الذهب الأبيض يواجه تحدي الصدأ!
| يونس خلف
أصبح الشغل الشاغل لفلاحي الحسكة حساب تكلفة إنتاج الدونم الواحد من أي محصول ولاسيما القمح والقطن في ضوء ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج من مازوت وبذار وأسمدة وفلاحة إضافة إلى الأيدي العاملة لمرحلتي البذار والقطاف.
المساحة المخططة لزراعة القطن هذا العام كانت 5450 هكتاراً لم تُزرَع بالكامل، وراح المزارعون يتسابقون لزراعة محاصيل أخرى، وثمة سبب آخر جعل العقبات تتفاقم أكثر هو عدم وجود مركز لاستلام الأقطان منذ عدة سنوات ما اضطر الفلاحين لبيع الإنتاج للتجار في الأسواق المحلية بأسعار أقل بكثير من السعر المحدد.
محافظة الحسكة كانت تسهم في 38 بالمئة من إجمالي إنتاج سورية من محصول القطن سنوياً إلا أن هذا الإنتاج تراجع خلال السنوات الأخيرة بشكل كبير حيث كان متوسط إنتاج المحافظة من القطن قبل عام 2011 وفقاً لمعلومات مدير زراعة الحسكة يصل إلى أكثر من 237 ألف طن سنوياً لكن في موسم 2014 لم تتجاوز المساحة المزروعة بهذا المحصول 20 ألف هكتار.
فلاحو المحافظة يجددون اليوم مطالبهم بالعمل على افتتاح مركز تجميعي لشراء محاصيلهم يكون موقعه في مركز الثروة الحيوانية التابع لفرع السورية للحبوب بريف مدينة القامشلي لتسهيل عملية الشراء من المؤسسة المعنية ونقله إلى المحالج كما كانت عليه الحال في السنوات الماضية كي لا يكونوا عرضة للسماسرة والوسطاء.
الأمر الآخر يتعلق بالسعر التشجيعي للفلاحين بما يتناسب وحجم تكاليف الإنتاج في ظل الظروف الراهنة من أجل تحقيق هامش ربح بسيط لهم.
وطبيعي أن السعر الذي لا يغطي تكاليف الإنتاج هو أيضاً أحد أسباب تقلص المساحات المزروعة بالقطن الذي يختلف عن بقية المحاصيل ويتطلب مستلزمات وشروطاً خاصة لعوامل عديدة أبرزها كثرة حاجته للسقاية ما يزيد من تكاليف إنتاجه.
اليوم ثمة قلق من الفلاحين حول عدم وضع سعر للمحصول يعوض التكاليف بعد أن بذلوا الكثير من الجهد والوقت وأن تكون الأسعار التي سيتم تحديدها أقل من تكاليف الإنتاج ما يكبد الفلاحين خسائر فادحة حيث يعتمدون على بيع المحصول لتغطية تكاليف الزراعة والقطاف والنقل وتحقيق هامش ربح يعيلهم لاسيما أن القطن يحتاج إلى خدمة ورعاية قبل الزراعة وبعدها مثل التعزيق والتفريد والري ومصاريف الأيدي العاملة في القطاف وأجور النقل.
والأمر لا يحتاج إلى تذكير أن زراعة القطن في محافظة الحسكة تعد ركيزة أساسية للاقتصاد المحلي وتسهم بشكل كبير في تأمين فرص العمل والدخل للسكان، ومع ذلك يواجه هذا القطاع الحيوي تحديات من دون حلول جذرية فهل نسرع للحفاظ على الذهب الأبيض وحمايته كي لا يتعرض للصدأ والانقراض؟