«الفريلانسرز».. كثيرون في سوق العمل السوري من دون ضوابط تحفظ حقوقهم … فضلية لـ«الوطن»: رجال أعمال من الخارج يستغلون ضعف الرواتب في سورية .. حزوري لـ«الوطن»: نحتاج إلى تحديث السياسة النقدية وتبسيط إجراءات التحويلات المالية
| جلنار العلي
يفرض الواقع الاقتصادي الحالي الذي تعيشه البلاد، وندرة فرص العمل بالقطاعين العام والخاص على حد سواء، ظهور نمط عمل جديد يختلف عما هو معتاد من ناحية التزام العامل بعدد ساعات دوام معينة مقابل أجر شهري، حيث بات السوريون يعتمدون في نسبة كبيرة من مصادر دخولهم على العمل الحر «الفريلانس» عن طريق اتفاق شفهي بين رب العمل الذي يكون إما داخل البلاد أو خارجها بالأغلب لإنجاز عمل ما مقابل أجر مادي، ويتقاضى الموظف أجره وفقاً لنظام القطعة أو الخدمة التي يقدمها، وليس بالضرورة أن تكون هناك مهام مستمرة أو متواترة تطلب منه.
هذا النمط الجديد أوجد رغبة لدى الكثير من العاملين فيه بإيجاد طريقة لحفظ حقوقهم عند أرباب الأعمال سواء داخل البلاد أو خارجها، إضافة إلى وجود مطالبات بإصدار تسهيلات مصرفية للحصول على التحويلات من الخارج لضمان عدم ضياع الحقوق.
الخبير الاقتصادي الدكتور عابد فضلية فضّل في بداية حديثه مع «الوطن» الحديث عن أسباب توسع هذه الفئة من الأعمال، فكانت البداية من ارتفاع نسبة البطالة ومحدودية وتراجع فرص العمل في القطاعين العام والخاص، لذا فإن التوجه إلى العمل الحر هو ليس حالة كيفية وإنما إجبارية ما دامت الأجور ضعيفة وأقل مما يجب أن تكون عليه، وهذا ما يضطرهم للقبول بالكثير من الشروط المجحفة المفروضة من أرباب الأعمال في الشركات.
وفي السياق، أشار فضلية إلى أن أرباب الأعمال في الخارج سواء بدول الجوار أو حتى في دول أوروبا يستغلون ضعف الرواتب والأجور في سورية وندرة فرص العمل، فيضغطون بشكل أكبر على السوريين لأنهم يعلمون أن العمل مع شركات خارج سورية يعد فرصة ممتازة بالنسبة لهم، ويعتبرون أن أي مبلغ يعطونه فوق ما يعطى في السوق المحلية يعد جيداً ويقبل فيه الشاب السوري، لذا فإن الحل هنا يتمثل برفع الأجور محلياً ليتمكن الشباب من الحصول على مقابل مادي يناسب حجم ما يبذلونه ويكون مقارباً لما يعطى لأقرانهم الأجانب الذين ربما يعملون في الشركة ذاتها.
وحول إيجاد آلية لحماية حقوق السوريين العاملين بشكل حر، أكد فضلية أن التشريعات والقوانين لا تستطيع أن تغطي مثل هذه الحالات غير التقليدية بالنسبة لسوق العمل، ولا يمكن لأي جهة نقابية أن تفرض أي شروط على رب العمل لكون هذه الأعمال تتم بالتراضي بين الفرقاء سواء كان العمل بعقود أو من دون ذلك، مطالباً بتطوير القوانين والتشريعات التي لا تحدّث ولا تجدد بشكل متواتر يتناسب مع الظروف المعيشية والاقتصادية، معتبراً أنها لم تكن يوماً كافية وقادرة على تغطية كل الحالات، لذا يمكن هنا توسيع مظلتها لتشمل كل الحالات الطارئة على سوق العمل، وخاصة أن هذه القوانين أصبحت قديمة وغير عادلة بالنسبة لكل حالات التشغيل، متابعاً: «ومع ذلك حتى لو تم إيجاد مثل هذه القوانين، فإن المشكلة الحقيقية تكمن بعدم متابعة التنفيذ من النقابات والجهات الرقابية».
أما الخبير الاقتصادي الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة حلب الدكتور حسن حزوري، فأرجع في تصريحه لـ«الوطن» عدم تمكن الشباب السوري من الحصول على حقوقهم الكاملة من جراء عملهم بشكل حر مع جهات خارجية، إلى السياسة النقدية والصعوبات في التحويلات المالية إلى داخل سورية، فمن يعمل مع الخارج يحتاج إلى حساب خارج سورية وإمكانية التحصيل منه، أو وسيط في الخارج ليتمكن من تحويل الأموال إليه.
ولفت إلى أن العمل الحر ينمو بشكل كبير جداً بين أوساط الشباب، وذلك للتعويض عن جزء من احتياجاتهم المادية، وهو مكمل في سوق العمل، لكن لن يكون هذا الخيار بديلاً عن رفع الأجور للوصول إلى دخول توازي تلك الموجودة في الدول المجاورة على أقل تقدير، علماً أن هذا النوع من الأعمال موفر للطرفين، سواء للموظف أو رب العمل الذي يخفض من خلال التعاقد مع موظفين عن بعد من حجم النفقات التي كان سيدفعها لو تم التوظيف بالطرق التقليدية.
واتفق حزوري مع ما ذكره فضلية من ناحية استغلال ضعف الرواتب والأجور في سورية، معتبراً أن الأمر مشابه لما يحدث في أساليب التوظيف التقليدية، فمثلاً يأخذ الأستاذ الجامعي السوري في الجامعات العراقية أجراً شهرياً لا يتجاوز 1500 دولار، في حين يصل أجر الأستاذ العراقي في الجامعة نفسها إلى 7000 دولار أميركي.