في الذكرى الـ107 لـ«وعد بلفور».. معاناة الفلسطينيين ونكبتهم مستمرة وسط عجز دولي … الجامعة العربية تدعو إلى تصحيح الخطأ التاريخي ومطالبات لبريطانيا بالاعتذار
| وكالات
أعلنت جامعة الدول العربية، أن ذكرى «إعلان بلفور» تأتي هذا العام مع استمرار نكبة الشعب الفلسطيني، ومُعاناته، وحرمانه من حقوقه، حيث يتعرض لجريمة إبادة جماعية لما يزيد على العام في قطاع غزة، وفي الضفة الغربية، في حين قال رئيس مجلس الأعيان الأردني فيصل الفايز، أن ذكرى «وعد بلفور» المشؤوم تمر اليوم والشعب الفلسطيني يتعرض لأطول وأبشع احتلال وأسوأ عدوان في التاريخ الحديث، في حين حمل المجلس الوطني الفلسطيني، بريطانيا ومن خلفها المجتمع الدولي المسؤولية عن جريمة «إعلان بلفور» وتبعاته، وطالبها بالاعتذار والاعتراف بمسؤوليتها عن هذه الجريمة وتعويضه.
الأمانة العامة للجامعة العربية جددت في بيان بمناسبة الذكرى الـ107 لإعلان بلفور التي صادفت أمس السبت، مطالبتها بتصحيح هذا الخطأ التاريخي، ودعت بريطانيا وجميع الدول التي لم تتخذ بعد هذه الخطوة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، وقالت، «إن تصريح بلفور يبقى جُرحاً غائراً في الضمير الإنساني، لما تسبب به من نكبة الشعب الفلسطيني واستمرار حرمانه من حقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف في الحرية والاستقلال»، مشيرة إلى أن استمرار الاحتلال في انتهاكاته والاستعمار والتهويد والضم والحصار، واستمراره في تدمير مقومات الحياة للشعب الفلسطيني، وتدنيس مُقدساته الإسلامية والمسيحية، يُعدُ شاهداً على عجز المُجتمع الدولي عن القيام بواجباته وتحمل مسؤولياته في الوقوف بوجه العدوان والاحتلال وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني.
بدوره، بين رئيس مجلس الأعيان الأردني فيصل الفايز، أن «وعد بلفور» المشؤوم، تسبب باقتلاع الشعب العربي الفلسطيني من أرضه، وتهجيره وتعريضه لأبشع وأقسى أنواع الظلم، مطالباً المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته والعمل على وقف العدوان الإسرائيلي، والسعي الجاد من أجل تمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني، ذات السيادة والمتصلة وعاصمتها القدس، وفق وكالة «عمون».
وقال الفايز: «إن صمت المجتمع الدولي أمام جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني الذي يعاني أطول احتلال في العالم، لم يعد مقبولاً، وعلى العالم الحر بكل مؤسساته العمل بكل قوة من أجل فضح الممارسات الإسرائيلية ومحاسبتها على جرائمها، وإلزامها أيضاً بتطبيق كل القرارات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية».
من جانبه، شدد المجلس الوطني الفلسطيني ضرورة التمسك بالثوابت الوطنية لإفشال جميع المشاريع التهويدية الاستعمارية، مؤكداً حق الشعب الفلسطيني التاريخي في أرضه والدفاع عن نفسه بكل الوسائل التي كفلتها القوانين والمواثيق الدولية، وحمل المجلس الوطني، في بيان صحفي، بريطانيا ومن خلفها المجتمع الدولي المسؤولية عن جريمة إعلان بلفور وتبعاته، وطالبها بالاعتذار والاعتراف بمسؤوليتها عن هذه الجريمة وتعويضه.
ونقلت وكالة «وفا» عن المجلس قوله أمس: «إن هذه الذكرى المشؤومة الظالمة تتزامن هذا العام مع استمرار أكبر جريمة إبادة جماعية وتطهير عرقي يتعرض لها شعبنا الفلسطيني، أسفرت حتى الآن عن استشهاد وإصابة أكثر من 150 ألفاً، وتهجير أكثر من مليوني فلسطيني بعد إبادة وتدمير أكثر من 80 بالمئة من المباني والمنازل والمدارس والجامعات وتدمير القطاع الصحي كاملاً».
وأضاف: «بعض الدول الكبرى التي دعمت الاحتلال في ذلك الوقت، لا تزال حتى يومنا هذا تقدم الدعم للاحتلال في حرب التطهير العرقي والتهجير القسري واقتلاع شعبنا من جذوره، أن المجتمع الدولي، الذي يعجز عن وقف هذه المذبحة وحرب التطهير العرقي، يتحمل المسؤولية في استمرار الاحتلال في حربه للقضاء على الوجود الفلسطيني».
من جهته، أكد مجلس الشعب في سورية أن «وعد بلفور» الباطل والمشؤوم بعيد عن أدنى مقومات الإنسانية والأخلاق وأسس لمرحلة طويلة من الظلم التاريخي الذي لحق بالشعب العربي الفلسطيني وبدأت بعده فصول المعاناة والماسي التي تقشعر لها الأبدان طوال تلك السنين.
ونقلت وكالة «سانا» عن المجلس قوله في بيان أصدره لهذه المناسبة: «كأن التاريخ يعيد نفسه، فالجرائم التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني الحاقد مستمرة بقصفه الوحشي الهمجي للبنى التحتية والمشافي بمرضاها والمنازل بساكنيها في جنوب لبنان وقطاع غزة المحاصر في خرق واضح وفاضح وانتهاك صارخ لجميع القوانين والأعراف والمواثيق الدولية وبدعم سافر وصريح من الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها من الدول الغربية وفي ظل صمت المجتمع الدولي عن هذه المجازر».
وأضاف المجلس: «إن أهلنا في فلسطين يتعرضون اليوم لأبشع جرائم الحرب والعدوان من خلال التصعيد العسكري الصهيوني ومحاولاته العدوانية المستمرة لتهجير ما تبقى منهم وإعادة صياغة الخريطة الجغرافية والسياسية ومحاولات إعلان القدس كعاصمة للكيان الصهيوني والسعي لإفشال الحلول المطروحة كافة ومنع إقامة الدولة الفلسطينية والاستفراد بالفلسطينيين لفرض الإملاءات السياسية المجحفة بحقهم».
وأوضح أن ما جرى وما يجري في سورية لا يمكن فصله عن «وعد بلفور»، وإن الهجمة الإرهابية الشعواء التي تعرضت لها سورية من قوى الشر والعدوان والإرهاب على مدى السنوات الماضية وما تبعها من فرض الحصارات الاقتصادية الجائرة على الشعب السوري الصامد جاءت لحرف سورية عن نهجها الدائم في مناصرة ودعم قضايا العرب المحقة وفي مقدمتها قضية فلسطين واستعادة الجولان العربي السوري المحتل، مشدداً على أن «قضية فلسطين هي قضيتنا المركزية وأننا على ثقة تامة بحتمية انتصارنا على كل ما يعترضنا من صعوبات وعقبات حتى استعادة كامل أراضينا المغتصبة بفضل وفاء شعبنا وبطولة رجال جيشنا العربي السوري وحكمة وتبصر قائدنا الرمز السيد الرئيس بشار الأسد.
رئاسة هيئة أركان جيش التحرير الفلسطيني، بدورها، قالت في بيان أوردته «سانا»: أن «هذا الوعد المشؤوم بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين وثيقة أثبتت تآمر الاستعمار الغربي مع الحركة الصهيونية لمنح شذاذ الآفاق من اليهود أرضنا الفلسطينية الطاهرة، التي عاش فيها أهلنا منذ آلاف السنين»، مجددة رفضها التنازل عن أي شبر من الأرض الفلسطينية المقدسة، وإصرارها على السير قدماً في الكفاح والنضال لتحرير الأرض المغتصبة، مشيرة إلى أن القضية الفلسطينية عادت إلى سلم أولويات العالم بفضل بسالة الشعب الفلسطيني وصمود مقاومته.
يذكر أنه في الثاني من تشرين الثاني عام 1917 وجه وزير خارجية بريطانيا آنذاك آرثر جيمس بلفور رسالة إلى اللورد اليهودي ليونيل وولتر دي روتشيلد أحد زعماء الحركة الصهيونية بأمر من رئيس حكومته ديفيد لويد جورج، أكد فيها أن بريطانيا ستبذل كل جهدها لإقامة كيان لليهود على أرض فلسطين، وعرضت بريطانيا نص الوعد المعروف باسم «وعد من لا يملك لمن لا يستحق» على الرئيس الأميركي توماس ويلسون ووافق على محتواه قبل نشره، كما وافقت عليه فرنسا وإيطاليا رسمياً عام 1918، ثم تبعتها موافقة الولايات المتحدة الرسمية والعلنية 1919. وبعد ذلك بعام وافق المجلس الأعلى لقوات الحلفاء في مؤتمر سان ريمو على أن يعهد إلى بريطانيا بالانتداب على فلسطين، وأن يوضع وعد بلفور موضع التنفيذ حسب ما ورد في المادة الثانية من صك الانتداب، وفي الـ24 من تموز 1922 وافق مجلس عصبة الأمم المتحدة على مشروع الانتداب الذي دخل حيز التنفيذ في الـ29 من أيلول 1923، وما زالت القوى التي خططت لإقامة كيان الاحتلال ودعمت إرهابه منذ وعد بلفور، مروراً بنكبة عام 1948 ونكسة عام 1967، وصولاً إلى الإبادة الجماعية اليوم لم تغير موقفها، وتدعمه بالسلاح والعتاد.