قضايا وآراء

الحرب على القطاع أميركية بأيد إسرائيلية

| تحسين حلبي

تثبت أشكال ومظاهر المذابح التي ترتكبها إسرائيل يومياً وفي كل ساعة من دون حاجة لمصادر أو مراجع خلال أكثر من 390 يوماً أمام كل سكان العالم في قطاع غزة أن الكيان الإسرائيلي مدان ويجب معاقبته، وأن وضع الشعب الفلسطيني في القطاع أصبح غير مسبوق في تاريخ كل شعوب العالم، وأن المقاومة مستمرة في كل ساعة ودقيقة على كل جبهات الإسناد والدعم المستمر، وعلى المستوى العالمي يرى الجميع أيضاً أن الولايات المتحدة التي تعد إسرائيل ثكنتها العسكرية الأولى في هذه المنطقة، تقف إلى جانبها من دون قيد أو شرط وتمنع الأمم المتحدة ومجلس الأمن من اتخاذ قرار ملزم يفرض إيقاف هذه المذابح، وتصمت على اتهام إسرائيل لأمين عام الأمم المتحدة بدعم الإرهاب وعلى اتهام «وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين- أونروا» التابعة للأمم المتحدة بالإرهاب، وبمنع وجودها في القطاع لتقديم خدماتها الغذائية والتعليمية لسكان قطاع غزة وأيضاً بمنع أي دولة عربية مجاورة من إرسال الدواء والغذاء للفلسطينيين المحاصرين من كل اتجاه.

إن كل منظمات الأمم المتحدة لرعاية الأطفال وللغذاء وكذلك منظمة العفو الدولية «أمنستي» أدانت إسرائيل في 29 تشرين الأول الماضي وحذرت من موت جماعي لمليون من الفلسطينيين إذا لم يصل الغذاء والدواء إلى قطاع غزة بأقصى سرعة، بل أن خبيراً بموضوعات الغذاء حذر في مقابلة في قناة «سي إن إن» الأميركية في الأول من تشرين الثاني الجاري من موت مليون من سكان قطاع غزة خلال عشر سنوات مقبلة بسبب مضاعفات نقص الغذاء ومرور زمن على استمراره، فهذه الحرب ضد شعب أعزل ومحاصر منذ 17 عاماً هي حرب أميركية بكل المقاييس تشنها الولايات المتحدة بأيدي جيش الاحتلال الذي وظفته لهذه الحروب ضد شعوب المنطقة كلها، فالتاريخ يشهد أن جميع الحروب والمذابح التي نفذتها إسرائيل في هذه المنطقة كانت حروباً أميركية بكل معنى الكلمة، وأهم الحروب التي تثبت هذه الحقيقة هي هذه الحرب التي لن تتمكن إسرائيل من الاستمرار في شنها وارتكاب مذابحها فيها لو لم ترسل إليها الولايات المتحدة كل الذخائر والأسلحة التي تستهلكها في كل يوم وتصلها من حاملات طائراتها وسفنها وقطارها الجوي.

بموجب هذه الحقيقة الواضحة للجميع تصبح الولايات المتحدة هي التي تشن هذه الحرب وهي القادرة على إيقافها متى شاءت ولكنها لم تفعل ذلك خلال أكثر من 390 يوماً بل فرضت نفسها الحكم فيها وحدها وكذلك الوسيط الوحيد بين الجلاد، أداتها، وبين الضحية المستنزف منه ومنها، وسيسجل التاريخ أن من ساند الفلسطينيين في هذه المواجهة هم أطراف ودول محور المقاومة الذين ما زالوا يشكلون قدرة ردع لا يمكن تجاهلها وكذلك الرأي العام العالمي في معظم بلدان العالم.

ولا نبالغ إذا قلنا: إن الولايات المتحدة تريد أن تتحكم بالعالم وتشل عمل وسياسة مؤسساته الأممية وحرية شعوبه ولا تسمح لأحد بتجاوز سياساتها وقراراتها، وهذا ما يعد أخطر وضع إقليمي وعالمي لا يمكن مواجهته إلا بتوحيد جهود جميع الدول والقوى المناهضة للهيمنة الأميركية وتبنيها برنامجاً يتجاوز كل ما تريد الولايات المتحدة فرضه على قطاع غزة الذي يمثل الوضع المتفاقم فيها امتحاناً عملياً لكل حكومات العالم وجميع شعوبه بسبب ما تقوم به الولايات المتحدة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، وبعد كل هذه المقاومة والتضحيات الكبيرة التي قدمها الشعبان الفلسطيني واللبناني ومن يقف معهما إن الأوان لمحاصرة السياسات الأميركية بكتلة دول تنقل مناهضتها للسياسة الأميركية إلى درجة الفعل وتندد بسياستها وتنظم جبهة عالمية تتصدى لسياساتها بكل الطرق والوسائل المشروعة في العمل السياسي دفاعاً عن مصالحها ومصالح كل الشعوب التي ستنخرط مع هذه الجبهة العالمية التي يعول الجميع في هذه الأوقات على دورها الكبير بعد توسيع مجموعة دول بريكس التي عقدت مؤتمرها في 22 تشرين الأول الماضي بمشاركة 32 دولة 24 منها بحضور قاعدتها، ومع زيادة عدد أعضاء مجموعة دول بريكس سيشهد العالم كتلة تمثل 45 بالمئة من سكان العالم ودولتين كبريين هما روسيا والصين، في عالم أصبحت الضرورة الملحة تفرض عليه إنهاء وجود أقدم نظام استعماري عنصري استيطاني أنشأته بريطانيا في منتصف القرن الماضي وورثته عنها الولايات المتحدة في نهاية القرن.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن