ثقافة وفن

مت فارغاً.. لا تمت وأنت ممتلئ بأفضل أعمالك … ليس بإمكانك توجيه أصابع الاتهام للآخرين.. الظلم جانب أساسي في الحياة

| هبة الله الغلاييني

هذا الكتاب يدور حول استثمار العقلية والأسلوب اللذين تحتاج إليهما لإطلاق جماح أفضل ما لديك كل يوم، وأيضا لزيادة فرص عدم ندمك في نهاية مطاف حياتك حول الكيفية التي أمضيت بها أيامك.

الأرض الأغنى

سألني صديقي سؤالاً غريباً وغير متوقع: «في اعتقادك ما الأرض الأعلى والأسمى قيمة في العالم؟».

جميعكم مخطئون. إن أعلى الأراضي قيمة في العالم هي المقابر.!!! ففي المقابر دفنت كل الروايات التي لم تكتب، والأعمال التي لم يُقدّر لها أبداً أن تنجز والعلاقات التي لم تنته بالمصالحة وكل الأمور الأخرى التي فكر الناس في أنهم لربما يجدون طريقهم إليها غداً، ومع ذلك يأتي يوم ما وقد استنزفوا كل غدهم».

في هذا اليوم عدت أدراجي إلى مكتبي وكتبت كلمتين في مفكرتي وعلى حائط مكتبي كانتا بمنزلة «أخلاق العمل الرئيسية» التي أتبعها منذ سنوات « مت فارغاً».

ما معنى مت فارغاً؟

هناك معتقدات ستساعدك على الكيفية التي تنتهجها في عملك لتكون هادفة بشكل أكبر:

أيامك معدودات- فانية- ويوماً ما ستنفد

هذا الأمر غير قابل للنقاش. نعيش مع ذلك الوهم العنيد بأن لدينا دوماً يوم غد لتحدي عمل اليوم، وهذه كذبة. علينا أن نعيش بحسّ من الضرورة الملحة تجاه عملنا اليوم. والأمر مهم: ليس لأن الفرصة التي تفوتك اليوم هي فرصة ضائعة للأبد فحسب، بل لأن الطريقة التي نتناول بها عملنا تؤثر إلى حد كبير في الطريقة التي ننتهج بها حياتنا عامة. وكلما تنمي من قدرتك على المشاركة في أعمالك، وألزمت نفسك على النمو باستمرار جزءاً من نهجك اليومي، ستجد أن القدرات الكامنة تنبعث في كل مجال من مجالات حياتك. فلا تهدر الفرصة.

لديك إسهام فريد لتقدمه إلى العالم

هذا الكتاب ليس عصا سحرية للمساعدة الذاتية، لكنه حقيقة. من الأسهل عليك أن تتجاهل هذه الخاطرة بدلاً من التكفل بها وفعل شيء لإزالتها. فأنت تمتلك شغفاً وموهبة وخبرة فريدة من نوعها؛ وهناك شيء تضيفه على عملك ليس بإمكان شخص آخر أن يفعله. وإذا ما تخليت عن هذه القوة، فلن ترى أبدا نور الصباح وستتساءل على الدوام « ماذا لو». إن ثمن الندم لا يمكن التنبؤ به.

. ليس بإمكان أي شخص آخر أن يقدم إسهامك نيابة عنك.

إن انتظار تصريح لاتخاذ إجراء ما هو الطريقة السهلة للإقلاع عن الأمر برمته. وعلى كل شخص استغلال المتاح لديه أفضل استغلال.

هذا يعني أنه ليس بإمكانك توجيه أصابع الاتهام أو إلقاء اللوم على الآخرين أو الشكوى. ورغم صعوبة تقبل الأمر فإن الظلم جانب أساسي من جوانب الحياة، وكي تسهم فيها وتفرغ قدراتك الكامنة من داخلك، عليك أن تصل إلى حالة توافق مع الحياة وأن ترفض لعب دور الضحية.

تجنب الراحة– إنها خطرة

لو كان إحداث تأثير جوهري أمراً يسيراً، لكان أمراً شائعاً بين الناس. لكنه ليس بالأمر الشائع لأن هناك عدداً من القوى التي تؤدي إلى الركود والحياة المتوسطة. فبعض الناس مثلاً، سواء كانوا زملاء عمل أم مديرين أو حتى أصدقاء، قد لا يريدون منك الانخراط بالكامل سعياً وراء عمل عظيم لأن ذلك يقع على عواتقهم عبئاً لفعل الشيء نفسه. فإذا ما بدأت بالارتقاء فوق هذه الزمرة، سرعان ما سيحاولون إعادتك إلى الأرض. كما أن المؤسسات عادة تسهل عليك أن تستقر، وتوفر لك الراتب الجيد واللقب الوظيفي اللطيف أو نوعاً من الاستقرار- أو يمكن القول اصطلاحاً «أصفاداً من ذهب». ومن السهل أن تقع في غرام هذه الميزات المريحة، لكن حب الراحة هو عدو العظمة. فلا يوجد شيء خطأ في تجربة الراحة كمحصلة ثانوية لعملك، لكن لا يمكنك أن تجعلها الهدف الأساسي. فالخدمة تبلغ إذا ما اخترت على الدوام أن تقدم على الأمر الصحيح، حتى وإن كان غير مريح.

خذ موقفاً- لا تتلون

سيكون موقفك أفضل عند إسهامك إذا ما جعلت عملك مقترناً بقيمة. فلا تكن مرآة تعكس أولويات الآخرين بالبيت. عليك أن تزيح الركام حتى تصل إلى المبادئ الرئيسية التي تريدها في حياتك، أياً كانت الصعاب التي ستواجهها، ثم ألزم نفسك بالانخراط في عملك بضمير مرتاح، وأنت تعلم أنك تستند إلى هذه المبادئ حقاً.. هناك مساحة كبيرة تتيح لك اختبار وتجربة أشياء جديدة، لكن أن تلزم نفسك بما تؤمن به، ستنهمك سلباً في عملك في نهاية الأمر.

عليك أن تغرس بذوراً اليوم لتحصد لاحقاً

ما تزرعه اليوم تحصده غداً، أو لاحقاً في المستقبل. عليك أن تجعل حياتك قائمة حول تقدمك اليومي بناء على ما يهمك، وتبنيها من ممارسات وأنشطة تتيح لك غرس بذور جديدة كل يوم، وأن تكون على يقين بأنك سترى ثمار عملك في النهاية.

هذا الكتاب يساعدك بطريقة أو بأخرى لترسخ في حياتك درجة من درجات الضرورة بخصوص كيفية تفكيرك في حياتك. لديك مقدار محدود من التركيز والوقت والطاقة لتقدمها للعالم، ولا يمكن استعادتها ما إن استنزفتها.. وليس هناك فائدة من إهدار وقتك في محاولة البكاء على الماضي، لأنه لا يمكنك تغييره أو التحكم فيه. بل بدلا من ذلك أشجعك على التركيز على الخطوة التالية.

ستقاس حياتك في نهاية المطاف بمقدار عطائك، لا بمقدار ما أخذت. فلا تبخل في بقيتنا، إننا في حاجة إلى إسهامك.. اجعل عمل حياتك بناء هيكل لعمل تفتخر به. وأسهم يومياً بسرعة واجتهاد، فكل بذور تغرسها اليوم ستحصد محصولها لاحقاً. وما الغد إلا أمنية غير محققة، فعش إذاً لأن اليوم هو كل ما لديك. فإن فعلت ذلك، ستكون قادراً على أن تأوي إلى فراشك كل ليلة وأنت راض عن عملك وفي النهاية ستموت فارغاً من الندم، لكنك ممتلئ بالرضا عن حياة عشتها على أكمل وجه.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن