شؤون محلية

من يقود الرأي العام؟

| يونس خلف

تعددت مفاهيم الرأي العام من وجهات نظر متعددة منها أنه محصّلة جميع الآراء الفرديّة مع بعضها البعض تجاه قضية سياسية أو قرار حكومي، ومنهم من يرى أن الرأي العام يأخذ بالآراء الفرديّة المتباينة ثمّ يُعتمد القرار بناءً على رأي الأغلبيّة، وثمة من يرى أن الرأي العام يتأثر بالحكومات أكثر من تأثره بالمجتمع، لكن بالمحصلة يُعتبر نشر استطلاع الرأي على العامّة من الطرق الأكثر شيوعاً لمعرفة الرأي العام.

لا يحتاج الأمر إلى مقدمات كثيرة للتأكيد على أهمية قياس الرأي العام بعد أن أصبح هذا المصطلح من أكثر المصطلحات المتداولة سواء لجهة المركزية التي بات يشكلها في صياغة الاتجاهات العامة أم التأثير على تطور القضايا الحاسمة، وبات واضحاً أن المقصود بهذا المصطلح هو الوقوف على اتجاهات الرأي العام إزاء قضية ما يدور حولها الجدل والنقاش ذات صلة بمصالح المواطنين.

لكن هل ثمة معايير لقياس الرأي العام ومن المعني برجع الصدى لأي تفاعل للرأي العام.؟ ومن يوضح ومن الذي يستجيب ومتى.؟

المهم في الأمر اليوم أن وسائل الإعلام أصبحت في العصر الحاضر أحد أهم عناصر وأدوات صناعة الرأي العام وتشكيل المواقف والاتجاهات وفي الوقت نفسه تراجع دور الوسائل التقليدية مثل الأحزاب والمؤسسات الثقافية وهناك غياب شبه تام لقادة الرأي العام في المجتمع.

الأمر الذي جعل الإعلام قادراً على المساهمة في بناء الإنسان أو هدمه، على ترسيخ القيم أو تخريبها، كما هو قادر على تعزيز التفاهم والاحترام بين الأفراد بقدر ما يستطيع أن ينجح في تشويه صورة الآخرين وتزييف الواقع من أجل الأطماع والمصالح.

وهذا يعكس ضرورة أن تكون المسؤولية الإعلامية متوازية مع المسؤولية الاجتماعية والتربوية لضمان قيام وسائل الإعلام برسالتها الثقافية والارتقاء بمستوى الإنسان وهناك الكثير من الدلائل على قضية المتلاعبين بالرأي العام وتورط شركات وإمبراطوريات الدعاية والإعلام وشركات متخصصة بترويج الوهم على أنه حقيقة.

واقع الحال يؤكد حقيقة أن وسائل التواصل الاجتماعي باتت شريكاً رئيسياً في صناعة الرأي العام من خلال التأثير في الوعي وأثرها في التنشئة الاجتماعية فلم تعد تقتصر على كونها نافذة للتواصل بين الأفراد وإنما باتت تشكل أهم أدوات التأثير في صناعة الرأي العام وتشكيله وتنشئة الشباب وتثقيفه سياسياً بل إنها يمكن أن تقود حركة التغيير في أي مكان في العالم.

السؤال هنا لماذا غدت شبكات التواصل الاجتماعي أكثر قبولاً للرأي العام من الإعلام التقليدي السمعي والبصري؟ ولماذا أصبحت الميديا الاجتماعية بمنزلة مطبخ لصناعة وتوليد رأي عام وهي أداة فاعلة لا يمكن إغفالها ولاسيما أنها تشهد مزيداً من الإقبال والداخلين الجدد إليها من الجمهور بمختلف فئاته وأعماره ومستوياته.

والسؤال الأكثر أهمية هو: كيف يمكن أن نواجه ذلك عبر المؤسسات والجهات المعنية بالتربية الإعلامية وكيفية التعاطي مع هذا الغزو الإعلامي الذي يحرف مسار الحقائق ويؤثر على قيم المجتمع وأخلاق وسلوك الناشئة بصورة خاصة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن