نداء لقمة باكو البيئية
| ميشيل خياط
يجتمع منذ 11 تشرين الثاني الجاري في باكو عاصمة أذربيجان، ما يقرب من خمسين ألف مندوب «بيئي» يمثلون 193 دولة في العالم «أعضاء في اتفاقية باريس للمناخ -للعام 2015-» في قمة عالمية «سنوية» تحاول منذ 29 سنة «من دون جدوى ملموسة»، خفض درجة حرارة الأرض عن ارتفاعها المستمر، عن معدل العام 1750 تاريخ دخول العالم الثورة الصناعية الأولى.
إن المؤتمر الراهن COP29، ينعقد تحت جناحي شعار يوم البيئة العالمي في 1/11/2024-«أرضنا مستقبلنا- معاً نستعيد كوكبنا»، في محاولة جديدة لاستعادة الأراضي الزراعية ووقف التصحر ومقاومة الجفاف.
وبانتظار البيان النهائي في ختام هذا المؤتمر الدولي في 22 الشهر الجاري، يجب ألا نقف مكتوفي الأيدي ومتفرجين، ذلك أن محاور المؤتمر واضحة وستغتني بالحوار العلمي العميق لعلها تصل إلى صيغ عملية تنقذ الكرة الأرضية من مستقبلها المظلم وتصون كوكبنا من الاندثار!!.
سُبق هذا المؤتمر الدولي بكوارث طبيعية مروعة مثل حرائق غابات كاليفورنيا، وفيضانات المغرب وساحل ليبيا الشرقي في أيلول من العام 2023 وفيضانات فالنسيا «المفاجئة» في إسبانيا في الشهر الماضي وقد راح ضحيتها 213 إنساناً، ولم تكن سورية في منأى عن هذا التغير المناخي الحاد، إذ بدلاً من أن تهطل الأمطار الغزيرة على المناطق الساحلية أواخر تشرين الأول الماضي، اندلعت حرائق مروعة، قضت على عشرات ألوف الدونمات من الغابات البديعة وحقول الزيتون وبساتين الحمضيات في اللاذقية وطرطوس وحمص، وازداد نهر بردى تلوثاً مرعباً وسط العاصمة دمشق بسبب الجفاف، وبات بؤرة مرض مذهلة!
تتحدث وثائق العلماء المشاركين في هذا المؤتمر عن سبب وحيد جوهري يقصم ظهر البشرية، هو الوقود الأحفوري أي النفط ومشتقاته، هذا النفط يولد الطاقة ويحرك كل شيء في الحياة ولكن بثمن باهظ، إذ يَصدر عن احتراقه في محركات السيارات ومداخن البيوت والمصانع، غاز الدفيئة «ثاني أوكسيد الكربون» الذي يُنفث حاراً ويبقى داخل الغلاف الجوي فيُسخن الأرض.
لقد ارتفع معدل حرارة الأرض منذ العام 1750 وحتى الآن أكثر من 1.5 درجة مئوية، ويرى العلماء أن الكرة الأرضية تتجه نحو ارتفاع في معدل حرارتها إلى «2.6 و 3.2 درجات مئوية» حتى نهاية هذا القرن الحالي، بالمقارنة مع العام 1750.
هذا الارتفاع في درجة حرارة الأرض عن المعدل الطبيعي ما قبل الثورة الصناعية هو سبب الجفاف الحاد والحرائق الهائلة غير المسبوقة والفيضانات الضخمة المستهجنة، ومن المؤسف أن الجهود السابقة لم تثمر خفضاً في إنتاج أو استهلاك النفط!! وهذه الحقيقة غير معقولة، إن مصير الأرض متروك للفناء بفعل من شياطين بثياب بشر، لا يرتوي ظمؤهم للمال وللأرباح الهائلة، وهم وراء الحروب الكثيرة في حياتنا الراهنة ومنها الحرب –الإسرائيلية- الحالية المجنونة ضد غزة ولبنان، التي يستخدم فيها العدو قنابل أمريكية، ذات قوة تدميرية هائلة وأدخنة وغازات سامة «كان حجم الجسيمات في هواء لبنان ودول الشرق الأوسط 37 ميكروغراماً في المتر المكعب بدلاً من 15 (النورم العالمي)، ما كان يتسبب في زيادة كبيرة في السكتات الدماغية وسرطان الرئة والداء السكري وأمراض الجهاز الهضمي (حسب منظمة الصحة العالمي)».
وأرى ضرورة قياس حجم هذه الجسيمات الآن بعد عام ونيف على الهجمة الإسرائيلية المجنونة على غزة ولبنان.
وإذا كان مؤتمرcop 29 قد انعقد هذا العام وفي ذهنه معالجة مسألة تمويل مكافحة التغير المناخي، إذ تقدر الأضرار بآلاف مليارات الدولارات في حين أن كل المؤتمرات العالمية لم تقو على جمع مئة مليار دولار منذ العام 2020 وحتى الآن، فإنه ليس غريباً ألا نندهش، بل المستغرب فعلا ألا نستنكر.
إن ما هو أهم من المال، أن يوصي المؤتمر الراهن بوقف فوري للهجمة الوحشية الإسرائيلية على غزة ولبنان، فهي إلى جانب أنها إبادة جماعية للبشر، تجفيف للماء وتلويث للهواء وحرق للشجر، إنها هجمة متوحشة على البيئة، وسعي إسرائيلي إلى إفناء أجزاء من الكوكب، يسعى مؤتمر COP 29 إلى استعادته!