أسماء فيومي تفتتح معرضها «قلق شك يقين» … مزيج من الألوان للتعبير عن الحزن والمعاناة
| مايا سلامي – ت: طارق السعدوني
تأخذ الفنانة التشكيلية أسماء فيومي لوحتها إلى ما هو أبعد من الرسم واللون فتجعل منها وثيقة تاريخية شاهدة على أحداث حياتها وكل ما عاصرته من حروب ومشاعر سعيدة وحزينة.
وها هي اليوم تكمل مسيرتها الرائدة بافتتاح معرض «قلق شك يقين» في غاليري «آرت فيجن» بدمشق، الذي قدمت فيه ما يقارب الـ40 عملاً عكست فيها الأوضاع الأليمة الحالية التي تعيشها بلداننا العربية بصورة المرأة الثكلى والأطفال والوجوه الخائفة والحزينة، التي عبرت عنها بخليط من ألوان الأسود والأحمر بالإضافة إلى الأبيض الذي اخترق عتمة اللوحة ليشير إلى الأمل والحياة.
تفريغ الداخل
وفي تصريح خاص لـ«الوطن» تحدثت الفنانة التشكيلية أسماء فيومي عن فكرة المعرض، قائلة: «نحن نعيش بالقلق وجميعنا مضطر إلى ملاحقة الأحداث التي تجري حولنا، ومنذ طفولتي وعيت على الحروب وحضرت العديد منها وهذا الشيء خلق عندي قلقاً دائماً، وشكاً بالشيء الذي أفعله حيث دائماً ما أطرح على نفسي سؤالاً هل ما أقوم به صحيح؟ وعندما أبدأ بعمل أي لوحة أشك بكل شيء أرسمه فيها، حتى أنتهي منها وأصل إلى اليقين بأن ما فعلته كان صحيحاً. كما أنني من النوع الذي يجرب كثيراً وأخوض تجربة وراء تجربة وأرسم منذ 60 عاماً وهذا الشيء خلق عندي هذا اليقين الذي يأتي بعد القلق والشك».
وأوضحت أن معظم اللوحات تتحدث عن غزة والأم الثكلى والمرأة المسلوبة، والموت الذي يلاحق الأطفال، منوهة بأنها صورتهم بألوان الأحمر والأسود والأبيض.
وأضافت: «من سنة تقريباً وأنا أحضر لهذا المعرض، كما أنني أعمل بشكل متواصل لذلك هناك لوحات من أعوام مختلفة، حيث أعايش باستمرار ما يحدث حولي من أحداث، حتى عندما كان أطفالي صغاراً كنت أسجل حياتي وحياة من حولي بالإضافة إلى آلام الوطن وأحداثه، فالرسم بالنسبة لي هو تفريغ الداخل».
عيون واسعة
وبين الناقد سعد القاسم أن أسماء فيومي ارتبط اسمها تاريخياً بالأعمال الفنية التي تتعلق بمعاناة الأطفال والحروب والقتل والعدوان الإسرائيلي المستمر، وهذا المعرض يأتي منسجماً مع مسيرتها الفنية كاملة.
وأوضح أن ما يميز لوحات أسماء العيون الواسعة والكبيرة الموجودة بداخلها والتي دائماً ما تكون الملامح الوحيدة الواضحة بين الأشكال التي تتجه نحو التلاشي أو الاختفاء، منوهاً بأن العيون هي التي تعكس المشاعر والمعرفة والألم والأمل والظلم، لذلك ركزت على هذا الجانب في أعمالها.
وأكد أن أهمية أسماء لا تنبع من كونها فنانة أنثى بل لأنها فنانة تستمد قيمتها من إبداعها، لافتاً إلى أنها كانت طالبة متفوقة ومجتهدة في كلية الفنون وكان عندها القدرة على التحدي وإثبات الذات.
قامة إبداعية
وقال الفنان التشكيلي وليد الآغا: «نحن أمام قامة إبداعية من رائدات الفن السوري اللواتي أثبتن جدارتهن بأن المرأة السورية لا تقل بإبداعها عن أي امرأة موجودة في العالم، والفنانة أسماء استطاعت أن تضع بصمتها بحضور قوي ومميز جداً، وهي ابنة هذا البلد الذي عبرت عنه بإحساسها بالحدث والحب والطفولة».
وأوضح أنها أسست مدرسة ترفع لها القبعة، وأثبتت بالمحافل الفنية الدولية وجودها من خلال لوحاتها التي تحدثت فيها عن سورية، وهذا شيء مهم جداً أن يكون للفنان خصوصية تعنى ببلده، فترجمت هذه الأشياء ضمن ثقافتها وفكرها وإبداعها.
لوحة هادئة
وبين الفنان التشكيلي أحمد أبو زينة أن من يتابع تجربة أسماء فيومي منذ مدة طويلة لا يتفاجأ بهذا المعرض، لأن لوحاتها لطالما كانت محببة وتدخل إل قلب المتلقي بكل سلاسة لأنها تتحدث عن الطفولة والأسرة والنساء، وهي من الفنانات اللواتي يحب الناس أعمالهن لسهولتها واللوحة التي لا تدخل قلب المتلقي أعتبرها معقدة تأخذ الإنسان إلى مكان مختلف عن معناها، على عكس لوحة أسماء الهادئة واللطيفة والجميلة.
مشاعر متداخلة
وقالت مديرة غاليري «آرت فيجن» نور سلمان: «كنت متحمسة جداً لإقامة هذا المعرض لأن أسماء فيومي من الأسماء التي أحب أعمالها كثيراً لحضور المرأة في جميع لوحاتها وكيفية تعبيرها عن مشاعرها، وهذا المعرض يتحدث عن الأوضاع التي نعيشها حالياً وكيف أننا نمر بحالات من الشك والقلق حتى نصل إلى اليقين، وفيه الكثير من المشاعر المتداخلة كالغضب والسعادة والحزن، وتزامن افتتاحه مع الأحداث المؤسفة التي تمر بمنطقتنا».