اعترافات حكومية
| عبد الفتاح العوض
يبدو أن الحكومة تعيش الآن فترة الاعتراف حيث تقدم لغة فيها الكثير من المراجعة الذاتية لما تم سابقاً، ولعل ما ألزمها بذلك أننا أمام أوضاع صعبة تحتاج إلى مثل هذه الاعترافات. كما أن الحدث الواقعي لا يقبل إلا الاعتراف بالحال كما هو بلا تجميل.
سأنطلق من كلام وزير التجارة الداخلية لؤي المنجد الذي قال بشكل واضح بأن الحكومة ليست تاجراً ويريد من خلال هذا التصريح إعلان إعادة النظر بدور السورية للتجارة وإقامة نوع من الشراكة مع القطاع الخاص، حتى الآن الأمور ليست واضحة تماماً، لكن الشيء المؤكد أن السورية للتجارة لن تبقى على ما هي عليه.
ذات مرة سألت مسؤولاً في السورية للتجارة عن الأرباح التي تحصل عليها كان الجواب بأن نسبة الأرباح لا تكاد تتجاوز 2 بالمئة، إذا أردنا أن نتعامل مع تاجر يملك كل هذه الصالات والمساحات الممتدة على مساحة القطر لا يمكن أن يقبل الأرباح إلا 25 بالمئة والفرق بين 2 و25 بالمئة ذهب هدراً وفساداً.
لو كانت مؤجرة تأجيراً لكانت حققت أرباحاً بنسب أكبر بكثير ومع ذلك فإن وزير التموين لم ينس أن يعيد التذكير بالحفاظ على دور المؤسسة بالتدخل الإيجابي والواقع أن هذه المؤسسة ولا غيرها يمكن أن يكون له دور في التدخل الإيجابي إنما التدخل الإيجابي يكون من خلال الإجراءات الحكومية والقرارات الاقتصادية.
أصبح من الضروري الآن توسيع ساحة الاعتراف لتشمل قطاعات كثيرة ونحتاج فعلاً إلى لغة فيها الكثير من الصراحة حول موضوعات متعددة، لكن مثلما كان رأي وزير التجارة الداخلية بأن آلية التسعير تجبر التجار والصناعيين على الغش فمن المهم جداً للحكومة أن تعترف أيضاً بأن الرواتب والأجور الحالية للموظفين هي فتوى فساد، من خلال هذه الرواتب فإننا نقول بشكل أو بآخر للموظفين لا بأس يمكنكم أن تكونوا فاسدين، ولا يستوي أن نعترف باتجاه وننسى الاعتراف بالاتجاه الآخر، يقيناً بأن الاعتراف بالأخطاء ليس ضعفاً، بل هو الخطوة الأسلم لإصلاحها وعلينا أن نعترف أيضاً أننا بحاجة في هذه المرحلة الجديدة إلى لغة خطاب تبني جسور الثقة بين المواطن والحكومة.
لا يكفي الاعتراف بالمشكلة والاعتراف بالخطأ، بل الأكثر جدوى هو تصحيح الخطأ وليس مجرد الاعتراف به ولدينا الآن الكثير من الأمل- وليس الثقة- بأن هذه الاعترافات هي بداية جيدة قد تسهم فعلاً في الانتقال إلى مرحلة جديدة يكون عنوانها الصراحة والشفافية بين الحكومة والمواطن.
أقوال:
– ليس هناك خطأ أكبر من عدم الاعتراف بالخطأ.
– لا تخجل من أخطائك فأنت بشر، ولكن اخجل إذا كررتها وادعيت أنها من فعل القدر.
– نعم أخطأنا كثيراً، وهناك أشياء ندمنا على فعلها، ولكن نتعلم ونعتذر ونتغير، لسنا بلا عيوب ولا أخطاء فما زلنا تحت مسمى إنسان.