شؤون محلية

صعاب نقل غير مسبوقة

| ميشيل خياط

تفاقمت صعاب النقل الداخلي في عدة محافظات سورية، على نحو غير مسبوق منذ شهرين تقريباً.

اعتدنا مثل هذه الصعاب في أعقاب كل تغيير وزاري، لكن الأزمة الراهنة، استمرت وقتاً أطول من كل مرة، وتتسم بحدة هائلة.

تترافق أزمة النقل الراهنة، مع سلوك بشع لعدد كبير جداً من سائقي الميكروباصات وسيارات الأجرة ولاسيما تلك التي تعمل «كتكسي سرفيس»، ما ينغص على الناس حياتهم، ولاسيما الكهول والمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة.

روى عدد كبير من المواطنين أن الكثير من سائقي الميكروباصات، على أغلب الخطوط في بعض المحافظات السورية، يتفننون في ابتزاز الناس واستغلالهم، عبر زيادة الأجرة وتقليص المسافات وعدم الوصول إلى نهايات الخطوط. وفي كثير من الأحيان، الامتناع عن العمل، عند الوصول إلى نهاية الخط باستخدام العبارة الشهيرة: «مو طالع».

سائقو التاكسي سرفيس ضاعفوا فجأة أجورهم، من كانوا يتقاضون عشرة آلاف ليرة باتوا يطلبون عشرين ألفاً…!! وحوّل ذلك كثيراً من الدراجات النارية إلى وسائل نقل جماعية بأجور لا تقل عن خمسة عشر ألف ليرة داخل المدينة، المشاهد في المدن موجعة، مئات الناس يقفون بانتظار وسيلة نقل، غالباً ما تأتي مزدحمة بالركاب.

كثيرون يمشون لعلهم يصادفون وسيلة تحتوي على مقعد فارغ من دون جدوى، المعاناة المسائية تزداد حدة، إنها أقسى بكثير، ممزوجة بالخوف من الفرصة الضائعة.

قلت لسائق ميكرو أجبرنا على النزول قبل الموقف الأخير: لماذا هذه التصرفات، لعلها تسيء لسمعتك في المستقبل. لقد تدخل رئيس مجلس الوزراء للوصول إلى حل معكم فماذا تريدون أكثر من ذلك…؟

وكان السيد رئيس مجلس الوزراء محمد غازي الجلالي، قد طلب من وزيري النفط والإدارة المحلية «الوطن 25/10/2024 «، عقد اجتماع يحضره محافظا دمشق واللاذقية ومديرو المحروقات للوقوف على أسباب ظاهرة الازدحام في مراكز وكراجات الانطلاق في المحافظتين، ومدى كفاءة توزيع المشتقات النفطية من لجان المحروقات في المحافظتين…!!، ومن المؤسف أن الأزمة تفاقمت…!

ثمة ميل نحو الاعتقاد أن السبب يكمن في أسلوب تسعير المشتقات النفطية ما يخلق أسواقاً موازية للاتجار بهذه المشتقات تفوق أرباح عملهم في النقل.

هذا صحيح ولقد استدعي اللجوء إلى لـGPS. ولم نصل إلى حل.

واليوم يطالب عضو المكتب التنفيذي في محافظة دمشق بتقوية هذا الإجراء بوضع مستشعر لكل آلية عند بدء الخط ونهايته.

وما من شك أن السائقين سيعثرون على وسيلة للتغلب على هذا المستشعر.

لقد تحدوا كل القرارات التي تمنعهم من التعاقد مع المدارس والروضات والجهات الأخرى.

هل نمشي في طريق مسدود…؟؟

أبداً…أبداً.

إن ما نحتاج إليه، شائع في كل دول العالم التي تعتمد على وسائل النقل الجماعي في تخديم الناس بيسر وحضارة واحترام، بغض النظر عن سعر المشتقات أو سعر الدولار.

المسألة الأساسية، هي وجود جهة تدير وتنظم، خذوا الشركة العامة للنقل الداخلي، أنها تضطلع بدور ممتاز على الخطوط المنوطة بها في المدن والأرياف التي تخدمها، ومشكلة «الوطن» معها أن عدد باصاتها قليل «دمشق مثلاً تعاني نقصاً يصل إلى (310) باصات».

ومن المؤسف أنه بدلاً من توفير العدد الكافي من الباصات تم اللجوء إلى الميكروباصات الصغيرة الخاصة منذ ما يقرب من 35سنة.

ومنذ ذلك الحين ظلت من دون إدارة ومن دون تنظيم، محكومة بسعي أصحابها إلى الربح المالي.

خمسون ألف ميكروباص على امتداد الجغرافية السورية، من دون رادع…!!. ولقد بحت الحناجر وهي تلفت الانتباه إلى هذا الخطأ الفادح..!

الحل البديل منه لرفع الأسى الناجم عن (النقل) الصعب، توفير العدد الكافي من الباصات لكل محافظة من المحافظات السورية.

وليس صحيحاً أن نستفسر من أين لنا المال..؟ إننا نستورد أشياء كثيرة بما يقرب ثلاثة مليارات يورو في السنة فلماذا نغص بشأن الباصات؟.

لقد تم الإعلان منذ ثلاث سنوات عن التعاقد مع شركة إيرانية لاستيراد خمسمئة باص «كان يجب أن تصل في العام 2022» ولم يصدر حتى الآن أي تفسير لسبب عدم تنفيذ العقد.

النقل الداخلي هو الحياة المنتجة اقتصادياً واجتماعياً وإنسانياً، إنه لذوي الدخل المحدود كالماء والهواء.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن