جدل الكرة الذهبية
| محمود قرقورا
تعد جائزة الكرة الذهبية التي أبصرت النور عام 1956 تزامناً مع النسخة الأولى لدوري أبطال أوروبا الجائزة الأهم على الصعيد الفردي والحلم الأهم لكبار لاعبي الكون، ومعلوم أنها تتسم بالاستمرار ولم تحجب إلا عام 2020 بسبب كورونا، ويمكن القول إن البولندي ليفاندوفسكي كان سيفوز بها دون منافس ذاك العام عطفاً على إبداعاته مع البافاري محلياً وقارياً.
لا خلاف أن جائزة الكرة الذهبية أثارت جدلاً كبيراً وأسالت مداداً كثيراً في النسخة الأخيرة 2024، حيث يرى الكثيرون أن البرازيلي فينيسيوس جونيور سُلبت منه في وضح النهار على هامش تألقه اللافت مع ريال مدريد في الموسم المنصرم على الصعيدين المحلي والقاري.
ما هو مهم أن ليس كل الفائزين بالكرة الذهبية على مدار النسخ كلها يستحقون التتويج، وما هو أهم أن اعتبارات وراء الكواليس تتحكم بمسير الجائزة.
ففي النسخة الأولى عام 1956 فاز بها الإنكليزي ستانلي ماتيوز وهو في ربيعه الخمسين وتفسير ذلك أن القائمين على الجائزة في بلاد الزهور والعطور أرادوا بطريقة أو بأخرى كسب ود جيرانهم الإنكليز أصحاب الباع الطويل بلعبة كرة القدم والإعلام الرياضي.
ولم يكن هناك أدنى شك في أن الإنكليزي كيفن كيغان الأحق بجائزة عام 1977 التي ذهبت للدانماركي سيمونسن، فوقتها كان العام الأخير لكيغان مع ليفربول وقاده إلى الزعامتين المحلية والأوروبية.
والجائزة عام 1986 كانت موضع جدل عندما ذهبت للسوفييتي بيلانوف وتجاهل المصوتون الإنكليزي غاري لينيكر هداف الدوري الإنكليزي والمونديال حينها فضلاً عن وصافة الدوري والكأس مع فريقه إيفرتون كما وصل مع الإنكليز إلى ربع نهائي المونديال قبل الخروج بيد مارادونا، بينما بيلانوف ودع مع السوفييت من دور الستة عشر.
ويرى كثيرون أن الفرنسي زين الدين زيدان كان الأجدر بالكرة الذهبية عام 2006 يوم ذهبت إلى الإيطالي كانافارو، وإذا كانت وجهة المونديال هي السبب فبالتأكيد لم تكن الجائزة يوماً ما خاضعة لهذا المعيار، وإلا فكيف فاز بها ميسي عام 2010 رغم خروج الأرجنتين المذل أمام ألمانيا برباعية نظيفة في الدور الربع نهائي؟
وكيف ذهبت إلى كريستيانو رونالدو عام 2014 علماً أن منتخبه البرتغالي لم يتجاوز دور المجموعات خلال العام المذكور؟
ففي المرة الأولى كان المنتخب الإسباني المتوج بكأس العالم غزيراً باللاعبين الذين يستحقون الريادة أمثال إكزافي وإينييستا والبعض ذهب باتجاه الحارس كاسياس الذي كان دوره جوهرياً في تتويج الماتادور.
وفي المرة الثانية كان المنتخب الألماني جديراً بأن يفوز أحد لاعبيه أمثال الحارس نوير والمهاجم مولر، وإذا لم يكن لاعب ألماني فإن الفرنسي ريبيري حاز كل الألقاب الممكنة مع البايرن ولم يكن أحد ليعترض على تتويجه.
ولا شك أن لقب المونديال كان عاملاً حاسماً ١٩٨٢ لمصلحة الإيطالي باولو روسي و١٩٩٠ للألماني ماتيوس و١٩٩٨ للفرنسي زيدان، ومن قبلهم للتشيكوسلوفاكي ماسبوست ١٩٦٢ والهولندي كرويف ١٩٧٤ رغم الوصافة.
ومن الأمثلة التي تؤكد مزاجية التصويت ما قاله البرتغالي أوزيبيو حامل الكرة الذهبية عام 1965 عندما سُلبت منه في العام التالي مع أن منتخب البرتغال وصل إلى أعلى نقطة مونديالياً بحلوله ثالثاً وتتويجه هدافاً، فقال حيال ذلك: «الصحفي البرتغالي صوّت للإنكليزي تشارلتون ولم يصوّت لي»، وبالنهاية كان تتويج بطل العالم جنتلمان الكرة الإنكليزية بفارق صوت واحد.
وهكذا نجد أن الجدل ليس وليد اللحظة ولن يكون للمرة الأخيرة.