وحدن بيبقوا.. أمسية غنائية للفرقة الوطنية السورية للموسيقا العربية … فتح الله: الموسيقا مطلوبة في الحرب والسلم ولدينا إيمان بمسؤوليتها الإنسانية والتربوية
| مصعب أيوب
برعاية وزارة الثقافة احتضنت دار الأسد للثقافة والفنون مساء الخميس ١٧ تشرين الأول الحفل الغنائي الموسيقي «وحدن بيبقوا» لمجموعة من الأغاني الوطنية التي قدمتها الفرقة الوطنية السورية للموسيقا العربية بقيادة المايسترو عدنان فتح الله ضمن حشد رسمي وجماهيري كبير تجمهر في قاعة الأوبرا، وقدم الأغنيات كورال الفرقة وعدد من المغنين الشباب منهم سيلفي سليمان وسناء بركات ورماح شلغين.
باقة متنوعة
أججت أغنيات الحفل مشاعر الحماس ولهيب النضال لدى الجمهور ولا سيما بالتزامن مع الظروف العصيبة التي تمر على منطقتنا في الصراع مع العدو الصهيوني، فغنّى «كورال الفرقة الوطنية السورية للموسيقا العربية» أغلب أغنيات الحفل، وكانت البداية مع أغنية فيروز (وطني.. يا جبل الغيم الأزرق) من كلمات وألحان الأخوين رحباني.
وتابع الكورال مع أغنية (مقاوم) لجوليا بطرس من كلمات جواد نصر الله وألحان زياد بطرس، والتي تقول في مطلعها (عاب مجدك بالمذلّة والهزائم.. حينما هبّ الجنوب لكي يقاوم).
كما حضرت أغنية (أنا سوري وأرضي عربية) التي كتبها ولحّنها إيلي شويري قائلاً فيها (ما زال النسر على القممِ.. يعانق مجدك سوريّة).
وصدحت المغنية «سيلفي سليمان» بصوتها أغنية (أصبح عندي الآن بندقية.. إلى فلسطين خذوني معكم) للشاعر نزار قباني والتي لحّنها محمد عبد الوهاب وغنتها أم كلثوم.
ولزكي ناصيف غنى الكورال (مهما يتجرّح بلدنا منلمّو ولو كنا قلال).
ومن مشاركة المغنية «سناء بركات» كانت أغنية (وحدن بيبقوا)، لفيروز من ألحان زياد الرحباني، وفيها يمجّد الشاعر طلال حيدر قصة الشبان الثلاثة الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل وطنهم.
تلاها أغنية لفيروز من ألحان الأخوين رحباني (سيفٌ فليُشهر) والمعروفة بـ (الآن الآن وليس غداً) أداها الكورال، ويؤكد فيها الشاعر سعيد عقل على حق عودة الفلسطينيين إلى أرضهم المغتصبة.
أما المغني «رمّاح شلغين» فشارك بأغنية (هيدي فلسطين) لمعين شريف التي كتبها جهاد أبو خليل ولحّنها زياد بطرس.
ثم عاد الكورال ليمتع الجمهور بأغنية (أطلق نيرانك لاترحم) لجوليا بطرس، من ألحان زياد بطرس وكلمات نبيل أبو عبدو.
وفي الختام حضرت أغنية (يا جبل مايهزك ريح) بصوت الكورال للراحلة ميادة بسيليس من كلمات سمير طحان وألحان سمير كويفاتي.
انتماء للوطن
أوضح المايسترو عدنان فتح الله أن الفرقة الوطنية السورية للموسيقا العربية منذ عدة سنوات،ومع بداية الحرب على سورية، كان لديها إيمان حقيقي بأهمية الموسيقا، وتمتلك هدفاً ومنطلقاً مهماً، حيث إنها لغة الروح لكل زمان ومكان، ولا ترتبط بالرفاهية إطلاقاً، ومطلوبة في الحرب والسلم على حد سواء، ويأتي ذلك من دورها الجوهري النابع من مسؤوليتها الإنسانية والتربوية، وعليه قررنا التواجد في المسارح ومعظم الفعاليات بشكل مستمر من دون انقطاع برغم ما مررنا به، ولكن الإيمان الذي يسكننا يحتم علينا المواصلة وتقديم الأفضل.
وتابع: اليوم نعيش ظروفاً صعبة بالتأكيد وللموسيقا دور مهم وعظيم، فهي تلامس مشاعر الناس وتداعب عواطفهم، وتساعدنا في قول كلمتنا من خلالها والتعبير عن الحب والانتماء للوطن والأرض والانخراط بقضيتنا، ومن أجل ذلك أقمنا هذا الحفل بمشاركة سيلفي سليمان وسناء بركات ورماح لفين وكورال الفرقة، وسنقدم مجموعة من الأغاني الوطنية.
كوادر متميزة
وتوجه فتح الله لجميع الموسيقيين والفنانين والمغنين الذين يعملون من دون كلل أو تعب ويقدمون جهوداً جبارة وخاصة المدرسين الذين حملوا مهمة متابعة الطريق، ورفد الحركة الموسيقية والغنائية بكوادر متميزة وموهوبة، مشيراً إلى أن جميع هذه الأجناس تعمل لنقل رسالة المحبة والسلام.
وعن عنوان الأمسية «وحدن بيبقوا» قال فتح الله: إنه موجّه إلى كل الأشخاص الشرفاء الذين سكنوا ذاكرتنا والذين ضحّوا بأرواحهم للدفاع عن أرضهم، وأيضاً إلى كل الذين مازالوا يناضلون في سبيل قضيتهم ويقدمون الغالي والنفيس لتكون هذه الأرض حرة عزيزة وكريمة، ومن المؤكد أن صاحب الحق هو من سيبقى.
دعم ومساندة
في كلمة لـ«الوطن» قالت المغنية سناء بركات: نحن كمغنين علينا مسؤولية كبيرة في دعم ونشر الأغنية الوطنية والمقاومة، ونحن نحمل رسالة الموسيقا والسلام لما للأغنية من دور مهم في المقاومة والصمود، مؤكدة أنه لا بد لنا من أن ندعم المقاومين بشتى الأشكال الثقافية التي من شأنها أن تشحذ الهمم وتكشف زيف الرواية الغربية.
وأضافت إن الكلمات التي تحتويها الأغنية الوطنية والمقاومة تحمل معاني كثيرة وواسعة، وتدعم وتساند بشكل أو بآخر الكفاح والنضال ضد العدو الإسرائيلي وهذه الرسالة نحن كموسيقيين من واجبنا أن نقدمها.
ولفتت إلى أنه لا بد من أن يكون للكلمة وقع قوي وهي تشحذ الهمم والنفوس بالتأكيد، وقد كان ذلك جلياً خلال الحرب المدمرة التي عاشتها سورية في العقد المنصرم، إذ أثبتت الأغنية الحماسية قوتها وكفاءتها.
عملية فدائية
وعن أغنيتها في الحفل «وحدن بيبقوا» تقول بركات: الأغنية كما نعلم للعظيمة فيروز وهي تتمحور حول ثلاثة رجال كانوا يدخلون الغابة كل يوم أمام شرفة الشاعر طلال حيدر.
وكان الشاعر يتساءل حينها ماذا يفعل هؤلاء الشبان داخل الغابة من الصباح إلى المساء؟ إلى أن أتى اليوم الذي ألقى الشبان التحية على طلال حيدر في الصباح ودخلوا الغابة، و في المساء خرج طلال حيدر ليشرب قهوته لكنه لم يرَ الشبان يخرجون فانتظرهم لكنهم لم يخرجوا، فقلق عليهم، إلى أن وصله خبر يقول: إنّ ثلاثة شبّان فلسطينيين قاموا بعملية فدائيّة وسط الكيان الصهيوني، وعندما شاهد صور الشبّان الثلاثة فوجئ بأن الشبان الذين استشهدوا هم أنفسهم الشبان الذين اعتاد أن يتلقى التحية منهم في الصباح والمساء.
فنفذ هؤلاء عملية ضد إسرائيل في مستوطنة كريات شمونة، شمالي فلسطين المحتلة، صباح 11 نيسان 1974، وكان أبطالها من مقاتلي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة، وهم الفلسطيني منير المغربي (أبو خالد)، والحلبي السوري أحمد الشيخ محمود، والعراقي ياسين موسى فزاع الحوزاني (أبو هادي)، الذين استشهدوا في تاريخ العملية.
خاتمةً: إن هؤلاء الأبطال خلّدهم التاريخ بعد أن ضحوا بأرواحهم في سبيل الوطن، ووحدهم يبقون بجبروتهم علماً يرفرف في سماء الكرامة، فاختار الشاعر طلال حيدر مجموعة من الصورٌ والمعاني التي أبرزت جمال وعظمة التضحية وعززت الثقة بالمقاومة والكفاح.