حضور دور النشر السورية الخاصة المميز في معرض الشارقة … غياب الهيئات الرسمية المعنية بالكتاب عن مشهد المعرض من جديد!
| إسماعيل مروة – الشارقة
معارض الكتب عامة تشكل مناسبة مهمة لنشر الكتاب والفكر، وكلما اتسعت المعارض وتحولت من المحلية إلى الإقليمية فالدولية كانت الفرصة أكبر أمام المؤلفين والمترجمين والناشرين والمثقفين، ففي المعارض الكبرى والتظاهرات ينتقل الكتاب الأصيل والمترجم، ويجد الفكر فسحة للانتشار، محاضرة وشعراً ونثراً ونقداً، وهذا بدوره يعطي صورة عن المثقف في البلد المصدّر للكتاب، وهناك عدد من المعارض على المستوى العربي لا تزال تحتفظ بألقها، وخاصة مع انحسار بعض المعارض المؤثرة بفعل الحروب، ومنها المعرض الدولي في مكتبة الأسد الوطنية، ويعدّ معرض الشارقة الدولي للكتاب من أهم المعارض على المستوى العربي والدولي لأسباب كثيرة.
المعرض التظاهرة
معرض الشارقة ليس سوقاً للكتاب بالشكل المتعارف عليه تقليدياً، بل هو موسم ثقافي وكتابي ومهرجان يحتوي فيما يحتوي معرضاً للكتاب، فمئات الفعاليات والمحاضرات المفتوحة في البهو، والمحاضرات في قاعات، والأدباء والمفكرون من مختلف أرجاء العالم يأتون للمشاركة بفعالية، وحفلات فنية وموسيقية، وشخصيات مكرمة، وثقافة بلدان في حيز مهم من المعرض، وعروض تراثية وحرفية تصل إلى الأكل الشعبي، ورحلات مدرسية ممنهجة, ومجدولة بإشراف التربية على مدار أيام المعرض، ومثل هذه التظاهرة الكبيرة التي تقيمها حكومة إمارة الشارقة بكل إمكانياتها ومتابعتها تستحق المشاركة، ويحرص العارضون على أن يكونوا موجودين فيها بأي شكل كان.
مشاركة سورية
على مدى السنوات السابقة كنت أتابع الحضور السوري، وتوزع الكتاب السوري فكراً وإنتاجاً وفناً، وتحدثت في كل دورة إلى ناشرين مختلفين، وجميعهم أجمعوا على أهمية هذا المعرض على المستوى العربي، وتحدث كثيرون عن أن المعرض في أثناء انعقاده لا يمارس الرقابة والمنع على أي كتاب يصدر، وضمن هذا التنوع شهدت سابقاً وفي هذه الدورة مشاركات في كتب التراث ونشره- الدراسات التراثية- النقد- الترجمة- الرواية- الشعر- المسرح- الطفولة- وفي جميع هذه الجوانب يوجد إسهام سوري يقصده الدارسون، ويسألون عن دور محددة تقوم بإنجاز هذه الكتب، وقد التقيت في الأروقة عدداً من المثقفين والفنانين والتشكيليين الذين أشادوا جميعاً بالمعرض، وتحدثوا عن أهميته، وبينوا أهمية الحضور السوري، وقد أشار د. أيوب الحجلي وهو مؤلف كان يوقع كتباً له إلى أهمية المعرض وفعالياته، كما أشاد د. أكرم قنبس بالمعرض والفعاليات والأمسيات المرافقة، ونوه الشاعر الإماراتي عادل خزام بالدور السورية ودورها وأهمية ما تنجزه.
حرص على المشاركة
ممثل دار نينوى للنشر قال: نحرص على المشاركة في معرض الشارقة لأنه منبر ثقافي مهم، ويمثل نقطة التلاقي الفكري بين الشرق والغرب، ونحن نشارك للمرة العشرين، وفي هذه الدورة نقدم أكثر من 900 عنوان في النقد الأدبي والرواية والعرفان والفكر والترجمة، مثل مؤلفات محيي الدين بن عربي والحلاج والرومي، وأضاف بأن المشاركة تعني التواصل مع المثقفين الإماراتيين والعرب، ومع دور النشر، ويمكن للمعرض أن يشكل فرصة للاتفاق على كتب وترجمة وقضايا فكرية كثيرة… وأشاد السيد هيثم الغزالي بالمعرض وإدارته وتنظيمه وخدماته.
أما الإقبال، فقد ربطه بالمهتمين والظروف وأيام المعرض وحسب اهتمامات القراء والباحثين، كما أشاد بالرقابة التي لم تمنع أي عنوان.
مشاركتنا من المعرض الأول
معرض الشارقة يتميز بالتنظيم والخدمات الراقية، والرقابة لا وجود لها، أما الإقبال فيختلف بين يوم وآخر، وعن مشاركتهم قال ممثل دار القلم: هناك كتب تجد إقبالاً أكثر من غيرها، وخاصة في جوانب الفقه والتراث، مثل الفقه المنهجي على المذهب الشافعي، الدور المصون للسمين الحلبي، ومؤلفات حسان شمسي باشا، التاريخ الأندلسي، وشاركنا بالدرة اليتيمة، التحرير والتنوير، يتيمة الدهر، ويمثل المعرض مناسبة مهمة لنشر الكتاب السوري كما أشار.
حدث ثقافي مهم
المشاركة جيدة، والتنظيم على أحسن مستوى، ونحن نشارك بمطبوعاتنا، ونحرص على المشاركة سنوياً، وأضاف مندوب دار ابن كثير، بأن الدار تحرص على المشاركة ولم تنقطع عن أي دورة، أما عن الإقبال فقال بأنه لا يحكم عليه في الأيام الأولى، وأشار إلى أن المشاركة في أغلب المنشورات وخاصة في التراث والحديث والدراسات، وأكد بأن كتاب التراث مطلوب أكثر بسبب اختصاص الدار.
الشأن التنويري
وفي دار كنعان تحدثت المشرفة على الدار بأن الدار معنية بالكتب التنويرية التي تثير الأسئلة، وتفتح الآفاق على كل ما هو موجود، نعتمد ترجمة عيون الفكر العالمي لتجسيد الفكر العالمي وربطه بالفكر العربي، ونشارك بكتب جديدة كثيرة مثل «جذور الدين- الهوية والمنفى- ثقافة الإذعان- الفن من أفلاطون».
وأشارت بألم إلى انحسار القراءة شيئاً ما، وكأن الكتاب الورقي يخضع لحرب حقيقية أو يتم التضييق عليه في كل العالم.
مشاركة وإصدارات
د. مجد حيدر صاحب دار ورد قال بأن الدار تشارك دوماً في المعرض، ولديها إصدارات جديدة تقدمها في هذا المعرض، هناك عدد كبير من الكتب المترجمة بعضها يقدم أول مرة للقارئ العربي، إضافة إلى اهتمامنا بالأدب والدراسات، والفكر كما عرف عن توجه الدار منذ بداياتها، في هذه الدورة نقدم أكثر من 15 إصداراً إضافة إلى عناويننا، وأضاف بأن معرض الشارقة هو معرض مكرّس له تقاليده وأهميته، أما الإقبال فلا يمكن الحكم عليه في يوم أو أيامه الأولى، التنظيم والمعرض في أحسن حال، لكن الكتاب عموماً في كل البلدان تتراجع مكانته.
إصدارات جديدة للمعرض
وحين تحدث المشرف على دار التكوين وأشار إلى أنه يحرص على المشاركة في المعرض لما له من أهمية، ولأنه يمثل فرصة للقاء وتوزيع الكتاب، وقال: مثل كل معرض تنجز الدار عدداً لا بأس به من الكتب، إضافة إلى عناوينها الموجودة، لتشكل الإصدارات الجديدة إضافة لمناسبة المعرض، وتبين أن الإصدارات تتوزع بين المترجم والمكتوب بالعربية، وفي مختلف المناحي الفكرية والأدبية، وفي هذا المعرض تكتمل سلسلة المفكر السوري فراس السواح في 26 مجلداً، إضافة إلى إصدارات عديدة في الشعر والرواية والفكر.
مناسبة دائمة
أما المسؤول عن دار الفكر فقد بين أن الدار تشارك في المعرض، وفي أغلبية المعارض وهي من أقدم دور النشر السورية، وبيّن أن الدار تحرص على التنوع في إصداراتها، ولا تقتصر على جوانب محددة، وأشاد بالمعرض والجهود المبذولة في التنظيم والإعداد، وبين أن الدار في كل معرض تحرص على تقديم منشورات جديدة تناسب اسم المعرض وتاريخ الدار، والمشاركة فكرية ومعرفية وليست مقتصرة على قضايا البيع.
غياب الهيئات الرسمية وحضورها
في أكثر من دورة من معرض الشارقة تحديداً وقفت مع غياب التمثيل اللائق للهيئات الرسمية المعنية بالكتاب، الهيئة السورية للكتاب واتحاد الكتاب العرب، وأذكر من متابعتي قبل عشرين عاماً أن جناح الوزارة وجناح الاتحاد كانا يغصّان بقاصديهما بسبب مستوى المنشورات ورخصها، وما تحمله من فكر وإبداع يخضع للتحكيم، ومنذ سنوات قامت الهيئة والاتحاد والجامعات السورية والمعهد العلمي بحلب بمنح توكيل لإحدى دور النشر الخاصة، وهذه الدار تشارك بالكتب كلها، ولا يحمل الجناح نكهة هذه المؤسسات وعلامتها، إلا لمن يتوجه إليها نتيجة تعامله مع المكتبة التي تعرف التعامل، أو بالمصادفة، وفي كل عام يتكرر المشهد، أكوام الكتب لكل المؤسسة مكدّسة ومتداخلة، فما السبب في ذلك؟
هل تعجز الهيئة والاتحاد والجامعات والمعهد عن أجنحة خاصة؟ ألا يمكن أن تجتمع كلها تحت مسمى واحد وبإشراف من الهيئات، هل قامت هذه الهيئات بطلب تسهيلات ولم تمنح؟ الإدارات كما رأيت تعفى في الظروف من تكاليف الأجنحة، وأظنها ستفعل ذلك لو خوطبت، ومع أنني وقعت مع هذه الملاحظة أكثر من مرة، لكنه ما من واحد استجاب أو ناقش!
ليس المقصود النقد أو الانتقاص، بل المقصود أن نولي الكتاب الجاد أهميته، ولو فعلنا لعدنا كما كنا سابقاً، لا يرجع كتاب من هذه المعارض، فهل نعيد لكتابنا الجاد مكانته التي يستحقها؟ وتبقى هذه المعارض الكبيرة مناسبة فكرية ضرورية للكاتب السوري، وللكتاب الذي وصل مرحلة متقدمة صناعة وفكراً وعمقاً وفناً.