شح المازوت يشل حركة نقل الركاب في حلب … تخفيض الرحلات الجماعية الخارجية 25 بالمئة حتى نهاية الشهر .. السماح بتبادل الميكرو باصات ببن خطوط المدينة
| حلب- خالد زنكلو
تفاقمت أزمة نقل الركاب في مدينة حلب بشكل غير مسبوق، بسبب شح مادة المازوت المخصصة للنقل الداخلي الجماعي، سواء للسرافيس أم لباصات النقل، ما أدى إلى حدوث اختناقات في معظم مسارات وسائل النقل وشل حركة بعضها الآخر.
واتخذت محافظة حلب قرارات عديدة للتخفيف من أزمة السير والنقل، وبذلت جهوداً حثيثة عبر لجنة نقل الركاب لهذه الغاية، في ظل تخفيض مخصصاتها من المازوت إلى النصف، على خلفية تراجع عدد إرساليات المادة، أسوة ببقية المحافظات.
ولحل أزمة الازدحام في قطاع النقل، جالت أخيراً لجنة نقل الركاب المصغرة، برئاسة عضو المكتب التنفيذي المختص في المكتب التنفيذي للمحافظة على خطوط المدينة التي تشهد ازدحاما وكثافة مرورية، ولاسيما في وقت الذروة، لتقييم الوضع الراهن فيها وإيجاد الحلول الممكنة، وشملت الجولة مواقع عديدة مثل ساحة الجامعة ومستديرة أبو ريشة المجاورة ومستديرة الشرطة بحي الفرقان ومستديرة الصاخور وحي الفيض.
وبيّن مصدر في محافظة حلب أن دوريات فرع المرور كلّفت بالتشدد في قمع مخالفات الميكروباصات التي لا تصل إلى نهاية خطوطها مع توجيه رؤساء الدوريات بتحويل مسارات بعض باصات النقل الداخلي إلى المحاور الأكثر ازدحاماً، بحسب حاجة تلك الخطوط، وخصوصاً خطوط الدائري وسيف الدولة والمعري والأشرفية.
وذكر المصدر لـ«الوطن» أن لجنة المحروقات وفرت المازوت لوسائل النقل الجماعي وفق الموارد المتاحة التي فرضها تراجع عدد الطلبات اليومية المخصصة للمحافظة، لافتاً إلى أن هناك فرصة جلية للحد من الازدحام ومن مخالفات تجزئة الخطوط في ضوء القرار الذي اتخذته اللجنة بتفريغ خط الدائري الجنوبي، الذي يعد من أطول الخطوط ويشهد مخالفات عديدة، وتخديم الخط بـ٢٥ باصاً كحد أدنى من شركة النقل الداخلي، التي لديها ٨١ باصاً تخدم ٩ خطوط في المدينة والريف، على أن يسري القرار بداية الشهر القادم.
وأشار إلى أن لجنة نقل الركاب، وخلال اجتماعاتها العديدة برئاسة محافظ حلب حسين دياب، سمحت بتبادل الميكرو باصات بين خطوط المدينة وبأسس محددة تراعي الحفاظ على عدد الميكرو باصات في الخطوط التي يتم فيها التبادل، ومثال ذلك تدعيم خط الدائري الشمالي بالميكرو باصات العاملة على خط نظيره الجنوبي.
ومن شأن إفراغ خط الدائري الجنوبي من سرافيسه العاملة عليه وعددها ٢٢٥ مركبة، وخط حمدانية غربي ذي الـ٢٠٠ سرفيس، ونقلها إلى خطوط أخرى لتدعيمها، مثل الدائري الشمالي، وفق خطة المحافظة، أن يخفف الضغط على تلك الخطوط ويحل أزمة المواصلات بشكل جزئي.
وكانت اللجنة خفضت مخصصات النقل الجماعي الداخلي بنسبة ٥٠ بالمئة ليومي الجمعة والسبت، إلى جانب تخفيض عدد رحلات النقل الجماعي الخارجي بنسبة ٢٥ بالمئة حتى نهاية الشهر الجاري، مع العمل على إدارة الموارد المتاحة من المشتقات النفطية في بعض القطاعات بغية تعزيزها لمصلحة قطاع النقل الجماعي لخطوط المدينة والريف والمحافظات.
وسبق للجنة أن خاطبت شركة «تكامل» من أجل معالجة الخلل الفني الذي حدث في شحن بطاقات النقل الجماعي، على خلفية نقص مستحقات وسائل النقل الجماعي، وعممت على محطات الوقود بضرورة التقيد بكميات المازوت المشحونة بشكل فعلي يومياً للبطاقات بما لا يتجاوز سقف البطاقة كحد أقصى، وتقرر حينها مخاطبة وزارة النفط لمنح الصلاحيات اللازمة إلى المحافظة لمراقبة عمل جهاز التتبع الإلكتروني «GPS»، لتنظيم عمل المركبات ومعالجة أي خلل قد يحصل، إذ إن الصلاحيات الأساسية محصورة بإدارة الشركة في دمشق فقط.
ورصدت «الوطن» ازدحاماً ملحوظاً واختناقات في عدد من مواقع خطوط المدينة، وبخاصة التي تعتمد على السرافيس في عملية النقل دون الباصات، وتلك التي تقل وسائلها الموظفين وطلاب الجامعة إلى ساحة الجامعة ومستديرتي العمارة والصخرة، حيث كلية الآداب الأضخم بين الكليات على مسافة قريبة منها.
سائق أحد السرافيس لخص المشهد بسهولة وبساطة، وقال لـ«الوطن»: تتراوح مخصصاتي من المازوت يوميا في الوقت الراهن بين ٢ إلى ٦ ليترات فقط، وهي لا تكاد تكفيني لثلاث دورات بدل عشر دورات على خطي، الذي يصل إلى تجمع من كليات الجامعة، ولذلك أضطر إلى تجزئة خطي إلى خطين كي أستطيع العمل لأطول فترة ممكنة!.
والحال أن تجزئة الخطوط إلى خطين أو ثلاثة خطوط، هو واقع معظم خطوط السرفيس في المدينة، وخصوصاً الخطوط الطويلة، والتي جرى تحويل معظمها إلى باصات النقل الداخلي العامة والخاصة، لحل المعضلة، العصية عن الحل، كما هو حال خطوط حلب الجديدة جنوبي وشمالي والحمدانية شرقي وصلاح الدين والدائري الشمالي، على حين ينتظر الدائري الجنوبي دوره مع تلك الباصات مطلع الشهر القادم لوضع حد لمعاناة الركاب الذين لم تؤد شكاويهم المتكررة إلى نتيجة.
سائق سرفيس آخر، كشف لـ«الوطن» أن خط سيره من مكان إقامته في الشيخ مقصود إلى نقطة انطلاق خطه في مركز المدينة، تستلزم ليتري مازوت ذهاباً وإياباً، وهو ما لا يلحظه نظام التتبع الإلكتروني، ولا تأخذه بالحسبان لجنة نقل الركاب، كما في سابق عهدها مع هذه الإشكالية، مشيراً إلى أنه قطع على خط سيره مسافة ١١٥ كيلو متراً لكنه حصل فقط على ١٠ ليترات مازوت من مخصصاته، وتساءل: «من سيعوضني فرق سعر المازوت الذي اشتريته من السوق السوداء»؟».
ويلجأ أصحاب وسائقو بعض خطوط السرافيس إلى مضاعفة تعرفة الركوب إلى ألفي ليرة يومي الجمعة والسبت، بزعم حرمانهم من مخصصاتهم في هذين اليومين واستجرارهم المازوت من السوق السوداء، حتى إن بعضهم يتقاضى ٤ آلاف ليرة بتجزئة الخط إلى خطين.
كما أن حال باصات النقل الداخلي ليست بأحسن من حال الميكرو باصات، بما يخص الازدحام الحاصل عليها، إذ يضطر نصف ركاب الباص أو أكثر إلى الوقوف طوال الخط في وقت الذروة، في معظم الخطوط، التي قلصت هي الأخرى مخصصاتها من المازوت أيضاً بنسب محددة ضغطت على مفاصل عملها، وأرغمت على تخفيض عدد الباصات العاملة على خطوط المدينة، مع تقليص تواتر وصولها إلى مواقفها المقررة.
وتسببت أزمة المواصلات وشحّ المازوت، برفع أسعاره في السوق السوداء من ١٦ إلى ١٧.٥ ألف ليرة سورية، ولجأ بعضهم إلى تهريب المشتقات النفطية من المناطق التي تقع خارج سيطرة الدولة، كالرقة الواقعة تحت نفوذ ميليشيا «قوات سورية الديمقراطية- قسد».