توسع «بريكس».. صعود الجنوب العالمي وفرص متاحة للدول العربية
| بقلم ليانغ سوو لي
ستعقد قمة البريكس لعام 2024 في الفترة من الـ22 إلى الـ24 من تشرين الأول في قازان في روسيا، وفي الآونة الأخيرة، أعربت تركيا وسريلانكا وكوبا وماليزيا والعديد من الدول الأخرى عن استعدادها للانضمام إلى مجموعة البريكس، فمع تزايد الاضطرابات في الوضع الدولي، تشعر دول الجنوب العالمي بخيبة أمل متزايدة إزاء النظام الدولي الحالي، حيث تسعى المزيد من الدول إلى إيجاد مسارات جديدة للتنمية وصوت مؤثر من خلال الانضمام إلى آلية التعاون في مجموعة البريكس، وإن انضمام بعض الدول العربية يضفي حيوية جديدة على آلية بريكس، ويعزز من تأثيرها العالمي.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: ما هي جاذبية مجموعة بريكس؟
أولاً، تكمن الجاذبية الأساسية لآلية بريكس في شموليتها الواسعة للأسواق الناشئة والدول النامية، وعلى النقيض من «الدوائر الصغيرة» الحصرية التي تحرص الدول الغربية على تشكيلها، تدعو مجموعة بريكس إلى اتباع نهج تعاون متعدد الأطراف يكون منفتحاً وشاملاً ومربحاً للجميع، وعلى الرغم من وجود اختلافات في الأنظمة السياسية ومستويات التنمية الاقتصادية بين الدول الأعضاء، إلا أن آلية بريكس تتمسك بمبدأ احترام مسارات التنمية الخاصة لكل دولة والسعي لتحقيق التنمية المشتركة، ويتخلى نموذج التعاون هذا عن المواجهة والاستبعاد، ويوفر منصة لدول الجنوب العالمي لتطوير نفسها بشكل مستقل، ما يحظى باعتراف كبير من قبل هذه الدول.
ثانياً، أصبحت مجموعة بريكس قوة مهمة لا يمكن تجاهلها في الاقتصاد العالمي، وتضم آلية تعاون بريكس بعد التوسع، 10 دول، يمثل إجمالي عدد سكانها نحو 47 بالمئة من سكان العالم، ويمثل إجمالي ناتجها الاقتصادي نحو 31.5 بالمئة من الناتج الاقتصادي العالمي، وتوفر 44 بالمئة من النفط الخام للسوق العالمية، وتظهر هذه الأرقام بوضوح أن مجموعة بريكس تتمتع بمزايا كبيرة في الموارد العالمية والقوى الإنتاجية ومتطلبات السوق، ما يوفر للدول الأعضاء مساحة واسعة للتنمية، ومع استمرار توسع بريكس، فإنها لا تغير فقط المشهد الاقتصادي لدول الجنوب العالمي، بل تعزز أيضاً صوتها في الشؤون الدولية.
ويمكن الحديث عن فرص انضمام الدول العربية وفق ما يلي:
أولاً: إن انضمام الدول العربية يعزز بشكل كبير من إمكانات التعاون بين دول بريكس في مجالات الطاقة والمالية، وتعتبر بعض الدول العربية، باعتبارها منتجة مهمة للنفط في العالم، مكملة إلى حد كبير لأعضاء بريكس الآخرين مثل الصين والهند في مجال الطاقة، في ظل تزايد تقلبات سوق الطاقة العالمية، يمكن لمجموعة بريكس أن تضمن أمن إمدادات الطاقة وتعزز من تحقيق المنفعة المتبادلة والفوز المشترك بين الدول الأعضاء من خلال التعاون في مجال الطاقة.
ثانياً: إن مكانة بعض الدول العربية مثل الإمارات العربية المتحدة كمراكز مالية دولية، يساعد في دفع إصلاح النظام الاقتصادي الدولي والنظام النقدي الدولي الحالي، وفي السنوات الأخيرة، استخدمت الولايات المتحدة بشكل متكرر الدولار الأميركي كأداة سياسية وفرضت عقوبات مالية على دول أخرى، ما دفع المزيد من الدول مثل مصر للاتجاه إلى تقليل اعتمادها على الدولار الأميركي، وفي هذا السياق، تسعى مجموعة بريكس إلى إنشاء نظام مالي متعدد الأطراف مستقل وتعزيز تطوير التسوية بالعملة المحلية وأنظمة الدفع الرقمية، ما يتيح فرص تعاون مالي جديدة للدول العربية.
كما يعزز انضمام الدول العربية تأثير بريكس في دول الجنوب العالمي، وخاصة في تعزيز إصلاح نظام الحوكمة العالمية، كأعضاء مهمين في دول الجنوب العالمي، وسيسهم انضمام الدول العربية في تعزيز الصوت الجماعي لدول الجنوب العالمي على الساحة الدولية.
وبالنظر إلى المستقبل، فإن توسع بريكس لن يوفر فرصة للتنمية المشتركة بين الدول الأعضاء فحسب، بل سيوفر أيضاً المزيد من الفرص لدول الجنوب العالمي لتحقيق الرخاء المشترك، ومن خلال الاستمرار في تعزيز التعاون المتعدد الأطراف، من المتوقع أن تلعب دول بريكس دوراً أكثر أهمية في إصلاح الحوكمة العالمية، وتعزيز تطوير الحوكمة العالمية في اتجاه أكثر عدالة ومعقولية، ويصبح الأمل والركيزة لصعود الجنوب العالمي.
إعلامية صينية