عربي ودولي

بايدن اعتبرها «مشينة».. وسيناتور أميركي: سنعاقب الممتثلين لأوامر «الجنائية الدولية» … روسيا: اختبار للغرب.. والصين: إحقاق العدالة.. وبوريل: لاعتقال نتنياهو وغالانت

| وكالات

مع استمرار تفاعل مسألة إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي توقيف بحق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير حربه السابق يوآف غالانت، أعلن السيناتور الأميركي عن الحزب الجمهوري، ليندسي غراهام، أنه يسعى لسن تشريع لمعاقبة الدول التي تمتثل لأوامر المحكمة، واصفاً إياها بـ«المارقة والمسيسة»، رغم ارتكاب نتنياهو وغالانت جرائم حرب في قطاع غزة، في حين دعا ممثل السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إلى تنفيذ المذكرتين، كما طالبت إيران بالتنفيذ الفوري والكامل.

وقال غراهام، في تصريح لموقع «i24NEWS» الإسرائيلي، أمس السبت: «إن المحكمة الجنائية الدولية منظمة مارقة ذات دوافع سياسية تدوس على مفهوم سيادة القانون ذاته»، معرباً عن غضبه إزاء قرار المحكمة الجنائية الدولية ضد نتنياهو وغالانت، وأشار إلى أن أي دولة أو منظمة تساعد أو تحرض على هذه «الفظائع»! يجب أن تتوقع مواجهة مقاومة حازمة من الولايات المتحدة، وأنه يتطلع إلى العمل مع الرئيس المنتخب دونالد ترامب وفريقه والأعضاء في الكونغرس للتوصل إلى «رد قوي»، حيث سيروج لتشريع يعاقب الدول التي تمتثل لأوامر اعتقال المحكمة الجنائية الدولية ضد القادة الإسرائيليين.
والخميس الماضي، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت بتهمة ارتكاب «جرائم حرب» في قطاع غزة، وأيضاً القائد العام لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة «حماس» محمد الضيف، بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد الإسرائيليين، وأوضحت في بيان أن هناك «أسباباً منطقية» تجعل الرجال الثلاثة يتحملون «المسؤولية الجنائية» عن جرائم حرب مزعومة وجرائم ضد الإنسانية خلال الحرب بين إسرائيل وحماس.
في السياق، دعا ممثل السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، دول الاتحاد الأوروبي إلى تنفيذ قرار الجنائية الدولية لأنه ملزم وليس سياسياً، وبيّن أن التهديد بمعاقبة الدول التي تطبق هذا القرار بشأن اعتقال نتنياهو وغالانت غير معقول، وأشار إلى أن الحكومة الإسرائيلية فرضت أكبر حملة تعتيم على حرية الصحافة لما يحدث من ارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة، قائلاً: «يجب ألا نصمت تجاه الإبادة والجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة، كما أن الصراع في الشرق الأوسط لم يعد بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بل أصبح صراعاً يهزُ العالم بأسره، وأن وجود سلام في المنطقة أصبح ثمنه باهظاً جداً».
في الغضون، تعهدت دول أوروبية كثيرة، بما فيها أعضاء في حلف شمال الأطلسي «ناتو» مثل فرنسا وبلجيكا وهولندا والنرويج وإيرلندا وإيطاليا وتركيا، بتأييد حكم الجنائية الدولية ودافعت عن استقلالها مؤكدة الامتثال للقرار، وأعلنت هذه الدول أنها ستعتقل بنيامين نتنياهو في حال وصل إلى أراضيها، وقال وزير الخارجية الهولندي كاسبر فيلدكامب: «إن السلطات الهولندية ستلقي القبض على نتنياهو إذا دخل أراضيها، بصفتها دولة طرف في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية».
وقبل ذلك، أكد رئيس لجنة مجلس «الدوما» الروسي للشؤون الدولية ليونيد سلوتسكي أن مذكرة المحكمة الجنائية الدولية لاعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ستكشف مدى التزام الغرب بتنفيذها، وقال لوكالة «نوفوستي» أول من أمس الجمعة: «إن روسيا لا تعترف باختصاص المحكمة الجنائية الدولية، لكن المهم هنا ليس موقف بلادنا من أنشطة هذه المنظمة، بل موقف دول الغرب الجماعي»، مشيراً إلى أنه سيكون من المهم للغاية ما إذا كانوا يوافقون على تنفيذ الأمر الصادر ضد نتنياهو أو تجاهله «من أجل إرضاء الولايات المتحدة، وهذا سيكون بمثابة اختبار حقيقي للمعايير المزدوجة».
بدورها، علقت الصين على قرار المحكمة الجنائية الدولية، وأعربت عن دعمها جهود المجتمع الدولي بشأن القضية الفلسطينية التي تساعد على تحقيق العدالة ودعم سلطة القانون الدولي، وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية لين جيان، في مؤتمر صحفي: «تأمل الصين أن تحافظ المحكمة الجنائية الدولية على موقف موضوعي وعادل، وأن تؤدي واجباتها على النحو القانوني، وأن تفسر وتطبق نظام روما والقانون الدولي العام بكامله، بحسن نية وبما يتماشى مع المعايير الموحدة».
من جانبه، رحب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي بقرار المحكمة الجنائية الدولية وأكد ضرورة التنفيذ الفوري والكامل للقرار، وكتب بقائي عبر منصة «إكس»: «في الشهر الرابع عشر للإبادة الجماعية المروعة التي ارتكبتها حكومة الاحتلال في غزة، والذي تم خلاله ارتكاب أشد الجرائم الدولية، أخيراً أصدرت الدائرة التمهيدية للمحكمة الجنائية الدولية حكم اعتقال اثنين من المجرمين الرئيسيين، نتنياهو وغالانت، هذا الحكم كان ينبغي أن يشمل جريمة الإبادة الجماعية التي هي واضحة تماماً»، وتابع: «نرحب بأي خطوة لتحقيق العدالة وإنهاء الإفلات من العقاب الذي يتمتع به كيان إسرائيل بسبب ارتكابه للإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في فلسطين المحتلة وفي حالات أخرى».
وأضاف بقائي: «لقد أدى التأخير الطويل في مواجهة الإفلات من العقاب لنظام الفصل العنصري الإسرائيلي – والذي كان جزء كبير منه نتيجة للعرقلة والتدخل الواضح والخفي من أميركا في سبيل تحقيق العدالة – إلى استمرار وتفاقم الجرائم الفظيعة في فلسطين المحتلة، مبيناً أن التنفيذ الفوري والكامل لهذا الحكم يمكن أن يظهر فعالية نظام العدالة الجنائية الدولية، وقال: «يجب أن نكون حذرين من إلا يتم التلاعب بهذا القرار المتأخر عبر استغلال العمليات الشكلية وإجراءات العمل».
بالمقابل، قالت بريطانيا أنها تحترم المحكمة الجنائية الدولية، لكن الحكومة البريطانية رفضت الإفصاح عما إذا كان سيتم القبض على نتنياهو إذا جاء إلى أراضيها، في حين تعهد رئيس وزراء هنغاريا فيكتور أوروبان، بتحدي أمر اعتقال نتنياهو، ودعاه إلى زيارة هذا البلد، كما اتهم أوروبان الجنائية الدولية بالتدخل في صراع مستمر لأغراض سياسية، وأن قرارها يقوض القانون الدولي ويؤدي إلى تصعيد التوترات.

بالتوازي، وصف الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن مذكرات الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو وغالانت بأنها «شائنة»، وقال: إن «إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال ضد زعماء إسرائيليين أمر مثير للغضب، واسمحوا لي أن أكون واضحاً مرة أخرى: أياً كان ما قد تعنيه المحكمة الجنائية الدولية، فلا يوجد تكافؤ بين إسرائيل وحماس، وسنقف دائماً مع إسرائيل ضد التهديدات لأمنها».

من جهته، اعتبر مايك والتز، الذي سيشغل منصب مستشار الأمن القومي للرئيس المنتخب دونالد ترامب، أن المحكمة الجنائية الدولية ليس لها مصداقية، وتوعد برد قوي على المحكمة عندما تتولى إدارة ترامب منصبها في الـ20 من كانون الثاني المقبل، مشيراً إلى أن الرئيس المنتخب يدرس فرض عقوبات على المحامي البريطاني والمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، بسبب مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة ضد نتنياهو، في أول تحرك أميركي بعد إعلان المحكمة قرارها، حسب صحيفة «تيلغراف» البريطانية، وتعد مذكرات الاعتقال التي تصدر عن المحكمة مُلزمة لأكثر من 100 دولة، وهناك عدد كبير منها يقيم علاقات مع إسرائيل، وتشمل الجرائم المنسوبة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير دفاعه السابق «استخدام التجويع سلاح حرب» و«القتل والاضطهاد» و«الأعمال اللاإنسانية»، وهذا يعني أن نتنياهو وغالانت لن يتمكنا من الآن فصاعداً من زيارة الدول الـ120 الموقعة على «معاهدة روما» التي تستند إليها المحكمة في تنفيذ قراراتها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن