وإنّما أولادُنا بيننا.. أكبادُنا تمشي على الأرضِ … في يوم الطفل العالمي.. شعراء تغنوا بالطفولة
| وائل العدس
قد تجف أقلام الأدباء وتنضب أبيات الشعراء ولا ينتهي الحديث عن جمال الأطفال وذكريات الطفولة في عمر الإنسان؛ فالطفولة عالم مملوء بالحب والضحك والسعادة، تزينه قلوب وأرواح صافية طاهرة، عالم يسوده الحب والبراءة، التي لا تعرف حقداً ولا حسداً، أشبه بالسحاب الماطر الجميل الذي يعطينا الحياة، مثل الشجرة إذا رويتها بالحب والحنان تنبت لك الثمار الجميلة.
الطّفولة هي ربيع الحياة وبراعمه المتفتّحة التي تملأ الدنيا بروائح زكيّة عطرة، وهي الأحلام والأمل، وهي كقطرات الندى فوق الورود الجميلة في صباحات الحياة المشرقة.
اليوم العالمي
خلال عام 1954، تم الإعلان عن يوم الطفل العالمي باعتباره مناسبة عالمية يحتفل فيها في 20 تشرين الثاني من كل عام لإذكاء الوعي بين أطفال العالم وتحسين حياتهم.
وإضافة إلى ذلك فإنه منذ عام 1990 يحتفى باليوم نفسه بوصفه الذكرى السنوية لتاريخ اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة لإعلان حقوق الطفل وللاتفاقية المتعلقة بها.
اليوم العالمي للطفل هو مبادرة للأمم المتحدة تركز على الحقوق الأساسية للأطفال، وقد تم تأسيسها لتعزيز وحماية حقوق الطفل على النحو المبين في اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، وتشمل هذه الحقوق الحق في التعليم والصحة والحماية والمشاركة في القرارات التي تؤثر في حياتهم.
هو احتفال عالمي يهتم بحقوق الأطفال ورفاههم، بل هو بمنزلة تذكير بأهمية ضمان حصول كل طفل على فرصة النمو والتعلم والازدهار في بيئة آمنة.
ويتيح هذا اليوم لكل منا نقطة وثب ملهمة للدفاع عن حقوق الطفل وتعزيزها والاحتفال بها، وترجمتها إلى نقاشات وأفعال لبناء عالم أفضل للأطفال.
أولادنا أكبادنا
عبّر الكثير من الشعراء عن أهمية الأطفال باعتبارهم زينة الحياة الدنيا، ومن أشهر القصائد الذي كتبت في هذا الموضوع قصيدة شهيرة بعنوان «أولاد أكبادنا» للشاعر حطّان بن المُعلَى الذي يقول:
لولا بُنيّاتٌ كزُغْبِ القَطا
رُدِدْنَ مـن بعضٍ إلى بعضِ
لكان لي مُضْطَرَبٌ واسعٌ
في الأرض ذاتِ الطول والعَرْضِ
وإنّما أولادُنا بيننا
أكبادُنا تمشي على الأرضِ
لو هَبّتِ الريحُ على بعضهم
لامتنعتْ عيني من الغَمْضِ
البلبل الغريب
ومن قصيدة للشاعر السوري بدوي الجبل بعنوان «البلبل الغريب» يقول عن الطفولة في بعض أبياتها:
يجور وبعض الجور حلو محبّب
ولم أرَ قـبل الطّفل ظلماً محبّبا
ويغضب أحياناً ويرضى وحسبنا
من الصّفو أن يرضى علينا ويغضبا
وإن ناله سقم تمنّيت أنّني
فــداءً له كنت السّقيم المعذّبا
ويوجز فيما يشتهي وكأنّه
بإيجازه دلاً أعاد وأسهبا
يزفّ لنا الأعياد عيداً إذا خطا
وعيداً إذا ناغى وعيداً إذا حـبا
كزغب القطا لو أنه راح صادياً
سكبت له عيني وقلبي ليشربا
ويا رب من أجل الطّفولة وحدها
أفض بركات السلم شرقاً ومغربا
وصن ضحكة الأطفال يارب إنها
إذا غرّدت في موحش الرمل أعشبا
ويا رب حبّب كلّ طفل فلا يرى
وإن لج في الإعنات وجهاً مقطبا
وهيّء له في كلّ قلبٍ صبابةً
وفي كلّ لقيا مرحباً ثمّ مرحبا
الأطفال
أما الشاعر السوري شوقي بغدادي فيقول في قصيدة «الأطفال»:
هنا في فراغ القلب طاروا وحوّموا
فراشاتِ حقلٍ في عيوني تُدَوّمُ
أراهم مدى عمري فكـل قصيدةٍ
أغنّي قوافيَها التي تُشتهى هـمُ
أحبّهم في العيد فرحةَ بيتنا
مع الفجر قاموا، وارتدوا ثم سلّموا
أحبّهم عند الشتاء إذا غـدوا
فضجّ بهم صفٌّ وناء معلّـــم
فإن رجعوا فالبيت منهم قصائدٌ
تُعادُ، وأرقام مئاتٌ تُنظّم
وأعينهم إذا علقت في حكايةٍ
توقّدُ من وهْـج الحديث وتحكم
وخمشاتهـم في وجنــة الأمّ لذّةٌ
تسيل من الظّفر الحـبيب وتنعم
لأمثالهم نبني ونرفع عالمـاً
على الأرض يحيا الطّفل فيه ويسلم
أغنية إلى الطفولة
ومما كتب الأديب السوري أدونيس في الطفولة قصيدة بعنوان «أغنية إلى الطفولة» يقول فيها:
في السرير القَلقِ الدافئِ حُبٌّ
يستفيقُ،
هو للناس تراتيلُ، وللشمس طريقُ.
للطّفولة،
تشرق الشمس خجولة؛
في خُطاها يَصغر الكون الكبيرُ
ويضيق الأبدُ،
فلها الأرض غطاءٌ سَرمدُ،
ولها الدنيا سريرُ.
أنا بالأمس، ليَ الآهاتُ بَيْتُ
وليَ الفقر سراجٌ والدّمُ النّازف زيتُ.
كنتُ كالظلّ، كما دار به الفقر يدورُ
قدَمي ليلٌ وأجفانيَ نورُ.
يا طفولة،
يا ربيعَ الزمن الشّيخ وآذار الحياةِ،
وهَوَى ماضٍ وآتِ،
في غدٍ، أنتِ صراعٌ لا يُحَدّ،
وطموحٌ لا يُردُّ
وغداً أنت ميادين بطولة
تُنشى الكون وتُبدي وتُعيد،
فيغنّيك الكفاحُ
وتغّنيك الجراحُ،
ويغّنيك الدّم البِكْر الجديدُ
يا طفولة
يا هَوى ماضٍ وآتِ
يا ربيعَ الزّمَنِ الشيخِ وآذار الحياة.