تحديّات صعبة لمنتخب سورية وتجاوزها لا يحتمل التأخير
| غانم محمد
لم نكن نبحث في فترتي توقّف دولي سابقتين، عن تحسين موقعنا على لائحة تصنيف (الفيفا)، وهذا معناه أننا كنّا نبحث عن شيء آخر، مع بداية عمل الإسباني خوسيه لانا في منتخبنا الأول، والارتقاء درجة واحدة بعد دورة الهند قابلته العودة إلى المكان نفسه (93 عالمياً) بعد بطولة كأس ملك تايلاند، وهذه التفاصيل، من حيث المضمون، لا تقدّم ولا تؤخّر، ولا يُبنى عليها كثير في التقييم، لأن تراجع منتخب قريب منك قد يدفعك مركزين أو أكثر صعوداً دون أن تنجز أي شيء.
حالياً، منتخبنا الأول في المركز (93) عالمياً، و(14) آسيوياً، و(12) عربياً، ومنذ وقت طويل لم نغادر هذا المدار إلا قليلاً، أي إننا وإلى حدّ كبير نراوح في المكان، ونبحث عن موقع أفضل ما زال يفتقد مقوماته وأدواته.
باتجاه روسيا
في 19 تشرين الثاني الجاري، يخوض نسور قاسيون مباراتهم الخامسة تحت قيادة خوسيه لانا، وستجمعهم مع منتخب روسيا (34 عالمياً)، وسيضطر لاعبونا للتحدث في هذه المباراة بـ(لهجة مختلفة)، فمنتخب روسيا وإن كان في مركز ليس متقدماً أوروبياً وعالمياً إلا أنه ابن تلك الثقافة التي ترى كرة القدم علماً يتطور باستمرار ويحاول الإمساك بناصيته، على عكس معظم منتخبات آسيا التي قد لا يهمها إلا النتيجة الرقمية في أي لقاء، ودياً أو رسمياً، أو أنها عاجزة عن فعل أكثر من استهلاك وقت المباراة بأي شكل، وحتى لا نسقط في التعميم، فإن جلّ المنتخبات التي نقابلها، إضافة إلى منتخبنا، هي من هذا النوع.
في مواجهة روسيا ستختلف الصورة كلياً حسب توقعاتنا، وإن لم نرغب نحن بالخروج من (نمطيتنا) فإن منتخب روسيا سيفرض علينا ذلك، على الأقل في الجانب الدفاعي، وبالتالي فإن المباراة القادمة للنسور ستكون اختباراً حقيقياً لما نفهمه، ولما يفهمه خوسيه لانا عن الدفاع أمام فريق أفضل منك، وهذه إيجابية كبيرة.
صحيح أن منتخب روسيا سيلعب معنا من باب (المتاح)، لكن أن نخرج إلى أوروبا فهذا أمر إيجابي آخر، نتمنى أن يتكرر من خلال علاقات خوسيه لانا في إسبانيا وفي غيرها من الدول الأوروبية، لأن اللعب حتى مع إيران واليابان وأستراليا والسعودية وغيرها لن يفيدنا، لأنها تلاقينا بأسلوبنا إن قبلت اللعب معنا، والذهاب إلى تجارب جديدة من حيث مضمونها قبل شكلها هو المطلوب في هذه المرحلة من إعداد منتخبنا.
لم يعلن خوسيه لانا قائمة منتخبنا حتى ساعة إعداد هذا المقال، ولكن وحسب توقعاتنا، فنعتقد أن 4 مباريات سابقة، والكمّ الكبير من اللاعبين الذي عُرض عليه، أو الذي تمّت تجربته، باتت كافية للاقتراب من تشكيلة (شبه ثابتة)، يقدّم من خلالها لاعبونا ملامح الآتي من أداء ومستوى.
حقيقة يجب أن تُكرّس
أجمل ما كان في منتخبنا الأول خلال الدعويين السابقتين هو حماسة اللاعبين للالتحاق بالمنتخب رغم بعد المسافات، من أميركا الجنوبية إلى أقصى شرق القارة الآسيوية، وهذه ميزة أقلقنا وأتعبنا عكسُها خلال السنوات القليلة الأخيرة، والتي كانت يتهرّب فيها اللاعبون من تمثيل المنتخب، وخاصة في المناسبات الودية، وهنا يجب أن ننوّه ونشيد بالعمل الإداري في المنتخب، وأن يستمر وبوتيرة مماثلة في القادمات..
الرغبة في اللعب هي نصف المهمة تقريباً، ونعتقد أننا بدأنا على الطريق الصحيح، ولن نسمح بالتراجع عن هذا الأمر، ولا أن ننتظر (التصفيق)، فهناك عمل وطني تقومون به، ويجب أن يتعزّز باستمرار.
الجانب المكمّل لهذا المشهد
ما تقدّم يلامس رضانا كمتابعين من حيث الشكل، ومن حيث المضمون، فإننا وبكل لهفة ننتظر ما يمكن أن يضيفه خوسيه لانا من حيث جودة الأداء الجماعية والفردية، ومن حيث الانضباط التكتيكي وانضباط اللاعبين خارج الملعب، وما يمكن أن ينتجه اللاعبون أنفسهم، وكيف سيدافعون عن أمكنتهم في منتخب (يولد من جديد)، ويتطلعون لأن يكونوا البُناة له.
لدى لاعبي منتخب سورية الأول أفكار جيدة، ولديهم لياقة بدنية عالية، وهم قادمون من دوريات محترفة، وبالتالي لا شيء إلا عدم التوفيق الذي يمنعهم من أن يكونوا في الواجهة، وأن يعودوا بمنتخب نسور قاسيون إلى (الحسابات الصعبة) في آسيا، ويكونوا أحد فرسانها في كل محفل.
وفي الجانب المكمّل لهذا المشهد أيضاً، فإن التطلع إلى (إفرازات) الدوري المحلي، وما سيسكبه في خانة المنتخب الأول، وعملية الانتقال (الإيجابي) من منتخب إلى منتخب أعلى سنيّاً، كلّ ذلك سيكون مؤثراً، وسيكون تحت المراقبة الجماهيرية، وكل الأمل أن يحضر الرضت الكبير على كل هذه التفاصيل وتطوراتها.
ندرك تماماً أننا أمام تحديات صعبة جداً، وأن الآخرين يعملون بشكل أفضل مما نعمل، ومع هذا لا خيار أمامنا إلا أن نلحق بهم، ونحرق المسافات بيننا وبينهم، وفي هذا المسعى لا يوجد إلا خيار واحد وهو النجاح.