سلة اللاذقية تحتضر في غرفة الإنعاش وتعاني الأمرين والحلول مازالت غائبة
| مهند الحسني
يتداول الناس المثل العربي القائل «أحشفاً وسوء كيلة» بلغة الوجع والخيبة، وقصة هذا المثل كما يقال: إن رجلاً اشترى من تاجر تمراً فأعطاه حشفاً وهو «التمر الرديء» الذي ليس له نوى لشدة رداءته، ثم أساء له في الكيل والوزن، فقال له: أحشفاً وسوء كيلة؟ ويبدو أن اتحاد كرة السلة العتيد وبعد مهازل الدوري التنظيمية وبعد اختراعه لنظام اللوائح المطاطية المرنة القادرة على الشد والرخي بكل الاتجاهات، وبعد ملفات المنتخبات الخاسرة وبعد ملفات الرعاية القاصرة وبعد أن أحاق الفشل من الاتجاهات كافة بعمل الاتحاد حتى وصل الأمر لعقوبات وغرامات مالية ما أنزل بها من سلطان، بدت في عهده رقعة شعبية اللعبة في تراجع واضح حتى كادت تصل إلى حد الهاوية في حال بقي الحال على ما هو عليه من دون أي تحرك جدي في الاتجاه الصحيح.
حقيقة لابد منها
على ضوء ما ذكرناه ليس اتحاد السلة هو المعني في هذا التراجع، فهناك أسباب أقوى فرضت نفسها بقوة على أجواء اللعبة وساهمت في تراجعها يأتي في مقدمتها ضعف الإمكانات المادية وضيق ذات اليد لجميع الأندية وهناك أمثلة حية على صحة ما نقوله، فاللعبة في نادي الجيش منذ ثلاثة مواسم ليست بخير والنادي الذي كان مفرخة للنجوم ويستطيع أن يتعاقد مع أي لاعب أجنبي بات بسبب تراجع ميزانياته عاجزاً عن التعاقد مع لاعب أجنبي متواضع المستوى، وفي نادي قاسيون الإدارة حلت اللعبة وأراحت رأسها من شح الإمكانات المادية، وفي مدينة حمص اللعبة تعيش بظروف صعبة فإن وجد الدعم والداعمون كان للعبة نصيب وغير ذلك فاللعبة مصيرها مازال مجهولاً، وفي الشهباء فجميع أنديتها تعاني وإن اختلفت النسب غير أنها ليست بخير وهي في ضائقة مالية لا تحسد عليها، ووحدها سلة نادي الوحدة تعيش في حالة من الاستقرار في عهد الإدارة الحالية التي نجحت في تأمين موارد مالية جيدة لكنها مازالت آنية وغير مستمرة وأي هزة للإدارة لا سمح الله قد تطيح بكل أحلام القائمين على اللعبة.
وحديثنا اليوم عن سلة مدينة اللاذقية حيث لم يكن أشد المتشائمين يتوقع أن يكون مصير اللعبة على هذه الصورة المتواضعة والحزينة إلى أن وصلت إلى حد الهاوية.
حقائق ووقائع
ما سنذكره ليس سراً نود إفشاءه ولا هو حالة مغالى فيها وإنما هو حقيقة واقعة وملموسة تجري فصولها في مديتنا الساحلية الجميلة اللاذقية، فبعد أن توسمنا خيراً قبل موسمين بحماسة إدارة نادي تشرين على دعمها الكبير للعبة بشكل عام، غير أن توسمنا هذا لم يدم طويلاً بعد أن رفعت اللعبة راية الاستسلام وأعلنت أنها غير قادرة على الاستمرار، فبعد وفاة رئيس نادي تشرين طارق زيني لم تلق اللعبة أي دعم وأصبحت في آخر أولويات الإدارة الجديدة ونسوا أن فريق السيدات أصبح بعبعاً وفريقاً قوياً يحسب له ألف حساب، وبدأت حينها شعبية الفريق تزداد وتنافس قبل موسمين على المراكز الأربعة وضم الفريق العديد من أفضل اللاعبات على مستوى القطر لكن الإهمال وغياب الدعم أوصل الفريق إلى حد التلاشي وخسر لاعباته وكوادره وبات الفريق في مهب الريح وذكرى جميلة يستذكرها أهلنا في مدينة اللاذقية، أما فريق الرجال فلم يكن حاله أفضل فبعد أن نجح في الموسم قبل الماضي في البقاء بدوري الأضواء وقدم مستويات جيدة حسب الإمكانات المتاحة وبدلاً من أن يلقى الدعم والثناء من الإدارة تلقى الفريق حينها صفعة قاسية من إدارة لا تعرف من الرياضة سوى كرة القدم وأدارت ظهرها لأبسط متطلبات اللعبة في طريقة لا تمت للاحتراف بصلة، وانتهى الفريق نهاية تراجيدية يبدو أنها مكتوبة له من قبل محبي كرة القدم الذين فتحوا خزائن النادي أمام عقود لاعبي الكرة بطريقة فوضوية ويا ليت الحصاد كان مثمراً، فجاءت النتائج فجة وعلقمية وخسر النادي لقب بطولة الدوري الكروي وخسر لعبة كرة السلة التي كان مصيرها حزيناً ومؤلماً من دون أن نرى أي محاولات جدية لانتشال اللعبة.
ولم يتوقف الأمر عند انهيار اللعبة في نادي تشرين حيث كان لسلة نادي حطين نصيب كبير من الفشل والتراجع وعلى قول أهل الأمثال فإن الحال من بعضه من حيث ضعف الإمكانات المادية ، فالموسم الماضي كان فريق السيدات منافساً قوياً على المراكز المقدمة وشهد دعماً كبيراً وضم أفضل لاعبات القطر أمثال أليسا ماكريان لكن هذا الموسم بدأ يعاني ولعب أولى مبارياته بالدوري أمام فريق الثورة حيث قدم الفريق إلى العاصمة بثماني لاعبات وسط غياب مدرب الفريق بشار فاضل الذي غاب لأسباب غير معروفة، فقامت إحدى اللاعبات وأخذت دوره كمدربة في حادثة غريبة عجيبة في رياضتنا السورية بشكل عام.
خلاصة
سلة مدينة اللاذقية لا ينقصها خبرات ولا كوادر جيدة وإنما ينقصها التفاتة جدية وقوية من المعنيين على رياضتنا وسلتنا الوطنية لمعالجة همومها وشجونها وإلى دعم مادي لتتمكن اللعبة أن تستعيد عافيتها من جديد، ونحن متفائلون بذلك لأنها تضم مدربين ومحبين يعشقون اللعبة وهم قادرون على أن يضحوا من أجلها ومستعدون للعمل بشكل مجاني حباً وانتماء للعبة التي دخلت غرفة الإنعاش وتكاد تلفظ أنفاسها في حال بقيت الأمور على حالها.