اقتصاد

سوق الجَمَال.. غش وفوضى وأسعار بملايين الليرات! … معاون وزير الاقتصاد لـ«الوطن»: استيراد مواد التجميل غير مسموح

تسيّد التجميل في سورية أكثر الاحتياجات التي لا يمكن الاستغناء عنها لدى النساء على اختلاف أوضاعهن المادية، حيث أصبح عدد الأشخاص الذين يمارسون الأعمال التجميلية غير متوفر بالإحصائيات رسمية، وتختلف الأسعار والأجور بحسب الخبرة والاختصاص والمنطقة والشهرة وغير ذلك من العوامل، الفوارق الكبيرة بتكاليف التجميل شكلت تعامل جذب سياحي للنساء غير السوريات للإقبال على سورية وإجراء الكثير من عمليات التجميل، نظراً لقلة أسعارها مقارنة بالبلدان الأخرى.

ويلاحظ، توجه الكثير من الفتيات ممن هنّ في مقتبل العمر إلى إجراء دورات تدريبية لتنظيف البشرة وحقن الفيلر والبوتوكس وجل الأظفار وتركيب الرموش وغير ذلك، لامتهان تلك الأعمال لكونها تتيح الدخول السريع لسوق العمل وتحقيق الربح، والغريب أكثر أن الكثير من هؤلاء الفتيات أنفسهن يقمن فيما بعد بالإعلان عن إجراء دورات تدريبية لغيرهن وبأجور مغرية!

أما بالنسبة لتكاليف الجمال، فقد جالت «الوطن» على الكثير من مراكز التجميل والعيادات لرصد الأسعار، فكانت البداية من جل الأظفار الذي تتراوح تكلفته بين 100 ألف في المناطق الشعبية و250 ألف في المراكز المشهورة و«الراقية»، علماً أن هذا الإجراء يحتاج إلى تجديد كل 20 يوماً، أما بالنسبة لتركيب الرموش فهي تتراوح بين 200-500 ألف ليرة بحسب مكان المركز وكثافة الرموش، وكذلك فإن هذا الإجراء مدته شهر واحد فقط، وفيما يخص «تاتو الحواجب مايكروبيلدينغ» فقد وصلت الأسعار إلى مليون ليرة، مع الحاجة إلى تجديده كل 6 أشهر، وقد اعتمدت الكثير من المراكز القيام ببعض الإجراءات التجميلية لرفع الحواجب الطبيعية وتثبيتها لمدة 20 يوماً بمبلغ 200 ألف ليرة.

بالانتقال إلى الإجراءات الأخرى، فإن أسعار تنظيف البشرة تتراوح بين 150- 300 ألف ليرة، والبوتوكس لكامل الوجه، فتختلف أسعاره حسب المادة المحقونة، حيث تصل إلى 600 ألف ليرة في حال كانت المواد ألمانية، و800 ألف ليرة في حال كانت كورية، أما بوتوكس التعرق الألماني فتصل تكلفته إلى 1.2 مليون ليرة، والكوري إلى 1.6 مليون ليرة، أما حقن البوتوكس للابتسامة اللثوية فيصل إلى 600 ألف ليرة.

بينما فيلر الشفاه الذي أصبح أشبه بـ«موضة» لدى الفتيات والسيدات فإن سعر السانتيمتر الواحد يصل إلى 850 ألف ليرة للكوري، و1.3 مليون ليرة للإسباني، و1.8 مليون ليرة للفرنسي والسويسري، و2.2 مليون ليرة للإيطالي، مع الحاجة إلى تجديده كل 6 أشهر أو عام، فيما يصل سعر فيلر تحت العين إلى 1.4 مليون ليرة، والشعر إلى مليوني ليرة، والجسم إلى 600 ألف ليرة للسانتيمتر الواحد.

أما بالنسبة لتكاليف المكياج والشعر للعرائس، فقد تراوحت الأسعار بين 800 ألف و3 ملايين ليرة على حسب المركز والمنطقة والمحافظة، والمكياج العادي وصلت التكلفة إلى 400 ألف ليرة، وقص الشعر يبدأ من 50 ألف ليرة ويصل إلى 200 ألف ليرة وذلك مع اختلاف الكوافير وشهرته، وقد تراوحت تكلفة التسريحة والسيشوار بين 50- 200 ألف ليرة.

وبحسبة بسيطة أجرتها «الوطن»، يبلغ إنفاق السيدة المعتادة على ارتياد مراكز التجميل مليون ونصف ليرة تقريباً وذلك للإجراءات الأساسية فقط.

إنفاق بمليارات الليرات

مدير أحد المراكز التجميلية المشهورة والذي فضل عدم ذكر اسمه، أكد لـ«الوطن» أن الإقبال على التجميل يكثر عاماً بعد عام، ولم يعد محصوراً على فئة معينة من الفتيات أو السيدات، لافتاً إلى أن الإنفاق على الإجراءات التجميلية في سورية قد يقدر بمليارات الليرات، وذلك قياساً مع ازدياد عدد زبائن مركزه فقط.

وفي السياق، أشار إلى وجود الكثير من المندوبين الذين يقومون بإيصال مواد الحقن التجميلية وغير ذلك إلى المراكز التجميلية، رغم أن هذه المواد ممنوعة من الاستيراد، موضحاً أن المراكز المعروفة والتي لا ترغب بالإضرار بسمعتها تعتمد على مندوبين معروفين بنوعية المواد التي يستجرونها وذلك لمنع حدوث أي اختلاطات طبية.

منع استيراد مواد التجميل

معاون وزير الاقتصاد لشؤون التجارة الخارجية شادي جوهرة أكد لـ«الوطن» أن سياسة وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية تُعنى بوقف استيراد المواد الكمالية وغير الضرورية مع السماح باستيراد المواد الأولية ومستلزمات الإنتاج الزراعي والصناعي والمواد اللازمة لحياة المواطن من أدوية وأغذية غير منتجة محلياً أو أن الإنتاج منها غير كاف؛ بالتالي فإن استيراد مواد التجميل والمواد الداخلة في الإجراءات التجميلية مثل الفيلر والبوتكس وغيرها غير مسموح تبعاً للسياسة المذكورة.

ونوه جوهرة بأن مادة البوتكس المسموح استيرادها وفقاً لتوصية اللجنة الاقتصادية بتاريخ 15/8/2022 سنداً لرأي وزارة الصحة محصور بمادة Botulinumtoxin فقط باعتبارها مصنفة عالمياً كمنتج تجميلي وعلاجي ذي استخدامات طبية عديدة مثل «الشقيقة» وتشنجات الفؤاد، وحركات العين اللاإرادية وتشنجات العنق وغير ذلك، والمادة المذكورة مسجلة في وزارة الصحة باعتبارها دواء اعتماداً على مراجع عالمية مثل EMA وFDA .

وكشف جوهرة عن قيمة مستوردات سورية من مادة البوتكس Botulinumtoxin منذ تاريخ السماح باستيرادها وحتى 30/9/2024، إذ بلغ 6.864 يورو فقط، مشيراً إلى أن بلد المنشأ هي الصين.

السياحة التجميلية

رئيس اتحاد غرف السياحة طلال خضير، أكد في تصريحه لـ«الوطن» أهمية وضع ضوابط وشروط واضحة للتراخيص الخاصة بالمراكز التجميلية العاملة في قطاع السياحة التجميلية في سورية، وذلك بهدف تنظيم عمل السياحة الطبية التجميلية، مشيراً إلى ضرورة التنسيق مع وزارة الصحة لتحديد المراكز المختصة وتقييمها من قبل أطباء معتمدين، إضافة إلى تطبيق معايير الجودة اللازمة.

ولفت خضير إلى وجود عشوائية في تنظيم هذا القطاع، مع عدم وجود بروتوكول واضح بين وزارة الصحة ووزارة السياحة، كما تساءل عن إمكانية إنشاء قسم خاص بالسياحة الطبية التجميلية لتحديد الضوابط والشروط اللازمة للمراكز العاملة في هذا المجال.

ولفت إلى ضرورة أن توفر المراكز التي تقدم السياحة الطبية «باكج سياحي طبي» مع أسعار معلنة، محذراً من استغلال بعض المراكز للسياح، وشدد على أن السياحة الطبية في سورية يجب أن تستثمر لتكون مصدراً للدخل الوطني، مؤكداً على سمعة الأطباء السوريين الجيدة عالمياً

وأشار إلى أن لبنان والأردن والعراق من أكثر الدول العربية التي تقبل على السياحة التجميلية في سورية.

ترخيص مزاولة عمل

من جهته، أكد نقيب أطباء سورية الدكتور غسان فندي في تصريح لـ«الوطن» أن وزارة الصحة كانت قد أصدرت قراراً في السابق بعدم إجراء الدورات الطبية منها التجميلية إلا بموافقتها أصولاً، وهنا يجب التفريق بين دورة تعطى لرفع أهلية المتدربين الحاصلين أساساً على ترخيص يسمح لهم بمزاولة هذا العمل، وبين دورة يقوم فيها أشخاص غير مؤهلين لممارسة العمل التدريبي، واستهداف شرائح لا تحمل ترخيصاً بممارسة الأعمال التجميلية سواء الجراحي منها أم الحقن والفيلر والبوتوكس وغير ذلك من الإجراءات التي تتبع أساساً لاختصاص التجميل وطب الجلد، ولا يسمح لهذه الدورات بإعطاء أي وثيقة بعد انتهائها لمزاولة العمل الذي تم التدرب عليه.

وفي السياق، أشار فندي إلى وجود الكثير من الممارسات الخاطئة، حيث أصبح التجميل مهنة من لا مهنة له، حيث تجرى تلك الأعمال المخالفة ابتداء من صالونات الحلاقة وصولاً إلى الأطباء غير المختصين، ولا بد هنا من تشجيع ثقافة الشكوى وخاصة أن الأمر يرتبط بحقن مواد قد تكون مغشوشة داخل الجسم، وقد تكون يد الحاقن غير خبيرة، وقد أدى هذا الأمر إلى ورود الكثير من الاختلاطات الطبية نتيجة تلك الممارسات، مبيناً أنه لا يمكن لوزارة الصحة أو نقابة الأطباء ملاحقة جميع من يقوم بتلك الأعمال بشكل مخالف، ولكن يتم التصرف حين وصول الشكوى أو من خلال رصد ما تنشره صفحات «الفيسبوك» من إعلانات للمراكز أو للدورات والتحقق منها، وبموجب ذلك تم خلال العام الحالي إغلاق نحو 100 مركز تجميل مخالف، إضافة إلى العديد من الدورات.

وفيما يخص وصول الكثير من الشكاوى حول وجود مواد مغشوشة يتم حقنها في الشفاه والوجه وغير ذلك من المناطق، أعاد فندي ذلك إلى أن المواد التجميلية تدخل في نطاق المواد التي يمنع استيرادها، وتم قبل عامين السماح بإدخال مادة البوتوكس فقط التي تستخدم في الكثير من الإجراءات العلاجية البعيدة عن عمليات التجميل، لذلك فإن المواد التجميلية تدخل بطريقة غير شرعية، وهذا الأمر يجب أن يعالج، مشجعاً على استثناء تلك المواد وإدخالها بشكل نظامي لإتاحة مراقبتها والتأكد من سلامة مصادرها وطريقة حفظها وغير ذلك، معتبراً أن ملف الحقن لم يعد ترفيهاً وإنما أصبح حاجة للسيدات اللواتي سبق أن لجأن إلى الحقن ولو مرة واحدة فقط، وذلك للانتهاء من الاختلاطات الطبية العائدة للغش في المواد.

إعداد:

جلنار العلي- راما العلاف- نورمان العباس

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن