بالتزامن مع مواصلة التنظيم الإرهابي استعداداته لشن هجوم باتجاه المناطق الآمنة … رسائل تحذير مبطنة من استخبارات أنقرة لـ«النصرة» بشأن عمليته غير محسوبة العواقب
| حلب- خالد زنكلو
في خطوة وصفت بأنها تصعيد جديد من أنقرة تجاه ما تسمى «هيئة تحرير الشام» الواجهة الحالية لتنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي، على خلفية إصراره على شن هجمات نحو نقاط الجيش العربي السوري والتجمعات السكنية الآمنة في محيط منطقة «خفض التصعيد» بإدلب والأرياف المجاورة، وجهت الاستخبارات التركية رسائل تحذير «مبطنة» للتنظيم الإرهابي، بغية ردعه عن المضي بمخططه «غير محسوب العواقب».
وبينت مصادر معارضة مقربة من ميليشيات الإدارة التركية في «خفض التصعيد»، أن الاستخبارات التركية جالت خلال اليومين الماضيين على القواعد العسكرية التركية وعلى نقاط المراقبة غير الشرعية المتمركزة بالقرب من «خطوط التماس» مع مناطق سيطرة الجيش العربي السوري، الممتدة من ريف حلب الغربي، مروراً بريف إدلب الشرقي فالجنوبي ثم سهل الغاب غربي حماة، وصولاً إلى ريف اللاذقية الشمالي، وعلى تخوم طريق عام حلب- اللاذقية والمعروف بطريق «M4»، في مقطعه الممتد من سراقب شرق إدلب وحتى تل الحور شمال اللاذقية.
وكشفت المصادر لـ«الوطن» أن الاستخبارات التركية نقلت إلى ضباط وعناصر نقاط المراقبة والقواعد العسكرية التركية في «خفض التصعيد»، رسائل من أنقرة مفادها بأن على هؤلاء تحييد أنفسهم ونقاطهم عن أي عمل عسكري متهور قد يقدم عليه «النصرة» ضد الجيش العربي السوري ومناطقه الآمنة.
وعدت المصادر هذه الرسائل بمثابة رفع الغطاء العسكري والسياسي من أنقرة عن «النصرة» والتنظيمات الإرهابية المتحالفة معه فيما يسمى غرفة عمليات «الفتح المبين»، المسؤولة عن إدارة وتنظيم الأعمال العسكرية في إدلب وغرب حلب وشمال حماة، وتضم تنظيمات إرهابية أهمها «جيش العزة» و«أحرار الشام» و«تحرير الشام»، على الرغم من أن الإدارة التركية تدعي أنها وضعت الأخيرة، التي تدير «الفتح المبين»، على قوائم الإرهاب، غير أنها تُعتبر المسؤولة عن دعمها وتيسير وصول الإمدادات المختلفة إليها.
وتوقعت المصادر إصدار أنقرة المزيد من القرارات لتضييق الخناق على «النصرة»، في حال استمر في محاولاته شن هجمات ضد الجيش العربي السوري، لما يمثله ذلك من خرق كبير وواضح لاتفاقيات «خفض التصعيد»، مثل «سوتشي» و«اتفاق موسكو» وحتى «مسار أستانا»، وهو ما من شأنه أن يقوض استقرار المنطقة، ويجعل موسكو في حلّ من التزاماتها حيالها، وهو ما بدا من الرسائل النارية التي وجهها سلاح الجو الروسي في الأيام الأخيرة باتجاه مواقع ومعاقل «النصرة» في المنطقة.
وسبق أن أشارت تسريبات إلى عزم الإدارة التركية إغلاق حدود بلادها الجنوبية مع مناطق انتشار «النصرة» في إدلب إذا ما نفذ التنظيم الإرهابي تهديده بشن هجومه، وكذلك إغلاق معبر باب الهوى، شريان الحياة الرئيسي لإدلب، وكذلك منع استقبال جرحى التنظيم خلال المعارك، إضافة إلى الإيعاز لـ«الحزب الإسلامي التركستاني» وميليشيات «الجبهة الوطنية للتحرير»، أهم مكونات «الفتح المبين» التابعة لأنقرة، بعدم المشاركة في مغامرة ومقامرة التنظيم الإرهابي، والتي يبدو أنها تحتاج إلى ضوء أخضر من دول إقليمية ودولية فاعلة في الملف السوري ومناوئة للدولة السورية.
ورأت مصادر مراقبة للوضع في «خفض التصعيد» لـ«الوطن» أن بإمكان الإدارة التركية ممارسة ضغوط قد تثني «النصرة» وحلفائه عن المضي بوعيده ومخططاته، من قبيل إغلاق باب الهوى كإجراء احترازي مع المعابر الحدودية غير الشرعية على طول الحدود مع إدلب، إلى جانب وقف التحويلات المالية إلى الأشخاص والجهات المرتبطة بالتنظيم الإرهابي، والمعروفة من السلطات المالية والبنك المركزي التركي.
إلى ذلك، ذكرت مصادر محلية في إدلب لـ«الوطن» أن «النصرة»، عمد، رداً على التهديدات التركية، إلى إنشاء «مشافٍ ميدانية» جديدة تحسباً لإغلاق الحدود التركية مع إدلب، وكثف دوراته التدريبية لإرهابييه، بالتزامن مع زيادة تحشيداته على طول خطوط تماس المناطق المرشحة للتصعيد قبالة وحدات الجيش العربي السوري، مع تواتر أنباء من مصادر إعلامية معارضة عن تجهيز التنظيم الإرهابي سيارات مفخخة ومسيّرات انتحارية لزجها في معركته المزعومة.