حرب المقاومة واستنزافها للكيان ستجبره على وقف النار
| تحسين حلبي
بدأ عدد من القادة العسكريين والمحللين السياسيين في الكيان الإسرائيلي بالإعراب عن السخرية من شعار «تحقيق النصر الحاسم» على المقاومة الذي يكرر رئيس حكومة الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الإعلان عنه في حربه على قطاع غزة وجنوب لبنان منذ 13 شهراً، وفي المجلة الإلكترونية العبرية «زمان يسرائيل» يعلق ايتي ليندسبيرغ نافو، وهو أحد المديرين الإعلاميين في القناة الأولى الرسمية الإسرائيلية منذ عام 2002 حتى عام 2017، على هذا الشعار في الثامن من تشرين الثاني الجاري بأن «هذا الهدف لا يمكن أن يتحقق بل سيؤدي إلى الهزيمة لأنه يمنع انتهاء الحرب، فإسرائيل حاولت دائماً منع استمرار الحروب عليها، وحين تندلع بمبادرة منها أو على حين غرة، كانت تعمل على إنهائها بسرعة»، ويضيف نافو: «كان كل قادة إسرائيل يدركون أنهم سيواجهون مشكلة كبيرة حين تشن ضد إسرائيل حرب استنزاف طويلة لأنها تشكل عبئاً شديداً على قوات الاحتياط ولأن حجم الدولة صغير دون نفس طويل وسيصعب الصمود في حرب كهذه»، ويذكر أن حرب الاستنزاف التي شنتها مصر وسورية منذ عام 1967 إلى عام 1970 إضافة لعمليات الفدائيين الفلسطينيين من الجبهة الشرقية عبر نهر الأردن أدت إلى زعزعة الوضع الداخلي الإسرائيلي ولم يتحمل جنود الاحتياط تلك الحرب حين احتفظت بهم قيادة الجيش في الخدمة لأكثر من سنتين وتسبب هذا الوضع بظهور اول محاولات رفض الالتزام بالخدمة الإجبارية في جيش الاحتلال وظهور مذكرة الطلبة الجامعيين وإعلانهم عن الامتناع عن الخدمة، وقد ظهرت كتب عديدة عن حرب الاستنزاف هذه كان من بينها كتاب «الحرب المنسية» الصادر بالعبرية بعد ثلاثين عاماً عليها».
يستشهد الكاتب نفسه في مجلة «زمان يسرائيل» بحرب لبنان الأولى بموجب التسمية الإسرائيلية ما بين عامي 1982– 2000 والتي ولدت تظاهرات عند عشرات الآلاف من المستوطنين من عائلات الجنود الذين طالبوا بإخراج أبنائهن من جبهة لبنان وظهرت أول حركة للأمهات الإسرائيليات ليطالبن باستعادة أبنائهم من جبهة الحرب وأول دعوة للانسحاب الفوري من لبنان بعد عامين على الحرب إلى أن تمت هزيمة الجيش الإسرائيلي وانسحب من كل أراضي لبنان دون قيد أو شرط، كما استشهد الكاتب بحرب الاستنزاف اليومية التي شنتها المقاومة الفلسطينية من داخل الضفة الغربية ومن قطاع غزة منذ عام 1993 حتى عام 2005 وانتهت بهزيمة إسرائيل حين قرر رئيس الحكومة عام 2005 أريئيل شارون الانسحاب من القطاع ونزع مستوطناته منه دون قيد أو شرط، ويعترف الكاتب أن كل الحروب التي شنتها إسرائيل أو التي شنها العرب ضدها لم تستطع فيها القيادة الإسرائيلية فرض الانتصار الحاسم بل كانت تنتهي بتسويات يبقى فيها كل طرف قادر على استئناف الحرب متى شاء ويبقى محتفظاً بقدراته العسكرية وحريته في تطويرها بانتظار فرصة يشن فيها حرباً أخرى وهذا ما كان يميز تاريخ كل الحروب.
ويعترف الكاتب الإسرائيلي بأن حرب الاستنزاف التي تشن على إسرائيل من جبهتي لبنان والقطاع وبقية المساندين من اليمن والعراق، لا يمكن للجيش الإسرائيلي فيها تدمير كل صواريخ وأسلحة حزب الله والفلسطينيين، وأن استمرار حرب الاستنزاف هذه ولدت تفتيتا للجبهة الداخلية بين المستوطنين والجيش من جهة، وبين الجيش والقيادة السياسية من الجهة الأخرى، وأصبحت إسرائيل تدفع ثمناً يؤثر على مستقبل المشروع الصهيوني نفسه، ولا شك أن هذه النتائج التي ولدتها مقاومة وصمود الشعب الفلسطيني واللبناني وإسناد محور المقاومة أبطلت مفعول قدرة الولايات المتحدة على إرهاب المقاومة وردعها حين أرسلت واشنطن حاملات الطائرات الأميركية مرتين، فهي لم تغير من طبيعة استمرار حرب الاستنزاف وما حققته على الميدان من جبهة الجنوب اللبناني إلى جبهة قطاع غزة والضفة الغربية واستمرار إسناد محور المقاومة المتواصل ضد حرب الإبادة الإسرائيلية.