رياضة

رهف زكريا كروم مدير البراعم في اتحاد الكرة … البراعم هم العصب الرئيس لبناء كرة قدم ناضجة ومتطورة

| ناصر النجار

كما قال الحكماء: «العلم في الصغر كالنقش على الحجر» وهذه القاعدة تنطبق على الرياضة وكرة القدم جزء مهم منها، واليوم أصبحت كسائر العلوم، لم تعد رياضة شعبية فقط، بل صارت علماً من العلوم لها أبحاثها ونظرياتها وأسلوبها المعتمد على الأفكار والبرمجيات وما شابه ذلك.

لذلك إذا أردنا الوصول إلى مكان بعيد بكرة القدم فعلينا بالاحتراف حسب الأصول، أما إذا كنا نريد البقاء في مكاننا فكرة القدم موجودة في كل مكان، في الشوارع، والملاعب الشعبية.

نهضة كرة القدم تبدأ من الصغر من سن البراعم، عندها يتعلم الطفل مهارات كرة القدم، يصبح شغوفاً بها، يبني علاقة متلازمة معها، والاختصاصيون يبنون هذه المواهب ويفجرون الطاقات، ويصبح في كل مكان، ناد أو مدرسة أو أكاديمية قاعدة جيدة من ممارسي كرة القدم على أصولها، لا ندعي أن كل هؤلاء سيصبحون لاعبين مهرة أو نجوماً، لكن سيخرج منهم مجموعة جيدة سيصبحون محترفين بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى.

لذلك كان التوجه نحو فئة البراعم والعناية بها، وهذا المشروع كان ضمن فكر اتحاد كرة القدم الحالي، لكن النظريات والأسس وضعت قبل ولادة الاتحاد الجديد، منذ عام 2019 عبر مدير قسم البراعم رهف كروم التي لم تتهيأ لها الظروف لولادة هذا المشروع المهم والحيوي حتى تبنى اتحاد صلاح رمضان هذا المشروع وهو الذي كان أحد أهدافه العناية بالقواعد الكروية.

مشروع البراعم من المهد إلى اللحد، أفكار ونظريات، تطبيقات عملية، عقبات وعثرات، أسرار النجاح وعوامل الفشل، كل هذه الأمور نطلع عليها من خلال الحوار مع الأكاديمية رهف كروم مدير قسم البراعم، والى التفاصيل:

المشروع الوطني

المشروع الوطني لقواعد كرة القدم انطلق لموسم واحد، ثم توقف، كيف تقيمين المشروع؟ ولماذا لم يستمر؟

المشروع الوطني لقواعد كرة القدم كان مقترح ومطلب الدائرة الفنية في اتحاد كرة القدم منذ عام 2019، واجهنا مشكلة في إقناع الاتحاد بجدواه الفني وأثره الإيجابي على مستقبل الكرة السورية، والاتحادات الكروية المتعاقبة أعجبت بالفكرة والخطة الموضوعة وكان العائق المالي سبباً في عدم إطلاقه مبكراً.

هذه الفئة هي العصب الرئيس لكرة القدم، ومن هذا العمل يمكن أن تظهر ثمرات كرة القدم وتوجه بعدها نحو الاحتراف الحقيقي، ومنتخب الناشئين الحالي هو إحدى ثمرات هذا المشروع.

النسخة التجريبية انطلقت، والفكرة كانت أن يستمر موسماً بعد آخر وأن يكون على مدار العام لكن كان ذلك مكلفاً جداً ومجهداً جداً، لذلك انطلق ضمن فترة محددة، اتحاد كرة القدم تبنى المشروع وبدأ به وواجه حرباً من خارج الاتحاد.

النسخة الأولى انتهت بين الرضا والعيوب التي كانت واضحة، فريق العمل «وكنت أمينة سر المشروع» كان يعمل بكل وجدانية ومصداقية، والجميع بذل كل جهده لكي ينجح المشروع.

في أي مشروع جديد لابد من وجود أخطاء وعثرات، ولدينا الكثير من التعديلات، والأفكار الجديدة التي تعالج كل الثغرات التي ظهرت ليصبح نهجاً وضمن برامج الاتحاد المتأصلة، مع الإشارة إلى أن المشروع توقف لأسباب مالية بحتة، والمحاولات لإعادة إطلاقه يجب ألا تتوقف.

الخطوة الأولى

الاهتمام المنصب حالياً على فئة البراعم، قد يكون البديل للمشروع الوطني، إنما بشكل آخر، كيف ترين اهتمام الأندية بفئة البراعم، وما دوركم فيه؟

البراعم قصة أخرى بفكر يقوم أساسه على الأندية، ونجاحه مرتبط بمدى اهتمام الأندية بهذه الفئة ودعمها، عندما بدأنا العمل في هذه الفئة لم تكن موجودة في أغلب الأندية، والعمل كان عشوائياً وغير منظم، ولم يكن هناك أي كشوف أو تسجيل للاعبين، الآن تحول العمل في الأندية نحو الطريق الصحيح فبدأت بتنظيم الفرق والكشوف والاهتمام الفني، لكن السلبية تمثلت بأن الأندية تبحث عن الفوز في هذه الفئة، والغاية من بطولات هذه الفئة أمور أكثر أهمية من الفوز، في هذا العمر يجب أن يتوزع الاهتمام على الحالات الفنية والسلوكية والأخلاقية أكثر من الاهتمام بالفوز.

القضية المهمة هي اختيار كوادر هذه الفئة الذين يجب أن يكونوا على مستوى عال من التفوق الفني والسلوكي، والكوادر هنا يجب أن تكون تربوية بالدرجة الأولى فنحن لا نريد موهبة بلا أخلاق.

العمل القادم يعتمد على توحيد الرؤية الفنية لكل الفرق تحت الـ12سنة، وهناك برنامج لكل فئة حسب العمر، وتم إصدار استمارة تقييم فيها معايير كثيرة سيعمل عليها مدربو الفرق، وهذه المعايير هي من ستحدد الفائز في المباريات والبطولات، وعلى سبيل المثال: سيتم منح الفائز ثلاث نقاط والمتعادل نقطتين والخاسر نقطة واحدة ونقطة الخاسر هذه من أجل تحفيز الفرق على المشاركة وتشجيعها.

مدربون اختصاصيون

كل الأفكار المطروحة جيدة، لكن المشكلة تكمن في عملية اختيار المدربين لهذه الفرق، فالأندية أو أغلبها تدفع لاعبيها المعتزلين لتدريب الصغار دون أن تكون لديهم مؤهلات؟

هذا الكلام مرفوض شكلاً ومضموناً فليس من الضروري أن تكون لاعباً جيداً لتصبح مدرباً جيداً، نبحث عن أهلية التدريب والسلوك، والمفترض أن يتم اختيار المدرب الأصلح لهذه الفئة عبر معايير معينة منها الحصول على شهادة تدريب والحصول بعدها على رخصة تدريب فيها ساعات التزام، وهذه الرخصة سيتم تطبيقها على جميع المدربين بكل الفئات.

سيتم إقامة ورشات عمل لكل العاملين في فئة البراعم، أما ما يخص السلوك فهو ضمن الأهمية القصوى، وهناك معايير محددة وإجراءات ستتبع لمعالجة سوء السلوك، هناك سوء السلوك العام الذي يحدث في الملاعب، قد يكون تصرفاً من لاعب أو مدرب أو جمهور تجاه الحكم، وهناك سوء سلوك فردي له آلية معالجة خاصة وقد وضعت بصفتي «مسؤولة حماية الطفل في الاتحاد» إجراءات عديدة لمعالجة سوء السلوك سواء باللفظ أو التعنيف أو… أو…

أما بالنسبة للوائح الفنية للبطولات والنشاطات فهي موضوعة بعناية ولا ننسى وجود عملاقين في الدائرة الفنية المدربين الوطنيين والمحاضرين الآسيويين فجر إبراهيم ومهند الفقير اللذين يغنيان هذه اللوائح بخبرتيهما، وحتماً هناك مراقبة فعلية على مدى جدوى تطبيق هذه اللوائح ومدى فعاليتها، ويتم تعديل بعض بنودها حسب جدوى التطبيق العملي.

حرقة قلب

ما أهم منغصات العمل؟

أهم شيء مزعج في العمل بالبراعم أنها ليست أولوية عند أحد، سواء عند اتحاد كرة القدم أو عند الأندية والمشكلة الأكبر أن كل التوجهات والاهتمام والدعم المالي منصب لدوري الرجال على حساب بقية الفئات، وهذا الفكر خاطئ، والمفترض أن تكون هناك عناية خاصة واهتمام كبير ودعم مالي أكبر لهذه الفئات لأنها أساس كرة القدم ولنعتبرها الرحم الذي ينجب المواهب والخامات ونجوم المستقبل.

عدم اهتمام الأندية يشكل غصة كبيرة ويضع حواجز أمام النضوج الكروي كما أنه يقطع التسلسل المفترض الصحيح، فالبراعم لهم منهاج وتتوالى المناهج تباعاً في بقية الفئات، واذا سقطت فئة البراعم سقط جزء مهم من المنهاج، فكيف ستكون المسيرة؟ لدينا أفكار كثيرة ومشاريع كثيرة، ما نرجو أن يتم إطلاق هذه الأفكار والمشاريع وأن تُدعم مالياً أسوة بفرق الرجال.

جديد الموسم القادم

ما جديدكم في الموسم القادم؟

بطولات البراعم كثيرة ومتنوعة، منها ما هو على مستوى المحافظة، ومنها على مستوى الجمهورية، إضافة إلى كأس الجمهورية، وهناك مهرجانات ونشاطات متعددة، بعضها بالتعاون مع وزارة التربية ويتم انتقاء المواهب من هذه البطولات المدرسية.

وللعلم فإن هذه البطولات تضم أكثر من 1500 طفل وهذه الأرقام جيدة وهي في ازدياد.

الجديد في الموسم القادم هو فصل الفئات، حيث كل عمر صار فئة، فمواليد 2013 لهم بطولاتهم الخاصة واللوائح الخاصة وكذلك مواليد 2014 وهكذا، أما أعمار 2017 فما فوق فيتم تنظيم المهرجانات لهم بإسلوب فني متميز ولن تكون هذه المهرجانات عشوائية أو ارتجالية وستكون منظمة ومدروسة من كل الجوانب.

والجديد أيضاً استمارة التقييم وهذه ستشكل نقلة نوعية بعالم كرة القدم السورية، وهي ذات معايير علمية عالية، وتم عرضها على مجموعة من خبراء اللعبة قبل أن يتم اعتمادها.

وتضم هذه الاستمارة معايير فنية للأداء الفردي والجماعي، وكل ما يتعلق بأساليب كرة القدم، وهناك معايير للسلوك والتربية، ومعايير للفوز والخسارة، وهناك استبيان للمقيم الفني من أجل اكتشاف المواهب، فكل لاعب سيتم تحليل أدائه، وكل مباراة سيكون فيها مقيم فني من اتحاد الكرة، وسنقيم ورشات عمل لكل المقيمين.

الأكاديميات

ما دور الأكاديميات في بطولات البراعم؟

الأكاديميات سابقاً كانت تشكل خطراً على الأندية، ولكن بعد شرعنتها صار عملها مؤسساتياً وتحت غطاء اتحاد كرة القدم، وهناك العديد من الإيجابيات والسلبيات بعمل هذه الأكاديميات، ونعمل على تجاوز السلبيات، ونحن ندعم الأكاديميات لخلق جو من التنافس الرياضي، والأبواب مفتوحة لأي أكاديمية لتحصل على الرخصة القانونية ويصبح عملها شرعياً، ونشير إلى أن بعض الأكاديميات في بعض البطولات تفوقت على أندية عريقة، وهذا معيب بحق أنديتنا.

أخيراً تقول رهف: أبوابنا مفتوحة للتواصل مع الأندية والأكاديميات للتعاون وشرح أي شيء مبهم أو غامض في سبيل تحقيق القفزة المطلوبة بعالم كرة القدم الوطنية.

السيرة الذاتية

رهف زكريا كروم

ماجستير بالتدريب الرياضي

طالبة دكتوراه بالتدريب الرياضي

شهادة تدريب آسيوية «B».

شهادة تدريب دولية من اليابان.

مدير قسم البراعم، مدرسة في معهد التربية الرياضية للبنات، مسؤولة حماية الطفل.

عضو لجنة القادة لكرة القدم الشعبية بالاتحاد الآسيوي.

سابقاً:

مشروع بكرا إلنا بنادي المحافظة.

إدارية منتخب السيدات.

مدرب لياقة بدنية منتخب الناشئات.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن