نجمة داوود تهتز وأبناء يهوذا يتخبطون.. ماذا يحدث في الكيان؟
| علي مخلوف
مع استمرار هطل صواريخ المقاومة اللبنانية في سماء الكيان وكأنها عذاب واقع ليس لها دافع، دوت صفارات إنذار من نوع آخر بين أحفاد يهوذا، خلافات في العلن بين أرفع المسؤولين انتهت بإقالة رئيس حكومة الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لوزير حربه يوآف غالانت، وسط تحشيدات القوى السياسية بين مرحب وغاضب وصلت حتى إغلاق الحي المؤدي إلى منزل نتنياهو خوفاً من تحركات المعارضين لإقالة غالانت.
بعض أعضاء الكنيست وصفوا قرار الإقالة بأنه غير مسؤول وبعضهم قال: إنه قرار أناني من أجل مآرب سياسية لنتنياهو، بينما تتحدث تقارير أخرى عن تحول غالانت إلى شخصية باتت مقربة من الأوساط الأميركية ما أثار مخاوف نتنياهو القابض على جمر حبه للسلطة من جهة ومأزق جبهة لبنان وما يجري في غزة من دون جدوى من جهة أخرى، والأهم قرار الإقالة المتزامن مع وعيد إيراني برد قريب جداً.
قطع المحتجون شارع «أيلون» في تل أبيب، والمعارضة استنفرت ورأت في الإقالة فرصة لشن هجوم على نتنياهو الذي وصفت قراره بالجنون، وعائلات الأسرى اعتبروا إزاحة غالانت محاولة من نتنياهو لعرقلة صفقة التبادل، وبحسب المعلومات الواردة فإن الحكومة مقسومة حالياً بين غالانت ورئيس أركانه ورئيس الشاباك وبين نتنياهو ومؤيدي قرار الإقالة من وزراء حكومته، بينما يحاول نتنياهو كسب الحريديم إلى صفه بالحفاظ على قرار منع تجنيدهم إجبارياً.
تدفق المعلومات لم يقف عند ذلك، فالكيان المتأهب لرد إيراني والمتعرض لوابل من صواريخ المقاومة واستمرار انطلاق المسيرات والصواريخ من العراق واليمن، سيشهد تغييرات سريعة في رئاسة الأركان والأجهزة الأمنية، ما سبق بدأت آثاره اقتصادياً بشكل لافت، إذ إن إقالة غالانت تعزز الآراء بأن الكيان لن يصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، وربما تبدأ حملة إضافية في الشمال، ما قد يؤدي إلى خفض التصنيف الائتماني، وبالتالي تراجع سوق الأسهم، كما أن الإقالة قد تفهم من قِبَل المستثمرين أنها فوضى سياسية وتزيد من فرص نشوب حرب في لبنان، فضلاً عن سوق البورصة وسعر الصرف للشيكل.
هذا المشهد الاقتصادي المهتز أصلاً منذ بدء عملية «طوفان الأقصى» مروراً بعمليات المقاومة اللبنانية المستمرة، إلى الرد الإيراني، يبقي السؤال: كم سيستطيع الكيان تحمل التشرذم الحكومي والسياسي والشعبي والتراجع الاقتصادي لديه مع الفشل بإغلاق ملف غزة ووقف الحرب مع لبنان؟
قد لا تكون هناك تسوية معلنة قبل وصول الوافد الجديد إلى البيت الأبيض، كاحتمال، وقد تختتم إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن عهدها باتفاق وقف النار لأجل طويل مع إيجاد مخرج لملف تبادل الأسرى، ولكن حتى تحقق أحد هذين المشهدين فإن الكيان سيعيش أياماً استثنائية لم يعهدها من قبل، ولن تستطيع أنغام مزمار داوود العبرانية أن تخفف من وطأتها عن أعصاب حكومة نتنياهو.
صحفي سوري