شؤون محلية

دمشق عام 2030 كما يراها المختصون … المحافظ: إعداد مصور عام جديد لدمشق.. ولولا قصور المخطط التنظيمي لما ظهرت 19 منطقة مخالفات

| فادي بك الشريف -تصوير طارق السعدوني

أربع ساعات متواصلة من الحوار في قاعة رضا سعيد ضمن حرم جامعة دمشق، تمحورت حول «المصور العام لمدينة دمشق» المعمول فيه منذ عام 1968، وجرى نقاش مستفيض بحضور محافظ دمشق محمد طارق كريشاتي ورئيس الجامعة محمد أسامة الجبان والمعنيين في المحافظة والمختصين وعدد من أساتذة الجامعة من كلية الهندسة المعمارية والهندسة المدنية والتخطيط الإقليمي.

وقرر المختصون في خامس جلسات الحوار «لأجل دمشق نتحاور» على إعداد مصور عام جديد لمدينة دمشق وتشكيل لجنة فنية تخصصية للمساهمة في إعداد الدراسة، مؤكدين أن الدراسات السابقة «مخطط إيكو شار لعام 1968» المعمول بها لم تعد تتوافق مع التغيرات الحاصلة، كما أن آخر مشروع جرى العمل عليه ولكنه لم يكتمل.

التوسع باتجاه المناطق غير الخضراء

وفي تصريح لـ«الوطن» أكد كريشاتي أن الهدف من الجلسة تحديد الأسس اللازمة لإعداد مصور عام جديد لدمشق وضمان توافق المصور مع التحديات الراهنة وتعزيز المشاركة المجتمعية في عملية التخطيط ووضع رؤية واستراتيجية لتحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على هوية دمشق.

وأضاف كريشاتي: أنا شخصياً لست مع التوسع باتجاه الغوطتين المقترح ضمن الدراسة المقدمة في المرحلتين الأولى والثانية، علماً أن الدراسة لم تستكمل، مضيفاً: أنا مع التوسع باتجاه المناطق غير الخضراء، خاصة أن المناطق الخضراء هي رئة دمشق.

وخلال كلمته ضمن الجلسة قال المحافظ: لولا قصور المخطط التنظيمي لعام 1968 لما ظهرت 19 منطقة مخالفات بدمشق، لذلك نحن مهتمون بالمحيط الحيوي، ولكن ليس بالتوسع بشكل دائري والذي قضى على الغوطتين، ما كان يفرض عليناً التوسع نحو المناطق الغربية القاحلة.

حاجة ضرورية

وحول موضوع التمويل، أشار المحافظ إلى أن إعداد الدراسة ليس بالأمر المكلف جداً، وهي حاجة ضرورية، خاصة أن المحافظة تفكر بشكل تشاركي بالاستفادة من القامات العلمية الموجودة في الجامعة.

ولفت إلى أن جلسة الأمس الخامسة تعتبر أكثر تخصصاً بالتشارك مع جامعة دمشق، بهدف وضع تصور لدمشق لعام 2030، ولاسيما أن لدى المحافظة عدداً من الدراسات منذ عام 1968 وحتى عام 2008، ولغاية الآن تعمل دمشق وفق مخطط «إيكو شار».

مشكلة النقل

وبين كريشاتي أن الحوار تركز على عدة محاور أهمها الهوية البصرية لدمشق حتى 2030 وآلية التوسع بالمساحات الخضراء، والاستفادة المثلى من الموارد البشرية، مضيفاً: لا يخفى على أحد مشكلة النقل في دمشق، لذا هناك تفكير جاد بكيفية إيجاد الحلول من خلال المخطط التنظيمي لمعالجة الازدحامات، مع وجود مقترحات كثيرة أهمها المراكز التبادلية.

ونوه إلى التفكير بكيفية معالجة مناطق المخالفات المنتشرة بدمشق، معتبراً أن وجودها جاء نتيجة قصور في المخطط التنظيمي، لذا هناك حلول إسعافية جديدة.

وكشف كريشاتي عن 5 مناطق تنظيمية بصدد تنظيمها وهي «ماروتا سيتي – باسيليا سيتي – القابون الصناعي – القابون السكني جوبر»، مؤكداً صدور المخطط التنظيمية لبعضها، والآخر قيد الصدور.

وأضاف: نحن بحاجة لرؤية مستقبلية شاملة لدمشق تعالج كل التشوهات البصرية، لذا نحن بحاجة لمصور عام لدمشق ومحيطها الحيوي بالتشاركية مع محافظة ريف دمشق والتخطيط الإقليمي فيها وصولاً للهدف المنشود لنرى دمشق بأبهى حلة.

خطوات تنفيذية

هذا وقرر المختصون إضافة محاور جديدة في إعداد المخطط، وضرورة البدء بالعمل والخطوات التنفيذية لإعداد المصور التنظيمي الذي يراعي دمشق ومحيطها الحيوي، ووضع معايير جديدة وفق متطلبات المرحلة الحالية، والمخالفات التي نجمت عن الدراسات السابقة، والفجوة من عام 2010 وحتى عام 2024 من تغيير ديموغرافي واجتماعي وتوسع وازدياد للعشوائيات، مع التوقع المستقبلي، والاعتماد على المؤشرات وتصاميم الدراسات التي قدمت مع تغيير المعلومات وتطويرها وفقاً للواقع الراهن.

كما اتفق المختصون على أن من يحمل «راية المصور العام» هي شركة وطنية تعتمد على استشاريين من الخارج.

إساءة

واعتبر عدد من المتحاورين أن الدراسات السابقة المعدة أساءت في جزء منها، إلى دمشق والغوطة، واخترقت المناطق الأثرية، وأحدثت فجوات بشكل يسيء للأبنية التراثية، مشيرين إلى ضرورة التفكير بمصور عام يستمر لعديد السنوات، مؤكدين على أن أي مخطط ودراسة قبل عام 2010 حتماً حكم عليها بالإعدام نظراً للتغيرات الكبيرة الحاصلة بعد هذا العام والحرب على سورية، ما يجعل من الدراسة والمخطط غير قابلين للتطبيق، ما تطلب دراسة جديدة تراعي التغيرات الحاصلة في العاصمة.

فشل الدراسة السابقة

واعتبر المتحاورون في تصويتهم بأن الدراسة السابقة حققت الرؤية والاستراتيجية المستدامة ولكن بشكل نسبي، مؤكدين أن الدراسة فشلت في تقييم وقراءة واقع دمشق ومحيطها الحيوي «في حينه» ووضعت استراتيجية بعيدة عن هموم المدينة.

كما قرر المتحاورون تشكيل لجنة لتقيم الدراسة السابقة وبيان مدى إمكانية تطبيقها على دمشق، معتبرين أن الأمد التخطيطي للدراسات السابقة انتهى ولابد من لحظ تأثير التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والديموغرافية.

وصوت المتحاورون على ضرورة الاعتماد على تدعيم الخبرات المحلية باستشاريين ذوي خبرة من الخارج، على أن يدرس وضع مصور لدمشق مع المحيط الحيوي المعتمد بـ200 ألف هكتار، على أن يدرس موضوع تنظيم منطقة مخالفات «قاسيون- مهاجرين – ركن الدين» بالتوازي مع المصور العام لدمشق.

الطابع التاريخي

وناقشت الجلسة الحفاظ على الطابع التاريخي لدمشق، حيث صوت المتحاورون على مراعاة المباني القديمة المسجلة داخل وخارج السور، والحفاظ على الهوية المعمارية وتطويرها ضمن المصور، والجمع بين الترميم والتطوير والمحافظة على النسيج العمراني.

كما ناقش المتحاورون الاستراتيجيات الجديدة للتخطيط، مع إعداد رؤى وموجبات جديدة تتناسب مع متطلبات المرحلة، مؤكدين أن دمشق بحاجة إلى استراتيجية جديدة مختلفة كلياً عما سبق.

وأكد المتحاورون على أن المصور بحاجة إلى إدارة تنفيذ تراعي الجدوى الاقتصادية، حيث اعتبرت مديرة هيئة التخطيط الإقليمي ريما حداد أن ملف «العشوائيات» هو الملف الملح حالياً، مؤكدة أننا بحاجة إلى أدوات جديدة لتناول ملفات ملحة نعاني منها، مع التأكيد على الخبرات الوطنية.

وركز المتحاورون على ضرورة تحقيق الاستدامة طويلة الأمد من خلال تعزيز كفاءة استخدام الموارد الطبيعية، وتطوير القوانين والتشريعات التي تدعم الاستدامة.

وصوتوا على تخصيص مناطق خضراء وإحداث قوانين لحمايتها من التعديات، وإشراك المجتمع والمؤسسات الأهلية في اتخاذ القرارات.

وفي مداخلة له، تمنى الفنان أيمن زيدان أن يكون الحوار القادم «لأجل دمشق وأبنائها نتحاور»، مضيفاً: إن الحرب مازالت تلقي بظلالها على الإنسان السوري، علماً أن هناك حلولاً استراتيجية وإسعافية.

وركز زيدان على ضرورة وضع استراتيجيات مطلوبة من أجل دمشق، وعلى ضوئها يطابق الاختصاصيون هذه الدراسات إلى أي حد طابقت الاستراتيجيات الجديدة التي فرضها التغير والتحول على اختلافه، ويتم وضعها ومن ثم تتم مطابقة هل تخدم هذه الدراسات أم لا.

تطويع تجارب الدول الأخرى

ودعا الفنان زيدان إلى ضرورة محاكاة تجارب الدول الخارجية، مستشهداً بتجربة ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية والتي استطاعت تجاوز الدمار خلال سنوات قليلة بأن تنهض وتتحول إلى واحد من الاقتصادات العالمية المتطورة، مضيفاً: من قدم لنا أو عرفنا على خطط العمل التي استخدمتها هذه الدول التي تعرضت لامتحانات كهذه في هذه الظروف لنعيد إنتاج هذه الدراسات وفق معطياتنا.

وأضاف: أنا متشائم، ولكن بكل الأحوال لنكن متفائلين ونرى الكأس الملآن، متسائلاً بالقول: «بماذا تمتلئ هذه الكأس»، وتابع: إذا كانت ممتلئة بشيء ليس جيداً فالنصف الفارغ من الكأس أفضل.

وتهدف جلسات الحوار التي تقيمها المحافظة، إلى إشراك المجتمع المحلي والأهالي في القرارات والاستماع إلى آرائهم وطروحاتهم في العديد من الموضوعات بما ينعكس على تحسين واقع دمشق بالشكل الأمثل، حيث تأتي المبادرة الأولى من نوعها في سورية، في إطار اللامركزية الإدارية، وانطلاقاً من مبدأ: كل مواطن مسؤول.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن