معرض فني لخريجي مركز أدهم إسماعيل … وزيرة الثقافة: أعمال مهمة ومستويات عالية ومدارس تشكيلية متنوعة
| مصعب أيوب – تصوير طارق السعدوني
بواقع ٥٠ لوحة من القياس المتوسط لـ١٩ طالباً وطالبة، خرّج مركز أدهم إسماعيل للفنون التشكيلية دفعة جديدة لعام ٢٠٢٤ في مقر المركز بساحة الشهبندر بحضور وزيرة الثقافة د. ديالا بركات ومدير المركز وبعض المهتمين وذوي الطلبة.
مستويات مختلفة
بعد جولة على المعروضات ومناقشة المشاركين حول أعمالهم، صرحت وزيرة الثقافة للإعلام بأن مركز أدهم إسماعيل يعد واحداً من أهم وأبرز المراكز للفنون في سورية، مشيرةً إلى أن الطلاب الذين ينتمون لمستويات مختلفة علمياً وعمرياً تظهر عليهم ملامح الفرح والسرور بالتخرج الذي تطلب منهم الكثير من التعب والجهد والبحث والعمل لفترة وصلت إلى عامين خلال أربعة فصول، وأكدت بركات أن الأعمال وإن كانت متواضعة وواقعية إلا أن موضوعاتها المتنوعة جاءت مهمة وتجسد فيها دور المرأة والأسرة والحب والسلام، وإن كانت أعمالهم في مرحلة البدايات واقعية إلا أننا نأمل أن يخوضوا تجارب أخرى ويتقدموا في مدارس فنية متنوعة ويتشربوا من شتى الفنون، وركزت على أن أداءهم ذو مستوى عال، وشكرت القائمين على المركز على مجهودهم خلال الفترة الماضية، كما شكرت الطلاب على اهتمامهم والتزامهم وشغفهم.
تطور ملموس
في كلمة لـ«الوطن» شرح د. محمد غنوم الأهمية الكبيرة التي يحملها المعرض والتي تنضوي في عدة أمور، أهمها أن المركز في كل دفعة يخرّجها يجد فيها تطوراً ملموساً وتحسناً من ناحية الأداء والموضوعات والكثير من الخطوات المتقدمة نحو الأفضل، كما أن جميع الطلاب يحبون أعمالهم حباً كبيراً وقد بدا ذلك بوضوح كبير، والحب يصنع نتائج مهمة للمستقبل.
كما لفت غنوم إلى أن معظم المشاركين اعتمدوا مبدأ الرسم الواقعي الذي يعتبر الأساس في الفن التشكيلي، على الرغم أنه ليس من الضروري أن يكون الفنان واقعياً ويمكن أن ينهج أي مدرسة فنية وأي اتجاه، ولكن التأسيس يجب أن يكون واقعياً حسب وصفه، مؤكداً أن إحدى الطالبات من خلال دراستها في المعهد للتشريح واللون والتكوين وما إلى ذلك تكتسب الكثير من الأمور والخبرات التي تساعدها في مجال دراستها أيضاً، حيث إنها تدرس هندسة العمارة.
وأكد غنوم أنه على الرغم من أن المشاركين وإن اعتبروا هواة، إلا أن الأيام المقبلة ربما تزودنا لاحقاً بالكثير من الفنانين الذين سيرفدون الحركة التشكيلية السورية بمواضيع مهمة وتترك أثراً كبيراً على الساحة، فبمرور الوقت لن يبقوا هواة فحسب، ولاسيما أنهم اعتمدوا الواقعية وعليه فهم ينطلقون من أساس سليم ومتين.
أعمال متنوعة
مدير المركز قصي الأسعد ركز على أن المركز كما جرت العادة يقوم اليوم بتخريج دفعة من طلابه، ويقدم مجموعة متنوعة من الأعمال التي استخدم فيها الطلاب الأسلوب الواقعي بالألوان الزيتية، وهم بالأساس طلاب موهوبون ويحتاجون لبعض التوجيهات الأكاديمية والأسس المنهجية الضابطة لعملهم ويأمل أن يكون كادر المركز التدريسي قد وفق بذلك.
حب وسلام
الخريجة سارة هيثم زراق قالت: أنا اخترت موضوع الحب الذي أردت من خلاله إيصال رسالة مفادها أن لدينا جانباً إيجابياً لا يمكن إغفاله نهائياً ولا يمكن تهميشه، مزروع بداخلنا وخلقنا وجبلنا عليه ولا بد من التركيز عليه بعض الشيء، وأظن أننا اكتفينا من مشاهد الخراب والحرب والأزمة الأخيرة، وعلينا تسليط الضوء على ما يبعث الفرح بالنفس من دون تكلف أو جهد، فهو بالمجان، وقد اخترت السماء والشمس لإضفاء الأمل والنور والإشراق، كما جسدت في إحدى اللوحات هطل المطر الذي أردت فيه التعبير عن الخير الذي يعم الجميع، فالحب حالة من السلام وشعور مهم يحتاجه الجميع وتحديداً في أوقات الأزمات والحروب والضغوطات.
وقد تعمدت زراق تجسيد الحب ببعض الأشكال والرموز عن حالات تأمّلٍ وعناق بين متحابين، مؤكداً أننا دائماً في مجتمعاتنا نحاول تقديم الحب فقط ضمن العائلة أو ما شابه ذلك متنكرين لوجود حب حقيقي بين الجنسين ونغفله كثيراً، فهذا أمر واقع ولا يمكن نكرانه، وهذه هي الفطرة السليمة، فلماذا نتجاهلها؟!
وأضافت: كضوء شمس ينساب بين حنايا الروح.. يتسرب إلينا أحياناً على شكل ملاك ذي أجنحة خفيفة قادرة على اقتلاعنا من الأرض لتلامس غيم السماء، هو الحب الذي يحلق بنا على جناحي فراشة، ويأخذنا إلى عالم النقاء، عالم السعادة والخلود.
لغة المشاعر
والطالبة أبرار المحسن التي اختارت ثلاثة أنواع من الفنون تجلت في الفنون البصرية والسمعية والأدائية نظراً للتنوع الكبير فيها، أكدت أن الفن هو لغة المشاعر والأحاسيس، ويغنينا عن أي لغة أخرى، فهو يستطيع إيصال إحساسنا وأفكارنا وما يجول بدواخلنا، ويساعدنا في ترجمة ما بداخلنا عليه، سواء كان لوحة أم رقصة أو لحناً أو أي شيء آخر، موضحة أن الفن إيجابي بالعموم ويخلق شعوراً من الراحة والاسترخاء والانسجام لدى المتلقي بشكل لا إرادي.
وعن مرحلة الدراسة في المركز تقول المحسن: المركز كان بيتنا الثاني، والكادر التدريسي والإدارة والقائمون عليه كانوا عائلتنا الثانية بالطبع، ولا يسعني إلا أن أتقدم بوافر الشكر لهم على جميع ما قدموه، لأنهم جعلونا نشعر بالانتماء لهذا المكان.
تناسق لوني
والمشارك ممتاز حنانا الذي شارك في عمل واحد تظنه للوهلة الأولى مجرد طاولة وضع عليها باقة من الورد، إلا أنه يجسد فيها الأسرة، حيث يمثل الإناء الكبير المنزل، بينما الورود هي أفراد الأسرة، مؤكداً أن التناسق اللوني بين جميع عناصر اللوحة يؤكد الانسجام في العائلة، ولا يمكن أن ننسى بعض الأوراق التي تتساقط من الورود التي اعتبرها حنانا بعض المشكلات والخلافات التي لا تخلو أي عائلة منها، موضحاً أن الظلال الممتدة عبارة عن أثر الأسرة، وتلاشي الظل هو تلاشي الأثر، لأننا نتعاقب جيلاً بعد آخر.
المرأة المكافحة
وقدمت راما رزوق المرأة العاملة التي تسعى لتأمين أفضل حياة لعائلتها بالتعاون مع زوجها أو في غيابه، منطلقة من أنها امرأة تكافح وتنظف وترتب أشياء بيتها وعائلتها وتصلح ما أعطبه الوقت، وتنظف ما دنسته الأيام، لتكون حاضنة لمن حولها.
العراقة الدمشقية
وقد اختارت الطالبة إيمان النشواتي العراقة الدمشقية والأصالة منطلقة من أن دمشق تعشقت بتاريخ طويل من العراقة، ونسيج حاراتها العمراني الذي ينبض بالحياة، وحرفها التي اشتهرت بها عبر التاريخ كالنقش على النحاس، وما أبدعته الأيادي الدمشقية العريقة من تحف، بقيت حتى يومنا هذا تحمل عبقاً دمشقياً خالداً على مر التاريخ.