الفعالية.
عملية تنويرية
بدوره، قال مدير الهيئة العامة السورية للكتاب د. نايف الياسين لـ«الوطن»: إن الندوة تعقد كل عام وتحمل معها مواضيع مختلفة، وقد صادف إقامتها في سياق الأنشطة المرافقة لمعرض الكتاب السوري وإلا فإنها كانت مقررة قبل ذلك.
وأضاف: اخترنا هذا العام موضوع «الترجمة والمثاقفة» لما له من أهمية، على اعتبار أن الترجمة أداة أساسية من أدوات التبادل الثقافي والمعرفي والفكري بين الأمم، فلولا الترجمة لما كان هذا التبادل موجوداً.
وأكد أنه من المهم التركيز على هذا الموضوع لما تنطوي عليه المثاقفة من مسائل الهيمنة الفكرية والثقافية واللغوية، وربما ينبغي التنبه إلى أثر اللغات والثقافات المهيمنة، على الأقل لنكن على إدراك ونتجنب ما يمكن أن يسيء إلى ثقافتنا ونأخذ ما يفيدنا.
وأشار إلى أن ما ننشره في سورية من خلال الخطة الوطنية للترجمة يختلف عما تختاره دور نشر أخرى في بلدان عربية مثل الإمارات ومصر على سبيل المثال.
وختم: انطلاقاً من رؤيتنا بأن الترجمة عملية تنويرية، فإننا نركز على الكتب التي تفتح الأفق أمام المفكر والكاتب والباحث والطالب السوري لكي يعرفوا ما ينتج في دور النشر ومراكز الأبحاث العالمية، ونحاول أن ننقل أفضل ما ينتج إلى القارئ السوري.
رسالة المترجمين السوريين
وألقت آلاء أبو زرار رسالة المترجمين السوريين في اليوم العالمي للترجمة، ومما جاء فيها: عملت الهيئة العامة السورية للكتاب منذ سنوات عديدة على دفع عجلة الترجمة وعلى تشجيع المترجمين لتقديم أعمالهم بأبهى حلة من خلال المشروع الوطني للترجمة الذي يقدم سنوياً عناوين رائدة ومتنوعة ومن لغات مختلفة.
وقالت: المترجم السوري قادر على ترك بصمته أينما حل، والمكتبات العالمية والعربية تشهد على نصوص ترجمت بكل براعة بأيادٍ سورية خالصة ومخلصة لرسالة الترجمة السامية، ولم يتوقف عطاء المترجم السوري على الرغم من كل الصعوبات التي طالت مسيرته في سنوات الحرب، ويظل سبّاقاً في جميع أفرع الترجمة التحريرية منها والسمع بصرية وصولاً للترجمة الفورية.
ووجهت الرسالة شكرها لكل من يعمل من أجل الترجمة من وإلى اللغة العربية، مهما اختلفت وتنوعت الاختصاصات من كتّاب ومترجمين ومدققين لغويين وناشرين، والتقدير الكبير للجنود المجهولين ألا وهم المعلمون الذين أمضوا حياتهم في تأهيل أجيال واعدة من المترجمين.
المحاضرون
افتتح د. غسان السيد الندوة بحديثه عن «الترجمة وتاريخ الأديان» فقال: نحن نسبح بعالم من الرموز التي تنتمي إلى العبادات القديمة من دون أن نعرف خلفياتها والتي فسرها الباحثون الاجانب الذين كشفوا عن مراحل التطور البشري وعلاقة الإنسان بالظاهرة الدينية.
وبعنوان «هيمنة اللغة الإنكليزية وأثرها في المثاقفة»، أكد محمد نجدة شهيد أن الاستعمار البريطاني كان أحد الأسباب الرئيسية لهيمنة اللغة الإنكليزية في العالم، لأن بريطانيا في صورة الإمبراطورية الاستعمارية التي لا تغيب عنها الشمس، كانت تحكم ثلث مساحة العالم التي يقطنها ربع سكان العالم، فكان هذا الاستعمار كفيلاً بفرض الإنكليزية لغة وثقافة في تلك البقاع الشاسعة.
بدوره، تحدث مهند محاسنه عن «الترجمة الأدبية رسول الثقافة والوجدان» فقال: إن التفاعل بين الأدب المترجم والمحلي يثري الأدب المحلي ويطوره، فالعديد من الأدباء العرب تأثروا بأساليب وتقنيات جديدة من خلال النصوص المترجمة، ما أسهم في تطوير نتاجهم الأدبي. مضيفاً: إن أعظم إنجازات الترجمة الأدبية قدرتها على نقل التجارب الإنسانية المشتركة بين الشعوب.
أما عبير حمود فتحدثت عن «الترجمة وتأثيرها في الرأي العام» فقالت: إن التطور البشري المذهل في هذا العصر لم يكن ليحدث لولا الترجمة، فالترجمة تعتبر نافذة نطل عبرها على منجزات الآخر مثلما تجعل هذا الآخر مطلاً على منجزاتنا في العلم والآداب من دون أي حواجز، وشرطها الوحيد إتقان لغتين.. لغة المصدر ولغة الهدف.
واختتم حسام الدين خضور الجلسة بحديثه عن «تأثير الترجمة في المثاقفة: الأندلس مثالاً».
اليوم الثاني
تستكمل الفعاليات اليوم بجلستين، يدير الأولى ويشارك فيها د. باسل المسالمة عن الترجمة وأثرها في المثاقفة، ود. أماني العيد عن أثر الترجمة في صناعة الرأي العام، ود. عدنان عزوز عن قابلية نقل اللغة الإنكليزية ودورها في تشكيل هوية وسائل الإعلام، وآلاء أبو زرار عن هجرة الكلمات من لغة الضاد إلى بلاد الأندلس، وتختتم الجسلة الأولى مع رهف الخطيب عن اللغة الإنكليزية بوصفها لغة عالمية وأثرها في المثاقفة.
أما الجلسة الثانية فتديرها د. أماني العيد، ويحاضر فيها د. ميسون علي عن دور الترجمة والمثاقفة في تطور المسرح العربي، وهلا دقوري عن الترجمة بين المثاقفة والعولمة، وشنتال جرجس عن الترجمة والبنيان في تاريخ الأديان، وثراء الرومي عن درر شرقية على ألسنة غربية، وشادي حمود عن الترجمة بين تاريخ الأديان والمثاقفة الأندلسية.