من دفتر الوطن

جاهل اليوم ضحية الغد

| حسن م. يوسف

يوصف الذكاء البشري بأنه القدرة على التفكير النقدي، وحل المشاكل، والتعلم من التجارب، والتكيف مع الظروف المستجدة، واستخدام المعارف والخبرات في اتخاذ القرارات. ولو دققنا في طبيعة الذكاء الصنعي لوجدنا بأنه بات يجاري الذكاء البشري في هذه المجالات ويتفوق عليه في سرعة التفكير واتخاذ القرار.

في الدول المتقدمة يستخدم الذكاء الصنعي في تحليل أداء الطلاب وتقديم توصيات تعليمية مخصصة تناسب احتياجات كل طالب، ويستخدم في تشخيص الأمراض، وتطوير الأدوية، وإجراء العمليات الجراحية. كما يتحكم بجودة المنتجات، وتحليل الأسواق، وفرص الاستثمار… الخ

والأخطر من كل ما سبق هو أنه يستخدم في الحروب والعمليات الأمنية، للتعرف إلى المتكلمين من خلال بصماتهم الصوتية كما يستخدم للتعرف إلى الوجوه وتحديد الهوية من خلال العينين والأنف والفم.

والحق أن الذكاء الصنعي يتسلل بتسارع مذهل إلى كل مناحي الحياة، فهو ليس حاضراً في هواتفنا الذكية وحواسيبنا فقط، بل هو الآن في كل مكان، وقد سبق لي قبل نحو عام أن كتبت في هذا الركن عن قيام إحدى الشركات الأميركية بإنتاج «روبوتات على شكل كلاب مزودة ببنادق قنص»… ولا شك في أن الكيان السرطان قد استورد دفعة من هذه الكلاب!

خلال الأسابيع الماضية بدأت سلطات الكيان السرطان بتوجيه إنذارات لأهالي أبنية ومناطق معينة في لبنان الشقيق تطلب منهم إخلاء أبنيتهم والابتعاد عن مناطقهم، بحجة أن جيشها سيقوم باستهداف تلك الأبنية والمناطق. من يقرأ هذا الكلام قد يتوهم أن الكيان السرطان حريص على حياة الأهالي، لكن الحقيقة هي عكس ذلك. فقبل أيام قرأت مقالاً في إحدى الصحف اللبنانية يفيد بأن هذه النداءات هي جزء من عملية أمنية استخبارية يقوم بها قسم «تحديث المعلومات» التابع لجهاز (FOD) أي جهاز (تابع ولاحظ ودمر)، فعند إطلاق هذا النوع من الإنذارات يتم رصد المنطقة بقمرين اصطناعيين يتصلان بثلاث طائرات تقنية دون طيار، ويتم رصد كل ما يجري في المنطقة بدءاً من حركة السيارات والأشخاص وما يتم تبادله عبر الهواتف والحواسيب. وخلال مدة وجيزة يقوم الذكاء الصنعي بتحليل المعطيات، وعندما يتم التعرف إلى صاحب السيارة أو مستخدم الهاتف، تُحَلل خلفيتُه الأمنية والسياسية من خلال فتح كاميرا الموبايل وتشغيل الصوت والصورة والمتابعة الحرارية. ويزعم جيش العدو أن كل إنذار يعلنه يمكِّنه من تحديد ما بين ثلاثمئة إلى أربعمئة هدف جديد.

ما أريد قوله من خلال كل ما سبق هو أن الذكاء الصنعي ليس صرعة ولا ترفاً يمكننا الاستغناء عنه، بل هو سلاح خطير ينبغي علينا التدرب عليه والإسهام في تطويره، فكل المؤشرات تؤكد أن من يتجاهلونه الآن سيكونون غالباً من ضحاياه غداً!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن