ثقافة وفن

حكي بحكي في زمن القهر والجهل والموت قسراً

شمس الدين العجلاني: 

زماننا زمن الجهل والقتل والإرهاب.. زمن المال العربي المهدور على قتل العربي.. في العراق كما في سورية، كما في اليمن، والبقية تأتي.. البشر والحجر عرضة للقتل والتهجير والتهديم…
البشر والحجر يخضعان في بلادنا لهمجية الاقتلاع والتهجير والتشريد، والقتل بمال عربي وجلاد عربي، تحقيقاً للعبة الشطرنج للطغاة من دون أن يتدبّر أحد ما سيكون عليه اليوم التالي.
هكذا حلَّ زمن الحروب والجهل علينا، وكشف اللثام عن أكبر دولة عربية، هي وراء هذه الحروب العربية!؟ ترسانتها العسكرية من أكبر ترسانات العالم، وفق تقرير نشرته مؤسسة «جلوبال فاير باور»، أحد أهم المؤسسات البحثية الأميركية المتخصصة في تقديم قواعد بيانات تحليلية عن القوى العسكرية في العالم. فجيشها الأقوى في منطقة الخليج العربي، والثالث من حيث القوة عربياً، ويحل في المرتبة 28 ضمن قائمة تضم 126 دولة.
فهي تملك 1210 دبابات، و5472 عربة مدرعة مقاتلة، و524 مدفعاً ذاتي الحركة، و432 مدفعاً مجروراً (بواسطة مركبات وشاحنات مخصصة لهذا الغرض)، و322 راجمة صواريخ متعددة القذائف.
أما قواتها الجوية، فإنها 155 مقاتلة اعتراضية، و236 طائرة هجومية ثابتة الجناح، و187 طائرة نقل، و168 طائرة تدريب، و182 مروحية، و18 مروحية هجومية. وبشأن القوة البحرية فهي تمتلك 55 قطعة بحرية من بينها 7 فرقاطات. وميزانيتها تقدر بـ56.725 مليار دولار.
يومياً تغير بطائراتها أكثر من 100 غارة على اليمن «وليس على إسرائيل» منذ قرابه الخمسين يوماً، ومع كل ذلك تخشى حسب ادعائها الحوثيين!؟

حرب مجنونة
نقرأ بتؤدة.. نقرأ من دون انحياز أو تجن.. نقرأ بغض النظر عما حصل ويحصل في بلادنا، نقرأ أخبار الصباح والمساء، نقرأ الصحف والمجلات من أولها إلى آخرها وبالعكس، ونتساءل ترى ما هذا الذي تقوم به السعودية تجاه اليمن!؟ وتشتري بعض الأنظمة العربية وغير العربية للقتال في حربها على اليمن!؟، بحجج واهية لا يمكن الوقوف عندها، يقولون «السعودية ومن لف حولها» إنهم يخشون على المقدسات الإسلامية من الحوثيين! فهل هؤلاء الحوثيون يملكون جيشاً يقف أمام عشرات الجيوش التي جندتها السعودية؟ هل يملك الحوثيون مليارات المليارات من الدولارات التي تقف في مواجهة ما تملكه السعودية وتوزعه هباءً منثوراً على خططها الجهنمية، وأفكارها الإرهابية!؟ هل نسينا أنه في عام 1925 م قام آل سعود بأنفسهم بتهديم المقدسات الإسلامية في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وكانوا يسعون لتهديم قبر الرسول الكريم!؟ ألم يعتدِ آل سعود على الكعبة التي هي قِبْلَة المسلمين!؟
نقرأ بتؤدة ما تنشره الصحافة العربية والأجنبية عن هذه الحرب الظالمة على يمننا «اللهم بارك لنا في يمننا» «حديث شريف». أكثر من 20 مليار دولار هي تكلفة العملية العسكرية التي شنتها قوات التحالف العربي، بقيادة المملكة العربية السعودية، على اليمن، عدا ما تم دفعه للدول التي شاركت وأيدت الحرب على اليمن فيقول مختار الغباشي، رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية في مصر، إن تكلفة: «عاصفة الحزم» تتكبدها دول مجلس التعاون الخليجي، وتتحمل السعودية النصيب الأكبر منها، وتتولى الإنفاق عن مصر في مصروفات الحرب، من خلال إرسال تحويلات مالية لها بما تتطلبه القوات والمعدات».
ويتابع الغباشي بالقول: «مصر أكبر مستفيد مالياً من الحرب على اليمن» وأشار إلى أن مصر تلقت 14 ملياراً و900 مليون دولار من دول الخليج قبل المؤتمر الاقتصادي، و13 مليار دولار بعده، مؤكداً: «مصر مش هتدفع ولا مليم في حرب اليمن»، نافياً مشاركة مصر بالحرب لتقديم الولاء لدول الخليج، بل لأهداف إستراتيجية تتمثل في حماية مضيق باب المندب وقناة السويس»!!!
تكلفة الحرب على اليمن بحسب فضائية العربية، «يوم الخميس 2نيسان- 2015»- قد تصل إلى مئات ملايين الدولارات شهرياً، حيث قد تنفق السعودية نحو 175 مليون دولار شهرياً على الضربات الجوية باستخدام 100 طائرة.
وتابع المحللون إن الحملة الجوية- التي قد تستمر إلى أكثر من خمسة أشهر- ربما ستكلف الرياض أكثر من مليار دولار.!؟ وفي حال أي تدخل بري سعودي، فهذا سيؤدي إلى زيادة التكاليف- بحسب المحللين- وستنفق الرياض أكثر من 500 مليون دولار على عملية برية محدودة.
أما في حال نشرت السعودية قواتها على المدى الطويل- وفقًا لتقديرات المحللين- فستكون التكلفة على غرار إنفاق الأمم المتحدة لقواتها الـ123 ألف جندي الموزعين حول العالم، بتكلفة 8.5 مليارات دولار.
وأفاد المحللون أن التكلفة مرهونة بنوع المهمة ومدتها وحجم قواتها. وأكد أنها «بكل الأحوال، ستبقى ميسورة للسعودية، وخاصة إذا ما قورنت بصافي الاحتياطيات الخارجية للبنك المركزي، التي بلغت العام الماضي 707 مليارات دولار».
هذه الأموال الأكثر من طائلة وهذا الحشد المسلح الرهيب كله من أجل الحوثيين «حسب ادعائهم»، في حين الصحيح أنهم يستهدفون اليمن حجراً وبشراً.
الحوثيون يشكلون بين 6 أو 7 بالمئة من تعداد سكان اليمن البالغ عددهم 26 مليون نسمة، أي ما يقارب مليوناً ونصف مليون نسمة مع الأطفال والنساء والشيوخ، موزعين على عدد من المحافظات والمديريات، ومركزهم الرئيس في صعدة، وهذا يدل على أنهم ليسوا بذلك العدد الذي يشكل خطورة حسب ادعاء آل سعود وجماعتهم، على مضيق باب المندوب والمقدسات الإسلامية، والمنطقة العربية، بغض النظر أن هؤلاء الحوثيين من عقب شريف وليسوا من سلالة يهودية كما هم آل سعود..
ويجب الانتباه جيداً إلى أن الحوثيين يتخذون من العداء للولايات المتحدة وإسرائيل واليهود عنواناً لشعاراتهم السياسية، ومنهجاً يقومون عليه، كما تهيمن القضية الفلسطينية على خطاباتهم السياسية.
كل هذا الضجيج العسكري والإعلامي، كل هذه المليارات من الدولارات، كل هذه الترسانة من الأسلحة، كل هذه الجيوش لو سُخرت لمحاربة إسرائيل، لانتهت إسرائيل من على الخريطة.. لو سخرت إمكانية عاصفة الحزم أو عاصفة الأمل لتحرير المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، لعادت القدس لنا وأنشدنا مع فيروز زهرة المدائن..
كل ذلك لا يعني إلا وجود أيادٍ خارجية، وأيادٍ عربية ملوثة، ومخططات قديمة حديثة، وخرائط جديدة، وشركات عسكرية تريد تصريف بضائعها، وشركات ارتزاق تؤمن رجالاً للقتل، ومخططات إرهابية والسعودية لاعبها الأول!

صفقة سلاح خيالية ضد العرب والإسلام
يقول مطاع صفدي المفكر العربي ومؤسس مركز الإنماء القومي ورئيس تحرير مجلة الفكر العربي المعاصر: «لا شك أنه ليس من مواطن عربي أو آخر، سمع بخبر الستين مليار دولار تدفعها دولة عربية ثمناً لصفقة سلاح أميركية، إلا واعتراه على الأقل شعور الدهشة والعجب. فالسلطة السعودية لم تحسب حساباً لأي رد فعل إنساني وليس سياسياً، لدى الرأي العام في بلدها، أو في الوطن العربي الأكبر، أو في أي صقع من عالم اليوم الذي هو أشبه بقرية صغيرة. ذلك أن الصفقة هي حقاً صدمة للوعي، من دون أي جنسية أو تبعية معينة».
هذه الصفقة العسكرية هي من أهم أسباب الحرب التي تشنها الولايات المتحدة الأميركية برموزها العربية على البلاد العربية!!!
هذه الصفقة العسكرية التي عقدتها أميركا مع السعودية، كانت ميزتها الأميركية- الإسرائيلية حسبما قال أوباما، أنها أسلحة مبرمجة إلكترونياً بحيث لن تستعمل ضد إسرائيل، وكأن حال أميركا يقول، يا آل سعود استعملوا هذه الأسلحة ضد من تشاؤون من الدول العربية أو الإسلامية، أو حتى هؤلاء الفقراء الحوثيين لأنهم يشكلون تهديداً ضد المملكة..! ولكن احذروا استعمالها من أجل القدس، من أجل المقدسات الإسلامية والمسيحية!!!
ويتابع الصفدي « لم يعد يفيد تكرار القول إن المال العربي ليس ملكاً لأهله، كما أن العرب لا يسيطرون على ثرواتهم النقدية والإستراتيجية. لكن صار لزاماً التمعن أكثر في هذه الخاصية البائسة المميزة الأولى، إن صح التعبير، لشخصية الانحطاط العربي الرسمي المعاصر. فهناك، في واقع الأمر عربان، أحدهما عرب الحكام وطبقتهم، وعرب الملايين من البشر، فالأولون هم الحاكمون بأمرهم، والمالكون الفعليون أو الاسميون لمقدرات شعوبهم، كما لثرواتهم الوطنية والقومية».

قيادات ثورية تقدمية
إن خرجنا من ساحة اليمن والحرب الظالمة عليها، لندخل إلى الحرب على سورية فسوف تكون الرؤية سوداوية أكثر فأكثر ويتضح فيها جلياً دور ما اصطلح على تسميته دول الخليج العربي.
شر البليه ما يضحك فالدول التي تفتقر إلى أبسط قواعد الديمقراطية، وتتعامل مع شعبها على مبدأ القمع وكم الأفواه وليس لديها دستور أو برلمان منتخب، وتعتقل شاعراً بسبب قصيدة، وتحاكم امرأة بسبب قياده سيارة، وتجلد مدوناً بسبب تغريده، وتقطع رأس الإنسان وتجلده بسبب أو بلا سبب… هذه الدول بقدرة قادر تحولت إلى قيادات ثورية تقدمية: «والغريب أن أطرافاً في حلف الأطلنطي ذاته في دهشة أن بعض نظم عربية محافظة تحولت فجأة إلى قيادات ثورية تقدمية تدعو إلى الثورة المسلحة، ثم إن الحملة على سورية مُضافاً إليها الحملة على إيران توشك أن تحول الصراع الرئيسي في الشرق الأوسط من صراع عربي إسرائيلي، إلى صراع سني شيعي – فتنة أخرى في دار الإسلام نفسه وفى قلبه- وتلك خطيئة كبرى- محمد حسنين هيكل في أحد لقاءاته مع صحيفة الأهرام 2012م».

عبد الناصر «المهم سورية»
ويلمح محمد حسنين هيكل في اللقاء ذاته مع صحيفة الأهرام، إلى دور دول الخليج في تدمير سورية حجراً وبشراً، وفي الوقت نفسه يطالب بالحفاظ على سورية: «فيما يتعلق بـسورية ولست أريد أن أطيل فيه، فلعلي أضيف إن صوتاً من الماضي لا يزال في سمعي، وهو صوت جمال عبد الناصر يوم الانفصال سبتمبر 1961، وهو يواجه انقلاباً في دمشق على الجمهورية العربية المتحدة، التي كانت تضم سورية ومصر، وصوت جمال عبد الناصر يقول بنزاهة وأمانة وتجرد: (ليس مهما أن تبقى سورية في الجمهورية العربية المتحدة، ولكن المهم أن تبقى سورية). والآن هناك من يتدخل في الشأن السوري، بما يهدد بقاء سورية، وهذا جزء من ملف خطير- بالغ الخطورة».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن