الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين يكرم زيناتي قدسية … في معظم أعماله سعي دائم لإنجاز مسرح عربي بعيد عن التقليد والاستنساخ لتجارب الآخرين
| عبد الحكيم مرزوق
قدم الفنان زيناتي قدسية مونودراما «أيوب» من تأليفه وإخراجه على مسرح قصر الثقافة بحمص وذلك بدعوة من رابطة حمص للاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين بالتعاون مع مديرية الثقافة.
يختصر زيناتي قدسية الذي لعب شخصية أيوب على خشبة المسرح بعض تفاصيل القضية الفلسطينية وانحراف بعض قياداتها عبر تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، والتغييرات التي طرأت على بعض قياداته التي تعاقبت في السنوات الماضية عبر ثلاث مراحل اختصرها بالكراسي التي كانت متوضعة يمين ووسط ويسار مقدمة خشبة المسرح من خلال قصص كان يرويها، آخذاً دور الراوي حيناً ومجسداً بعض الشخصيات التي يأتي على ذكرها، مفترضاً أنه في سهرة تتبدل شخوصها حسب القصة التي يرويها وحوادثها التي قد تبدو أنها عادية لكنها تعكس مدى التضحيات التي قدمها الفلسطينيون في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي من جهة ودور بعض الانهزاميين والمطبعين الذين تغيرت لهجتهم في سبيل الحفاظ على مكاسبهم الشخصية التي منحت لهم في مراحل لاحقة.
المرحلة الأولى في المواجهة مع الكيان الإسرائيلي حين بجمع أهالي قرية «الجلمة» ثمن مدفع في معركتهم التي يستشهد فيها سعيد الحمروني وصديقه محسن أبو طلال ويقتلون العشرات من المحتلين الصهاينة، وبالتوازي يروي قصة ابنه عبدالحفيظ الذي درس الطب في الخارج ورفض الزواج من ابنة بلده من أجل عيون «راشيل» التي ينجب منها ابنته «لوسي» حيث تتغير نظرة الجيل الجديد الابن للقضية حيث يطالب أباه بالتوقف عن رواية قصص المقاومة ضد الاحتلال لأنه موعود بمنصب مهم وهكذا يصبح الابن عدو أبيه، وفي القسم الأخير يكشف زيف بعض القيادات وترهلها وانغماسها في الفساد ويقف في مواجهتها كاشفاً مواقفها التي لا تخدم القضية الفلسطينية وخاصة بعد التوقيع على معاهدة مع الكيان الإسرائيلي عام 1993، ليستمر في مواقفه الوطنية أمام التراجع العربي في دعم القضية الفلسطينية، ورافضاً مغادرة المخيم الذي يعيش فيه لكونه رمزاً للصمود والتمسك بالقضية الفلسطينية التي تخلى عنها الكثيرون.
تكريم زيناتي قدسية
بعد العرض تم تكريم الفنان زيناتي قدسية الذي يعتبر أحد الفنانين الذين قدموا الكثير من الأعمال المسرحية والتلفزيونية والسينمائية وكانت بوصلته في أعماله المسرحية عن القضية الفلسطينية التي ظل وفياً لها في كل الأعمال التي كتبها وأخرجها للمسرح في سورية.
مثقل بالمعرفة والخبرة
الفنان أمين رومية رئيس فرع حمص لنقابة الفنانين قال: إن زيناتي قدسية كان مثقلاً بالمعرفة والخبرة التي اكتنزها خلال عقود من الزمن، ولم يكن خاضعاً للمفاهيم والقواعد التقليدية السائدة، وكان متمرداً وثائراً عليها، ومؤمناً بمركزية النص المسرحي القوي لكونه يولد لديه دافعاً للتحدي وتقديم رؤية إخراجية معادلة للنص، فنلمس في معظم أعماله سعيه الدائم نحو إنجاز مسرح عربي بعيد عن التقليد والاستنساخ لتجارب الآخرين وهذا ما جعل أعماله تتسم بالفرادة والتميز.
ترك بصمة لا تمحوها الأيام
الدكتور عصام الكوسى قال: كرمنا رجلاً وضع أعواد مسرحه على كتفيه وسار في درب معبد بالشوك على مدى ستين عاماً ولم يعرف في ترحاله الطويل كللاً ولا مللاً فشكل حالة متميزة في المسرح السوري المعاصر، واستطاع الفنان زيناتي قدسية الولوج إلى ردهات الفن المختلفة، وله ما ينوف على ستين عملاً فنياً توزعت بين المسرح، والمسلسل التلفزيوني، والفيلم السينمائي، وكان فيها مميزاً وترك بصمة لا تمحوها الأيام ولا يغطيها غبار السنين.