من دفتر الوطن

قال بكرة أحلى قال!!

| عصام داري

مع مطلع فصل الصيف الفائت قررت أن أقضي إجازتي الصيفية خارج البلاد كنوع من التغيير واكتشاف بلاد جديدة وشعب لا أعرفه.

كان علي الاختيار بين وجهتين سياحيتين كل واحدة أروع من الثانية، وفي كلتيهما عناصر جذب عديدة حسب كل المناشير و«البروشورات» التي تنشر عشرات الصور التي تتحدث عن المقاصد السياحية فيها.

الوجهة الأولى كانت في جنوب شرق آسيا من سنغافورة وماليزيا واندونيسيا وتايلاند وغيرها من تلك المنطقة الساحرة.

أما الوجهة الثانية فقد كانت في أقصى الغرب في هاواي أو البرازيل أو الولايات المتحدة، وحتى كوبا والسيجار الفاخر!.

لكن بعد أن قمت بجولة واسعة على شركات الطيران المحلية والدولية المنتشرة في طول البلاد وعرضها، تراجعت عن فكرة السياحة في جنوب شرق آسيا، أو في غرب القارة الأميركية أو البحر الكاريبي، والسبب الأول كان أن بطاقات أي «تيكتات» السفر في شركات الطيران كانت مرتفعة الثمن قليلاً، تصوروا أنني عدلت عن فكرة السياحة لاختلاف على السعر الذي لا يتجاوز سينتات قليلة!.

إضافة إلى هذا السبب هناك سبب وطني بامتياز، فقد قلت في نفسي: يا ولد، بدلاً من صرف مئات وآلاف الدولارات في بلدان غريبة، أليس من الأفضل أن اصرف أموالي التي تعبت كي أجنيها في وطني وأسهم في حل الأزمات المعيشية التي يعيشها السوريون.

بناء على ما تقدم قررت وأنا بكامل قواي العقلية أن أقضي عطلة الصيف في ساحلنا الجميل، من طرطوس إلى اللاذقية وكسب والرأس البسيط وصلنفة والكثير من المواقع التي حباها اللـه بالجمال والسحر.

لم أجد الكثير من المغريات كي أنفذ ما عزمت عليه، ودرست الموضوع من جوانبه كافة، فأول عقبة كانت في سبل الانتقال إلى الساحل الجميل، فإذا قررت أن أسافر بالحافلات المكيفة فسأكون سجين الشاليه أو الفندق الذي سأنزل فيه، فالحركة في أي اتجاه تحتاج إلى وسائط نقل، ولأن سعر المحروقات يرتفع بين ليلة وليلة، فإن أسعار وسائط النقل هذه ستكون مرتفعة.

أما إذا استخدمت سيارتي في رحلة الصيف، فسأدفع مبالغ طائلة للبنزين وزيت المحرك وغير ذلك من لوازم السفر في السيارة.

وهناك نوع آخر من السياحة في بلدنا وهو سياحة الرحلات، وإلى الساحل أيضاً، وهذا النوع من السياحة يكلف كل شخص مبلغاً يزيد أو يقترب من المليوني ليرة، فإذا كنا أربعة أشخاص فعلينا دفع ما مجموعه أربعة ملايين ليرة سورية عداً ونقداً، من دون حساب ما قد نشتريه خلال مراحل السفر من عنّاب صلنفة أو تفاح كسب، أو هريسة النبك!.

وترحمت على أيام باصات الهوب هوب عندما كنا نقوم برحلة تبدأ في الفجر وتنتهي في آخر الليل من اليوم نفسه، مع غداء سمك شهي عند مطعم العصافيري على البحر، وهاهو أصبح على اليابسة بعد أن هجره البحر بفعل فاعل!.

لذا قررت أخيراً أن أقصي يوماً أو يومين في عين الخضرا أو عين الفيجة أو بسيمة مع سندويش فلافل، لكن حتى هذا الأمر صار حلماً من أحلام الواقع.

فقد علمت أن الدخول إلى المطاعم أو الذهاب إلى المصايف ممنوع على الفقراء وذوي الدخل المهدود، بانتظار الغد، ونحن نقف على الطوابير مع المتفائلين الذين يبلغوننا كل يوم أن.. بكرة أحلى، فمتى سيأتي هذا «البكرة»؟.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن