عوالم ودهاليز وصراعات شخصيات المدينة «مطبخ المدينة» دراما اجتماعية معاصرة
| مصعب أيوب
شراكات وتعاونات متجددة تبدؤها المخرجة رشا شربتجي بعد أن حصد عملها في الموسم الرمضاني المنصرم «ولاد بديعة» نسب مشاهدة عالية وإشادة كبيرة من الجمهور والنقاد بسبب تميز مضمونه وملامسته لأبرز نقاط الخلاف بين الإخوة والذي تجلى في الميراث والمال والمشاكل والتقلبات التي أفرزتها الحرب الأخيرة، أكده أداء الممثلين الذي كان متميزاً ولافتاً.
بدء تصوير
تداولت الكثير من صفحات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية الصور التي أضافتها المخرجة رشا شربتجي عبر حساباتها الرسمية في السوشال ميديا من كواليس وعمليات تصوير مسلسلها «نسمات أيلول»، وهو من تأليف علي معين صالح الذي من المقرر أن تنهي إخراج النصف الأول منه ليتسلم أخوها يزن شربتجي عمليات إخراج النصف الثاني منه، وذلك لتنطلق كاميرتها مع مطلع شهر تشرين الثاني معلنة بدء تصوير مسلسلها الرمضاني «مطبخ المدينة» في دمشق بعد الانتهاء من كل التجهيزات الفنية واللوجستية اللازمة الذي تجدد التعاون فيه مع الكاتب علي وجيه بالشراكة مع سيف رضا حامد، في تعاون أول لهما معاً لا ينفي التاريخ الطويل والعريق لكل واحد منهما، فكما لعلي وجيه عدد مهم من الأعمال التي أنجزها بالشراكة مع يامن الحجلي، لسيف أيضاً العديد من الأعمال الدرامية التي كان لها وقع كبير لدى الجمهور ومنها الغربال وجيران وسوق الحرير وسلاسل ذهب، وعليه فسيكون وجيه في هذه المرة منفصلاً عن يامن الحجلي بعد أن اعتاد الجمهور على أعمالهما معاً وقد كان آخرها «ولاد بديعة ومال القبان» فيحضر مطبخ المدينة كواحد من أهم الأعمال المنافسة على الساحة الرمضانية، ولاسيما بعد أن نافست بقوة أعمال كل من وجيه وشربتجي..
شراكات متجددة
لن تتوقف الشراكة المتجددة عند وجيه فحسب، فستحضر سلافة معمار أيضاً للموسم الثاني على التوالي أمام كاميرا شربتجي بعد تميزها في دور سكر المجهولة النسب في ولاد بديعة.
كما سيقف الفنان سامر إسماعيل -الذي يحصد إعجاباً وإشادة لافتين حالياً بالتزامن مع عرض دوره «أمير» في المسلسل التركي المعرب «العميل»- مجدداً إلى جانب معمار تحت إشراف شربتجي، إضافة للفنان عباس النوري والفنان عبد المنعم عمايري الذي أكد أن الخلاف الذي أذيع أنه قائم بينه وبين شربتجي ليس إلا خلافاً بسيطاً في بعض وجهات النظر ولا شيء يمنع التعاون الفني المثمر، إضافة إلى الفنان قيس الشيخ نجيب. وما زالت المفاوضات مستمرة مع عدد من الفنانين للمشاركة فيه.
عوالم مدهشة
وحسب مصادر عدة، ستدور أحداث العمل المرتقب حول تفاصيل حياة يومية لشخوص متقاربة اجتماعياً تجمعهم مصالح مشتركة وصلات قرابة وتباعد بينهم هواجس خاصة، ليدخلنا ذلك في أجواء من المدينة التي تغلي بصراعاتها وهواجس شبابها ليحمل العمل طابع الدراما الاجتماعية المعاصرة وشخصيات متعددة الأبعاد ويضع المشاهد في دهاليز وعوالم مهمشة من المدينة.
فهل يعني صناع العمل من خلال عنوانه الحديث عن الطبخ والطعام وما إلى ذلك أم إنها مجرد معانٍ غير مباشرة لتفتح لنا الحلقات أبواباً على تحالفات وصراعات عدة؟
إشادة عالية
وقد لاقت الدراما الاجتماعية في سورية إشادة عالية ونسب مشاهدة مرتفعة لأنها طرحت صورة الإنسان العادي وصراعاته والتحديات التي يواجهها والإشكاليات في حياته، وتجلت في بعضها إشكالية بعض القوانين، وقد تجسد فيها دور المرأة وحقوقها ومكانتها في المجتمع والأسرة والترابط العائلي وصراعات الأخوة ونزاعات أبناء الحي الواحد ورفاق الدراسة وشركاء العمل والفساد والعشوائيات، ومنها أحلام كبيرة والانتظار وزمن العار، كما عالج على صفيح ساخن تعقيدات وحياة المهمشين وعمال النظافة، وأضاء غزلان في غابة الذئاب على الكثير من الممنوعات في المجتمع السوري وسطوة أصحاب النفوذ والمناصب وغطرسة أبنائهم، وقد قدم علاقات الحب التي لا يقدر لها النجاح، ولم تخلُ الدراما الاجتماعية من صور الفساد التعليمي والرشوة والمحسوبيات في دوائر الدولة، كما تجلى في بعضها الاختلاف والتباين بين الأديان.
وربما بعض المشاكل والقصص المطروحة في الأعمال متشابهة ولم تكن جديدة، ولكنها تأخذ منحى مختلفاً وتعالج من زوايا مختلفة، وقد جسدت تلك الأعمال قسوة الواقع الذي خلفته الحرب وأضرارها وأوجاعها وما أحدثته في قلوب الشباب.
قضايا المجتمع
اللافت في مطبخ المدينة أن الشراكة التي دامت لعدة سنوات بين علي وجيه ويامن الحجلي تنفصل اليوم بعد أن قدما باقة متنوعة وفريدة من الدراما الاجتماعية خلال ما يقرب من عقد من الزمن ابتداء بعناية مشددة وانتهاء بولاد بديعة، فالسؤال هنا: ما الذي حصل حتى انفصل الثنائي الذي اعتاد الجمهور على أعماله؟ أم إنه أمر عابر ولظرف ما لم يتسنَ أن يكونا معاً هذا العام ومن الممكن أن تتجدد الشراكة في أعوام قادمة؟
وقد كانت الشراكة بين علي وجيه ويامن الحجلي تجلت سابقاً لكل عمل حول مهنة معينة واختصاص منفرد، ففي «على صفيح ساخن» تناول الاثنان مهنة تجميع النفايات وعوالمها وخفاياها، وفي مال القبان تناولا سوق الخضار، وفي «ولاد بديعة» تطرقا لمهنة الدباغة، فهل سيبتعد هذا العمل الذي ينفرد به وجيه عن شريكه السابق يامن الحجلي عما تعوده الجمهور من أعمالهم السابقة؟ أم سيبقى العمل متمحوراً حول قضايا الفساد والمال والرشوة وصراعات الميراث وما إلى ذلك؟ وهل ستحقق ثنائية علي وجيه وسيف رضا حامد النجاح الذي حققته ثنائية علي والحجلي؟