رياضة

بعد دورتي الهند وتايلاند الوديتين … قراءة في تشكيل وأداء لاعبي المنتخب الوطني … طريق بناء المنتخب طويل ويحتاج إلى جهد وصبر وانتظار

| ناصر النجار

أقام منتخبنا الوطني لكرة القدم معسكرين خارجيين في فترتي التوقف الدولي الحالية والماضية لعب فيهما أربع مباريات متفاوتة المستوى، حاز فيهما بطولة الهند والوصيف في بطولة كأس تايلاند، البطولتان قديمتا العهد، وفي كل موسم كانت كل بطولة تأخذ شكلاً معيناً، لكن بعد لجوء المنتخبات إلى اللعب في أيام الفيفا أخذت هذه البطولات الشكل الذي شاهدناه فيها.

منتخبنا لعب أربع مباريات فاز في ثلاث مباريات على موريشيوس 2/صفر وعلى الهند 3/صفر وعلى طاجكستان 1/صفر وخسر أمام تايلاند 1/2، سجل سبعة أهداف ودخل مرماه هدفان، وسجل أهدافه كل من: مصطفى عبد اللطيف ومحمود المواس ومحمود الأسود وداليهو إيراندوست وبابلو صباغ ومحمد عثمان وإيزاكيل العم، وكما نلاحظ أن الأهداف السبعة سجلها سبعة لاعبين أغلبهم يشغلون مواقع وسط الفريق، وهذا يدل على أن المدرب منح خط الوسط حرية التحرك دون أن يقيدهم في مراكزهم.

المدرب الإسباني اختار 31 لاعباً في البطولتين جميعهم تم منحهم الفرصة الكاملة باستثناء أحمد مدنية الذي بقي على مقاعد الاحتياط في المباريات الأربع ومصطفى جنيد الذي شارك لمدة خمس دقائق في الوقت المضاف من المباراة الأخيرة مع تايلاند وطبعاً لم يختبر جيداً.

تفاوتت قوة المنتخبات التي لعب معها منتخبنا، ونلاحظ أن مستوى منتخبات دورة تايلاند أعلى منه في دورة الهند، ومع ذلك فهذه المباريات مفيدة وجيدة من نواح عدة أولاها: بناء منتخب جديد تتم تجربة فيه اللاعبين، يلزمه التدرج من الأسفل إلى الأعلى في مستوى الفرق وإمكانياتها، وثانيتها: مثل هذه الفرق سنواجهها في التصفيات الآسيوية القادمة التي ستنطلق في آذار المقبل ومن المفيد التجريب معها والاطلاع على مدارسها ومستوياتها.

وثالثتها: المباريات في فترة التوقف الدولي لها أهمية من ناحية التصنيف الدولي ومثل هذه المباريات قد ترفعك درجة أو تبقيك في مركزك في أسوأ الأحوال، بينما عندما تغيب عن هذه التوقفات فعلى الأغلب ستخسر مركزك لأن المنتخبات الأخرى القريبة منك تلعب وتأخذ نقاطاً.

المباراة الأخيرة مع تايلاند ليست جيدة بالشكل العام وربما كانت من أسوأ المباريات التي لعبها منتخبنا بعهد خوسيه لانا، وإذا بحثنا عن المبررات لوجدناها، ولكن أهم من المبررات هو البحث عن الفوائد التي يمكن أن يجنيها المدرب من الخسارة، ولولا الخسارة فقد تعمى الأبصار عن الكثير من الأخطاء التي ارتكبها اللاعبون وربما المدرب، ولو افترضنا جدلاً أن المباراة انتهت إلى التعادل وذهبت إلى ركلات الترجيح ومال الحظ إلى جانبنا، فهل كنا سنغير قناعاتنا الحالية، وهل سنصفق مع المطبلين والمزمرين؟

للعدل والإنصاف نقول إن الحظ لم يخدم منتخبنا في هذه البطولة للغياب المؤثر في صفوفه فإيميليانو عمّور وبابلو صباغ اعتذرا لحاجة ناديهما إليهما في مباريات حاسمة وفاصلة وداليهو إيراندوست أصيب قبل السفر، وفي المعسكر أصيب محمود الأسود وعمار رمضان والياس هدايا، هؤلاء اقتنع بهم المدرب لذلك شكل غيابهم خرقاً في تشكيلتهم باعتبارهم أعمدة يمكن البناء عليها كخطوة أولى، لذلك تم تغيير شكل التشكيلة برؤية جديدة ثم تجربة لاعبين جدد، وتم تغيير بعض المراكز لبعض اللاعبين، وكل هذه الخطوات مهمة في عملية إعادة بناء المنتخب ورسم شخصية جديدة له ليصبح ذو هوية محترمة، وإذا استمرت هذه الخطوات بنجاح، فعلينا تقييم عمل المدرب بعد سنة من الآن، وعلينا ألا نستهين بالتصفيات الآسيوية القادمة، فكما أن هناك فرقاً ضعيفة ويمكن أن نغلبها بسهولة، هناك فرق عديدة بدأت تزحف نحو نور كرة القدم ولديها الطموح للوصول إلى النهائيات وقد تطورت كثيراً ونضجت وصار يحسب لها ألف حساب.

خسرنا مع تايلاند، والمنطق أن نخسر في التوقف القادم مع روسيا إن ثبتت المباراة، ليس المهم الفوز أو الخسارة في هذه الفترة التحضيرية، المهم أن نشعر أن هناك نقاطاً إضافية إيجابية لمسناها في المنتخب، ودوماً البناء يحتاج إلى الوقت والجهد والإخلاص والصبر، لذلك علينا ألا نستعجل النتائج قبل أن تتبلور الأمور ويستقر منتخبنا على مجموعة من اللاعبين القادرين على الدفاع عن ألوانه، مع العلم أن كل منتخب لديه عشرون لاعباً أساسياً ومثلهم على خط الانتظار وهم مؤهلون لدخول المنتخب في أي وقت.

حقيقة واقعة

علينا ألا نعلي السقف كثيراً، لأن المفترض أن ننظر إلى واقعنا بعقل ومنطق وعين بصيرة، اتحاد الكرة يحفر بالصخر (هذا ليس مديحاً، بل هو الواقع) وربما الذين يعيشون حياة رفاهية وينظرون علينا من مواقعهم لا يدرون الواقع الصعب الذي تعيشه كرتنا، ويريدون من كرتنا بغمضة عين أن تنافس اليابان وكوريا الجنوبية، ونحن نؤكد أن كرتنا في الوقت الحالي غير قادرة على منافسة الأردن أو العراق!

هذه هي الحقيقة، فاللاعب المغترب مهما علا شأنه وارتفع مستواه يمكن أن يشكل إضافة إلى المنتخب، لكنه لا يمكن أن يقلع به نحو أجواء كلنا يحلم بها.

ما ينقصنا الكثير لتحقيق أدنى أحلامنا وطموحنا، وعلينا أن نتذكر نواقصنا على الدوام حتى لا نصاب بالإحباط وحتى نبقى نعمل بجد وإخلاص لتجاوز هذه النواقص والعثرات.

من هذه النواقص نورد الخبر الآتي: (منتخب نيجيريا غادر ليبيا بطائرته الخاصة) ما يهمنا من الخبر أن الكثير من الاتحادات الوطنية تملك طائرات خاصة، ومن لا يملك فهو يستأجر، وحتى ألا يقال إن لاعبي منخبنا من كل أصقاع العالم، ونقول: كل المنتخبات تجتمع في مكان ثم تسافر إلى مقصدها، ونحن كم عانينا من شركات الطيران وهذا مسموح وهذا غير مسموح، وكم مرة استغرقت رحلة منتخبنا يومين أو أكثر ليصل إلى شرق آسيا، وكل هذا الجهد والتعب والمشقة له حساباته عند الدول المتطورة أو التي تريد التطور، للأسف اتحاد كرة القدم لا يملك أي وسيلة نقل ولو بولماناً حديثاً!

في الإمكانيات المالية، اتحاد الكرة لا يملك ماله، وغير قادر على التصرف بكل ما يصله من أموال سواء على شكل دفعات ومساعدات من الاتحادين الدولي والآسيوي أو على شكل حصص من ريوع المشاركات أو على شكل مكافآت الفوز كما حدث في دورتي الهند وتايلاند، أي نفقة ولو كانت بأي شكل يجب أن يسمح بها الفيفا مسبقاً وتصرف عن طريقه تحديداً.

لا يمكن لكرتنا أن تلعب خارج محيطها، فالعقوبات المفروضة علينا تقف حائلاً أمام معسكرات خارجية في أوروبا (مثلاً) لذلك تقتصر معسكرات منتخباتنا على الدول التي تقبل أن تستقبلنا وتمنحنا الفيزا، وهذا يفسر دوماً سبب إقامة المعسكرات في لبنان والأردن والعراق وبعض دول الخليج، وتستثنى هنا المشاركات الرسمية والدورات الودية التي ندعى إليها.

هناك حظر على ملاعبنا، فلا يمكننا أن نستقبل على ملاعبنا أي منتخب أو فريق ولو كان من الدرجة الرابعة في بلاده، وكم نحن متشوقون لرؤية منتخبنا بكل لاعبيه المغتربين على أرضنا، ولو كانت مباراة تايلاند في أي محافظة سورية لكان الوضع مغايراً تماماً لما حصل، فالأرض والجمهور لهما الدور الكبير وهما السلاح الفعال في كرة القدم.

وعلى ذكر الملاعب، وهذه منقصة ونلام عليها، لا يوجد لدينا أي ملعب صالح ليتدرب عليه أي منتخب، وربما ملعب الفيحاء الذي تعهدته شركة ماليزية وسينتهي قريباً من إعادة بنائه وزراعته هو الملعب الوحيد الذي سيكون جاهزاً لتدريبات المنتخبات عليه، ويحتاج الكثير ليستقبل مباريات خارجية ونقصد هنا مرافق الملعب وملحقاته.

وكم اشتقنا لهذا الطوفان الجماهيري الذي شاهدناه في ملعب المباراة في تايلاند وهذا التشجيع الأخلاقي والممتع، وسبق أن أعلنت رئيسة الاتحاد التايلاندي عن بيع كامل تذاكر المباراة البالغة بحدود 25 ألف تذكرة قبل المباراة بساعات.

السؤال: متى سنصل إلى هذه الحالة من التنظيم والتشجيع الإيجابي دون شتائم وشغب؟

خيارات خارجية

المدرب الإسباني خوسيه لانا وضح للعيان أن خياراته تتجه نحو اللاعب المغترب، وهو في حالة بحث دائم عن هؤلاء اللاعبين ومدى جودتهم وصلاحيتهم لتمثيل المنتخب الوطني.

ولاشك أنه في كل توقف (كما كوبر) يتم استدعاء بعض اللاعبين لتجربتهم، نستطيع الجزم أنه ليس كل لاعب مغترب صالحاً لتمثيل المنتخب، وهذا ما أكده المدرب نفسه، لذلك رحلة التجريب ما زالت مستمرة ولن تنتهي، ولأن منتخبنا في الفترة الحالية لا ينتظره أي استحقاق قوي، فلا مانع من استمرار تجريب اللاعبين ولو استمر هذا الوضع لمدة عام، المهم أن نصل إلى قناعة باللاعبين الذين سيمثلون منتخبنا وإلى اتفاق بعدم النكوص بالعهد من أي لاعب، فالتجارب السابقة مع اللاعبين المحليين والمغتربين أعطتنا دروساً كثيرة في هذا المجال، وحسبنا ما وقعنا فيه سابقاً.

المصلحة مع اللاعبين المغتربين مشتركة، فمنتخبنا يستفيد من اللاعب الذي يشكل إضافة جيدة فيه، واللاعب يستفيد فترفع القيمة السوقية له في سوق أسعار اللاعبين وكلنا يعلم أن لاعب المنتخب له وضع مغاير عن بقية اللاعبين، ونحن نتكلم عن مستويات معينة ولا نقارنها اليوم بمستويات المنتخبات واللاعبين المحترفين من النخب الأول.

من خلال دورتي الهند وتايلاند نعتقد أن المدرب اقتنع بالحراس الثلاثة استيبان جليل والياس هدايا وأحمد مدنية، ولا يمكن البحث عن حارس محلي، ولا ندري إن كان هناك حارس مغترب سيتم اكتشافه لاحقاً.

في بقية الخطوط ما زالت الأمور غامضة، وخصوصاً في خط الهجوم الذي ما زال فارغاً وعلى ما يبدو لم يقتنع بأي مهاجم محلي حتى الآن، ويبحث عن مغتربين لتعزيز هذا الخط، لذلك فإن أكثر ما يركز عليه المدرب هو خط الوسط وصارت الخيارات عنده واسعة وجيدة.

خط الدفاع وصل إلى قناعة فيه بلغت خمسين بالمئة وما زال يجرب في الأظهرة وهي مهمة بالنسبة له، لأنه يفضل الظهير المهاجم أو القادر على القيام بالمهام الدفاعية والهجومية بآن معاً ومن الطبيعي أنه يبحث عن صغار السن ليكونوا ذخيرة المنتخب في المستقبل، فلا غرابة إن وجدنا أنه قد انتقى بعض اللاعبين من عمر الشباب سواء من المحليين أم المغتربين.

اللاعبون المشاركون

إضافة لمشاركة اللاعب في المباريات، فإنه منظور في التمارين، والمدرب دوماً يركز على الحضور الذهني وعلى ثقافة اللاعب الكروية وعلى مدى استيعابه لطبيعة مركزه وتعليمات مدربه وتطبيقها ومدى استجابته وتطوره.

القائمة الآتية تشير إلى مشاركة اللاعبين الـ31 مع المنتخب في المباريات الأربع السابقة مع عدد الدقائق، مع الملاحظة أن عدد الدقائق المحسوب حسب ما وصلنا ويمكن أن يزيد بضع دقائق أو ينقص مثلها.

الحارس استيبان جليل 270 دقيقة، الحارس الياس هدايا 90 دقيقة أصيب في تايلاند، الحارس أحمد مدنية لم يشارك، إيميليانو عمور 90 دقيقة لم يحضر في تايلاند، مؤيد العجان 98 دقيقة لم يحضر في تايلاند، أيهم أوسو 300 دقيقة، خالد كردغلي 165 دقيقة، المار إبراهام 230 دقيقة، مؤيد الخولي 90 دقيقة لم يحضر في تايلاند، ثائر كروما 200 دقيقة، محمد عثمان 210 دقائق.

مصطفى عبد اللطيف 80 دقيقة لم يحضر في تايلاند، داليهو إيراندوست 85 دقيقة لم يحضر في تايلاند، نوح شمعون 150 دقيقة، بابلو صباغ 120 دقيقة لم يحضر في تايلاند، محمود الأسود 120 دقيقة أصيب في تايلاند، علاء الدين دالي 72 دقيقة لم يحضر في تايلاند، محمود المواس 250 دقيقة، محمد الحلاق 160 دقيقة، علي الرينة 65 دقيقة، عمرو ميداني 210 دقائق، أحمد فقا 210 دقائق، محمد المرمور 65 دقيقة لم يحضر في تايلاند، عمار رمضان 30 دقيقة أصيب في الهند وفي تايلاند.

المشاركون في تايلاند فقط: محمد العنز 65 دقيقة، مصطفى جنيد 5 دقائق، محمد الصلخدي 120 دقيقة، أوغناسيو إبراهام 120 دقيقة، سيمون أمين 120 دقيقة، توبياس القاضي 120 دقيقة، إيزاكيل العم 110 دقائق.

مع الإشارة إلى أن تشكيلتي الهند وتايلاند ليستا نهائيتين ومن الممكن أن نرى اللاعبين الغائبين في دورة تايلاند مرة أخرى، ولا أعتقد أن هناك ما يسمى استبعاداً نهائياً، فاللاعب هو من يفرض نفسه على المدرب.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن