توقعت بتوغل محدود عند خطوط تماس رأس العين في الحسكة وتل أبيض بالرقة … مصادر «الوطن»: الظروف غير مؤاتية لشن الاحتلال التركي عملية برية ضد «قسد»
| حلب- خالد زنكلو
توقعت مصادر متقاطعة، الأولى مراقبة للوضع في مناطق هيمنة ميليشيات «قوات سورية الديمقراطية- قسد» شمال وشمال شرق سورية، والأخرى ميدانية داخل الميليشيات، أن يقتصر التصعيد العسكري التركي على القصف الجوي والبري ضد الميليشيات دون القيام بعملية برية للسيطرة على مناطق جديدة داخل الأراضي السورية.
وعلى الرغم من الحشود العسكرية لجيش الاحتلال التركي وتأهب ميليشياته، التي يسميها «الجيش الوطني»، بالقرب من خطوط التماس مع مناطق سيطرة «قسد»، ومع استمرار القصف الجوي والمدفعي الممنهج على بنك أهداف الميليشيات، ولليوم الخامس على التوالي، إلا أنه لم تجر حتى مساء أمس أي عملية توغل برية في مناطق سيطرة «قسد» بمحافظات حلب والرقة والحسكة.
واعتبرت المصادر في تصريح لـ«الوطن» أن الظروف الإقليمية والدولية غير مؤاتية كي تقوم إدارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعملية غزو جديدة داخل الشريط الحدودي لسورية في مناطق نفوذ «قسد»، على الرغم من طموحات أردوغان وتهديداته السابقة بإقامة ما سماه «منطقة آمنة» مزعومة بعمق 30 كيلومتراً داخل الأراضي السورية، بزعم إبعاد خطر الوحدات الكردية وعناصر حزب العمال الكردستاني المصنف على قائمة الإرهاب التركية، عن الحدود التركية الجنوبية.
وأعربت المصادر عن اعتقادها بأن إدارة أردوغان لم تحصل على أي ضوء أخضر من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، الداعمة لـ«قسد»، لشن أي عملية برية ضد الميليشيات، ولن تحصل عليها في المستقبل القريب، في ظل انشغالها بالانتخابات الرئاسية الأميركية التي ستجري في 5 الشهر المقبل.
ولفتت إلى أن من مصلحة الإدارة الأميركية في الوقت الراهن، إخماد الحرائق المشتعلة في المنطقة في غزة ولبنان وتهدئة الاستنفار العسكري بين إيران والكيان الإسرائيلي، لا زيادة حدة التوتر في المنطقة عبر عملية عسكرية جديدة لإدارة أردوغان لاقتطاع أراض سورية جديدة، علماً أن أردوغان يسعى لذلك ويعمل على استغلال انشغال إدارة بايدن بالانتخابات، لما تسببه من شلل في السياسة الخارجية الأميركية.
واستدلت المصادر على رفض واشنطن إضعاف حليفتها «قسد» عبر خسارتها مناطق نفوذ جديدة لها، بتسيير قوات الاحتلال الأميركي أمس دورية عسكرية على طول الشريط الحدودي لمحافظة الحسكة مع تركيا، مرت بمدينتي القحطانية والمالكية، وصولاً إلى عين ديوار عند المثلث الحدودي السوري- التركي- العراقي، وتوقعت تسيير المزيد من الدوريات في الأيام المقبلة لتوجيه رسالة إلى أنقرة، مع استمرار القصف التركي على مناطق سيطرة «قسد».
واستبعدت حصول أردوغان على ضوء أخضر روسي لتنفيذ عملية عسكرية تركية ضد «قسد» داخل الأراضي السورية، وتغيير خريطة السيطرة شمال وشمال شرق البلاد، والتي عملت موسكو مراراً على ترسيخها وعدم المساس بخطوط تماسها الثابتة منذ تشرين الأول 2019، عندما شنت أنقرة عدواناً عسكرياً في محافظتي الحسكة والرقة، واقتطعت من الأولى شريطاً حدوده يمتد حتى مدينة رأس العين، وآخر من الثانية يصل إلى مدينة تل أبيض.
المصادر أوضحت أن الكرملين يدأب على خلق مجال ثقة وتضييق الخلافات بين دمشق وأنقرة لإعادة العلاقات إلى طبيعتها بين الطرفين، وهو ما تلتقطه تصريحات المسؤولين الأتراك، وعلى رأسهم أردوغان، في ظل تمسك القيادة السياسية السورية بضرورة انسحاب جيش الاحتلال التركي من الأراضي السورية ووقف دعم الإرهاب من انقرة، وأشارت إلى أن أي توغل تركي في سورية سيعقد الوضع ويطيح نهائياً بالمساعي الروسية الهادفة إلى التقارب بين البلدين الجارين، للحيلولة دون زعزعة الاستقرار في المنطقة.
ورجحت المصادر أن يلجأ جيش الاحتلال التركي وبمؤازرة مرتزقته، إلى عملية توغل محدودة داخل خطوط التماس في ريفي عين عيسى شمال الرقة وفي ريف تل تمر غربي رأس العين، ثم الانسحاب إلى خطوط تموضعه السابقة بضغط مشترك من موسكو وواشنطن، دون أن يتقدم باتجاه تل رفعت شمال حلب أو نحو منبج وعين العرب بريف المحافظة الشمالي الشرقي، على الرغم من التعزيزات العسكرية التركية التي وصلت إلى هذه المناطق، بالتزامن مع حشود مماثلة تمركزت عند خطوط تماس رأس العين وتل أبيض شمال شرق البلاد.
يذكر أن ما يسمى «الإدارة الذاتية لشمال وشرق سورية»، الكردية الانفصالية التي تهيمن عليها «قسد»، أصدرت أمس بياناً، دعت فيه «قوات التحالف الدولي (الذي تقوده واشنطن) وروسيا وكل المؤسسات الحقوقية والإنسانية إلى إدراك تداعيات هذا العدوان (التركي)، والتحرك لوقفه وتشكيل لجان تحقيق لمحاسبة الجناة»، ما يدلل على أملها بـ«فيتو» روسي- أميركي مزدوج لمنع أي عملية عسكرية برية لجيش الاحتلال التركي، كما حدث سابقاً قبل عام.