قمة الرياض العربية-الإسلامية: حشد الدعم الدولي لتجميد مشاركة إسرائيل في الأمم المتحدة وتأييد انضمام دولة فلسطين إليها … الرئيس الأسد: تغيير النتائج يتطلب استبدال الوسائل والآليات القائمة المُجرّبة وغير المجدية
| الوطن
مواقف واضحة وحازمة أطلقها الرئيس بشار الأسد في كلمته التي ألقاها أمس خلال القمة العربية- الإسلامية غير العادية التي استضافتها الرياض أمس.
مواقف الرئيس الأسد كشفت الواقع في منطقتنا وما يقوم به الكيان الصهيوني من إبادة ومجازر ومعها الآليات القائمة للتعاطي مع كل ما يجري، هذه الآليات التي لم تستطع منع العدو من مواصلة جرائمه، ولم تتمكن من إيقاف سيل الدماء النازفة وعداد الشهداء الذين وصلوا لعشرات الآلاف حتى الآن.
الرئيس الأسد الذي بدأ كلمته بالإشارة إلى «حقوق الفلسطينيين التاريخية الثابتة وحتمية التمسك وصمود الشعبين اللبناني والفلسطيني وواجبنا في دعمهما، العاجل والفوري، وعن شرعية المقاومة في كلا البلدين، وما جسدته من شرف وكرامة ورقي وما قدمته من أيقونات بقادتها الشرفاء ومقاتليها الشجعان، وعن نازية المحتلين الصهاينة وجرائمهم وكيانهم المصطنع، وتحول الغرب من داعم لهذا الكيان وجرائمه منذ قيامه إلى شريك مباشر ومعلن فيها»، أكد أن الإشارة إلى كل تلك النقاط لن يضيف شيئاً لما يعرفه أغلبية العرب والمسلمين، وما يعرفه كثيرون غيرهم في العالم اليوم.
وخلال كلمته ركز الرئيس الأسد على النتائج المرجوة من انعقاد القمة مذكراً بالقمة السابقة التي لم توقف الجريمة قائلاً: «منذ عام مضى التقينا وعبرنا، أدنا واستنكرنا، ومنذ عام والجريمة مستمرة، فهل نلتقي اليوم لكي نستنسخ الماضي الراحل وأحداثه، أم لنبدل في مسار المستقبل القادم وآفاقه، ففي العام الماضي أكدنا على وقف العدوان وحماية الفلسطينيين، وكانت محصلة السنة عشرات الآلاف من الشهداء وملايين المهجرين في فلسطين وفي لبنان، وفي العام 2002 طرح العرب مبادرة للسلام فكان الرد عليها المزيد من المجازر بحق الفلسطينيين».
وتابع: «في العام 1991 قررنا عربياً الدخول في لعبة النيات الحسنة الأميركية عبر المشاركة في عملية السلام في مدريد، فكان سلامنا حافزاً لحروبهم وتشريعاً لاستيطانهم، وهذا لا يدل على خطأ في التوجهات، وإنما على قصور في تحضير الأدوات فأداتنا هي اللغة وأداتهم هي القتل، نحن نقول وهم يفعلون نقدم السلام فنحصد الدماء».
الرئيس الأسد اعتبر أن «بقاء النتائج على حالها يستدعي إبقاء الأدوات المستخدمة ذاتها، أما تغيير تلك النتائج وهو ما نسعى إليه جميعاً، فيتطلب استبدال الوسائل والآليات القائمة المجربة مراراً وغير المجدية تكراراً»، متسائلاً: «إذا كنا متفقين حول المبادئ المطروحة فكيف نحولها إلى تطبيق على الواقع؟ لتحديد أهدافها والنتائج التي نرمي إليها، لتحديد أدواتها المتوفرة من أجل تحقيقها، لتحديد الجهة المستهدفة منها والذي من شأنه تحويلها من نيات إلى أفعال ومن خطة إلى إنجاز ومن بيان إلى واقع، وقد تبدو الأهداف من البداهة بالنسبة لأي منا عند ذكر الحقوق المستباحة للشعب الفلسطيني، لكن ما قيمة هذه الحقوق بمجملها عندما لا يمتلك الفلسطينيون أساسها وهو حق الحياة؟ وما قيمة أي حق يُعطى في أي مكان من العالم في أي مجال من المجالات للأموات».
ومع أهمية العمل من أجل استعادة الحقوق الشرعية كافة حسب تأكيد الرئيس الأسد، فالأولوية حالياً هي لإيقاف المجازر، والإبادة، والتطهير العرقي، أما الأدوات فيمتلكها المجتمعون شعبياً ورسمياً عرباً ومسلمين دولاً وشعوباً، فما يحتاجونه حسب قول الرئيس الأسد: «هو القرار باستخدامها في حال رفض الكيان للتجاوب مع ما ورد في البيان واتُفق عليه وهو المتوقع، وتحديد خياراتنا حينها».
الرئيس الأسد شدد على أنه «من دون ذلك فنحن نحض على استمرار الإبادة لنصبح شركاء غير مباشرين فيها، فنحن لا نتعامل مع دولة بالمعنى القانوني وإنما مع كيان استعماري خارج عن القانون، نحن لا نتعامل مع شعب بالمعنى الحضاري، وإنما مع قطعان من المستوطنين أقرب إلى الهمجية منهم إلى الإنسانية».
الرئيس الأسد الذي لفت إلى أنه «من غير الصحيح القول إن المشكلة هي في حكومة راهنة متطرفة فاقدة للعقل وشعب مذعور مما حصل في السابع من تشرين الأول في العام الماضي، فكلهم يعملون بعقل إيديولوجي واحد، عقل مريض بسفك الدماء، مريض بوهم التفوق، مصاب بانفصام الشخصية بين كره النازية ظاهرياً وعشقها كجزء عضوي منه واقعياً، فأولئك هم المستهدفون وأولئك هم المشكلة، والمشكلة تحدد الوسيلة، والوسيلة أساس النجاح».
وختم الرئيس الأسد بالقول: «هنا يكمن جوهر اجتماعنا اليوم الذي أرجو له أن يكون ناجحاً، وأن نوفق في اتخاذ القرارات الصائبة، كي لا نكون كمن يتحدث مع اللص بلغة القانون ومع المجرم بلغة الأخلاق ومع السفاح بلغة الإنسانية، وكي لا تكون النيات الحسنة مرة أخرى منطلقاً وحافزاً للمزيد من الموت بحق الشعبين الفلسطيني واللبناني اللذين دفعا على مر العقود ثمن النيات الطيبة والآليات الغائبة».
وعلى هامش القمة أجرى الرئيس الأسد لقاءين رسميين الأول جرى قبيل انعقاد القمة مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، حيث جرى البحث في العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين وجدول أعمال القمة.
كذلك التقى الرئيس الأسد مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وجرى خلال اللقاء بحث أهمية انعقاد القمة العربية – الإسلامية في ظل ما تشهده المنطقة من تصعيد خطير للعدوان الإسرائيلي ضد بعض دولها، وأهمية تنفيذ مخرجات هذه القمة.
وشدد الرئيس الأسد والأمير محمد بن سلمان على مركزية القضية الفلسطينية، وخطورة توسيع رقعة العدوان على دول أخرى في المنطقة.
كما تناول البحث العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين وسبل تعزيزها بما يخدم مصالحهما المشتركة.
البيان الختامي للقمة حذر من خطورة التصعيد الإسرائيلي إقليمياً ودولياً، مديناً بأشد العبارات ما يتكشف من جرائم مروعة وصادمة يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي، مطالباً مجلس الأمن بتشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة وذات مصداقية للتحقيق في هذه الجرائم، واتخاذ خطوات جدية لمنعها.
وأكد مركزية القضية الفلسطينية والدعم الراسخ للشعب الفلسطيني لنيل حقوقه الوطنية المشروعة غير القابلة للتصرف، وأعلن البيان بدء العمل على حشد الدعم الدولي لتجميد مشاركة إسرائيل في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وجدد التأكيد على أن سيادة دولة فلسطين الكاملة على القدس الشرقية المحتلة، عاصمة فلسطين الأبدية ورفض أي قرارات أو إجراءات إسرائيلية تهدف إلى تهويدها وترسيخ احتلالها الاستعماري لها.
كما أكد البيان الختامي الدعم المطلق للبنان وأمنه واستقراره وسيادته وسلامة مواطنيه، داعياً إلى الوقف الفوري لإطلاق النار وتطبيق القرار 1701.
وحذر بيان قمة الرياض من خطورة التصعيد الذي يعصف بالمنطقة وتبعاته الإقليمية والدولية، ومن توسع رقعة العدوان الذي جاوز العام على قطاع غزة، وامتد ليشمل الجمهورية اللبنانية، ومن انتهاك سيادة جمهورية العراق والجمهورية العربية السورية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، دونما تدابير حاسمة من الأمم المتحدة وبتخاذل من الشرعية الدولية.