ثقافة وفن

حكاية أبو نزهة لقومي حمص … استمدها تمام العواني عن شخصية حقيقية كانت تبيع الكتب على حائط مبنى المحافظة

| عبد الحكيم مرزوق

قدم المسرح القومي بحمص عرضاً مسرحياً بعنوان: (حكاية أبو نزهة) تأليف وإخراج الفنان تمام العواني على مسرح قصر الثقافة بحمص بحضور جمهور من المهتمين ومتابعي الأنشطة الثقافية.

شخصية حقيقية

حكاية أبو نزهة استمدها المؤلف والمخرج تمام العواني عن شخصية حقيقية كانت تبيع الكتب على حائط مبنى المحافظة منذ أكثر من أربعين عاماً حيث كان علامة بارزة في تلك الأيام ويحوي كتباً نادرة وعناوين مهمة وبقي في موقعه الإستراتيجي سنوات عديدة إلى ما قبل الحرب الكونية على سورية حيث بدأت الضغوط لإزالته مع كتبه بحجة إشغال الأرصفة وتشويه النسيج العام في المدينة حيث تعرض لملاحقة شرطة المدينة ومضايقات كثيرة وهكذا غاب أبو نزهة وغابت كتبه القيمة ولم نعد نراه، لا هو ولا مكتبته الغنية بأمهات الكتب، ومع انتهاء الحرب الكونية بقي مكانه شاغراً وفارغاً من «أبو نزهة» وكتبه.

دعوة للقراءة

الفنان تمام العواني الذي جسد شخصية «أبو نزهة» دخل المسرح دافعاً عربته التي ورثها عن أبيه وهو يسرع الخطوات من يمين المسرح إلى أقصاه ليدلل على هروبه من شرطة المدينة التي تلاحقه حيث يتوقف في النهاية مستسلماً مدعياً أن الشرطة تمكنت منه وحجزت عربة الكتب «خاصته» التي يعتاش منها وتبدأ سلسلة من الإجراءات من أجل إعادة العربة حيث يبدأ في سرد معاناته حين كان يبيع الكتب على حائط مبنى محافظة حمص الأثري محاولاً اللقاء مع المعنيين عن هذا القرار الذي جعله مطارداً ومحاصراً في لقمة عيشه حيث يبدو المسؤول في مجلس المدينة متفهماً لمشكلة أبو نزهة ولكنه في ذات الوقت عاجز عن اتخاذ أي قرار بسبب القوانين والقرارات الموضوعة والتي تمنع إشغال الأرصفة وبسبب عدم وجود أنظمة تسمح ببيع الكتب في الشوارع وخاصة أن الكتب التي تباع غير مطبوعة في مطابع بلادنا ومعظمها مستورد ولم تخضع لموافقات الرقابة، وهذا يخرج أبو نزهة خالي الوفاض دون أي نتيجة فيلجأ لجهة أعلى في المحافظة، ولأسباب لم يوضحها العرض يتأخر أبو نزهة عن لقاء المحافظ الذي ينشغل بقضايا أخرى حيث يستدعى من إحدى الجهات الوصائية التي تطلب منه عدم لقاء أي أحد من المسؤولين وإغلاق «القضية» عند هذا الحد حيث يرمي كتبه ويوزعها على الناس كي تقرأ مجاناً ويخرج من المسرح ليلتحم مع الجمهور وهو يطلب منهم أن يقرؤوا ويقرؤوا حيث ينتهي العرض بهذه الدعوة للقراءة لما للقراءة من فائدة على المجتمع.

الممثلون

حاول الفنان تمام العواني مؤلف ومخرج العرض أن يقدم عرضاً مسرحياً ماتعاً مع الفريق المسرحي الذي شاركه بتجسيد الشخصيات وهم محمد خير الكيلاني الذي جسد شخصية «مدير الثقافة» بدماثته وتعاونه مع كل الفرق الموسيقية والمسرحية وتقديم التسهيلات الممكنة لتنشيط الثقافة، ولكنه في ذات الوقت لا يستطيع أن يساعد أبو نزهة في معاناته لأن مديرية الثقافة لا تمنح تراخيص بيع الكتب وليس من حقها إعطاء موافقة على البيع في هذا المكان أو ذاك، وسعيد العدوي الذي جسد شخصية «المسؤول في المدينة» والذي بدا مقنعاً في دوره المرحب أولاً والرافض حسب نصوص القوانين ثانياً، ويارا العلي التي قامت بدور «السكرتيرة» بمزاجية التعامل مع المراجعين وعدم تقديم المساعدة المطلوبة، وجهاد شرفلي الذي لعب دور بائع «الجرابات» وهوعازف على آلة العود الذي يخضع لرغبة أبو نزهة ويغني سكابا يادموع العين في الشارع حيث يرقص على أنغامها أبو نزهة وهو سعيد وكأنه خرج من أزمته النفسية ومعاناته التي حرم فيها من مصدر رزقه وهي إشكالية واضحة في العرض المسرحي لكنه بعد ذلك يعود لحالته وكأنه تذكّر واقعة حيث يبدأ برمي الكتب هنا وهناك داعياً الجمهور إلى القراءة.

أخيراً

عرض أبو نزهة عرض مهم سلط الضوء على مشكلة حقيقية موجودة هي ملاحقة وإلغاء مكتبات الأرصفة مع العلم أن هذه المكتبات موجودة في العديد من دول العالم الكبرى وهي جزء مهم تحافظ عليها تلك الدول لأنها تقدم خدمة مهمة للمجتمع المحلي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن