ثقافة وفن

تاريخ الكاريكاتير بين الجد والهزل … السباعي: فن متعدد الحدود.. خفيف الظل.. وأثره المباشر لطيف

| عبد الحكيم مرزوق

الكاريكاتير أحد فروع الفن التشكيلي، له تاريخه الموغل في القدم حيث يروي «ياسر محمد السباعي» في محاضرته (تاريخ الكاريكاتير بين الجد والهزل) التي أقيمت في مقر الجمعية التاريخية بحمص أن الكاريكاتير وجد قديماً على جدران بعض الكهوف، وفي دهاليز الأهرامات، رسمها عمال أو عبيد ساخرون من بعض الفراعنة بوضعيات مضحكة، ورأى (المحاضر) أن للكاريكاتير اتجاهات، ومدارس، ورواداً، ولا تخلو صحيفة يومية منه إلا ما ندر، ويسمى (الكاريكاتير) الفن التاسع ويوصف بالفن الفقير لأنه لا يحتاج إلا إلى ورقة وقلم.

الكاريكاتير في ثلاثة أقسام

وصنف أفكار مواضيع الكاريكاتير بثلاثة أقسام هي أولاً: الجانب السياسي ويشمل صراعات الأحزاب، والحروب، والنزاعات، وقضايا الحرب والسلام وقضايا الاقتصاد الكبرى، والثانية: اجتماعية وتشمل الظلم، والزعامات، والأغنياء، والفقراء، والمتسلقين، والبيروقراطيين، وعن الجوع، والبيئة وأشباه المثقفين، وعن الرجل والمرأة، والمراهقة، والفساد، والهدر والإهمال، وسوء الإدارة، والقسم الثالث له علاقة بالجانب الدعائي والتعليمي، وأوضح أن الفكرة مهما كانت فهي مستمدة من الواقع أو الذاكرة أو الخيال، ولا كاريكاتير من دون أفكار كبيرة أو صغيرة بخلاف بقية أنواع الفنون التشكيلية، وقد تتحول بعض النكات أو النوادر أو الأمثلة الشعبية إلى لوحات كاريكاتورية.

رموز وإشارات قابلة للكشف

ويرى السباعي أن حتمية وجود الفكرة غلبت على الأسلوب والتقنية في اللوحة، وقد تكون اللوحة خطوطاً بسيطة ومساحات بالأبيض والأسود أو ملونة أو فيها بعض التظليل، وهي عادة ملأى بالرموز والإشارات القابلة للكشف والتحليل والتأويل، وصراع بين المخفي والمرئي داخل متاهة التلقي.

المبالغة مادياً ومعنوياً

ويشير المحاضر إلى أنواع الأفكار الكاريكاتورية ومنها يبدو على شكل ظاهرة لإدانتها كفكرة مضادة للعبارة أو التأكيد على شيء آخر، وأساس الكاريكاتير هو المبالغة مادياً ومعنوياً وهناك تكبير وتصغير في عالم الماكياج والتجميل لإظهار الجمال وإخفاء العيوب والمبالغة في التكبير والتصغير بهدف نقد الظاهرة السلبية أو للتندر والطرافة أو لإظهار البراعة وإظهار التعجيز لأهمية الموضوع ولزوم استعمال بعض الأدوات.

الكاريكاتير يظهر في الصحف

الكاريكاتير يظهر غالباً في الصحف والمجلات حسب قول (السباعي) فالصحف عبر التاريخ وحتى العصر الحالي اعتمدت على الكاريكاتير ومنها على سبيل المثال صحيفة «ضاعت الطاسة» 1910 و«حط بالخرج» التي تأسست في دمشق عام 1924 لصاحبها هشام خانكان وصحيفة «المضحك المبكي» لصاحبها حبيب كحالة وفي سورية العديد من رسامي الكاريكاتير ومنهم عبد الهادي شماع وياسين خليل وعبد الرحمن الخليل ورائد خليل وطريف الحسيني ووليم حنا وهو صاحب شركة توم وجيري من عام 1931 وهو من قرية حب نمرة التابعة لريف حمص الغربي.

بعضها يعرض في المتاحف

بعض اللوحات قد تصل إلى درجة عالية من المهارة والأهمية فتعرض في المتاحف أو يجمع أشهرها على مدى سنوات في كتاب أو مجلد، وقد يطرب بعض الساسة أو نجوم الفن والرياضة بظهورهم في لوحة كاريكاتير لرسام شهير حتى لو كانت نقدية ساخرة.

ناجي العلي أنموذجاً

وقدم المحاضر أنموذجاً عن رسامي الكاريكاتير الفنان الشهيد ناجي العلي الذي اغتاله الموساد الإسرائيلي عام 1987 في لندن، وكان توقيعه على لوحاته التي بلغت أربعين ألف لوحة على شكل رسمة صبي اسمه حنظلة يدير ظهره شابكاً يديه خلف ظهره تعبيراً عن رفضه للحلول الخارجية ومظهره رمز للفقر، وظهر رامياً للحجارة أحياناً ورمزاً للانتفاضة الأولى ورمزاً للهوية الفلسطينية والتحدي حتى بعد موت مبتكرها. وناجي العلي من مواليد قرية الشجرة الفلسطينية عام 1937 وتم تهجيره من فلسطين وهو في عمر العاشرة.

الفن التاسع في بقية الفنون

يشير المحاضر إلى أن فن الكاريكاتير دخل في فنون أخرى كالغناء مثلاً من خلال شكوكو المصري وسلامة الأغواني السوري وفي التمثيل الكوميدي وأفلام الكارتون وفي شعر الهجاء وفي الأدب الساخر «محمد الماغوط» مثالاً و«عزيز نيسين» التركي ومغامرات السروجي في مقامات الحريري وبعض مجلات الأطفال وخيال الظل (كراكوز وعيواظ).

فن متعدد الحدود

وختم (السباعي) بالقول: الكاريكاتير فن متعدد الحدود، خفيف الظل، وأثره المباشر لطيف، وأهميته في أثره غير المباشر هو تجميد اللحظة التي اقتنصها المصور، والوجبة الخفيفة السريعة للهضم، ورحلة صعبة ممتعة بين الجد والهزل.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن