شعاع اليوفي
خالد عرنوس:
كما يقال في عرف كرة القدم (إن الفرق الكبيرة تمرض ولا تموت) كذلك يمكننا القول إن بطولات الدوري الكبيرة في أوروبا تخفت عنها الأضواء لمواسم قليلة إلا أنها لا تغيب تماماً بانتظار عودة الألق إليها، وهذا الأمر ينطبق على بطولة الدوري الإيطالي المعروفة بـالسييرا A التي مرت في المواسم الأخيرة بمرحلة فتور أو بمعنى أكثر دقة لم تعد تستقطب الكثير من متابعي كرة القدم العالمية (المحايدين) وحتى من يدينون بالعشق لأحد أندية بلاد السباكيتي المعروفة والتي يحظى بعضها بشعبية جارفة في كل أصقاع الأرض.
قبل ثلاثين عاماً عاشت كرة القدم الإيطالية ونخص هنا أندية الكالشيو أزهى سنواتها فأضحت محجة لأرفع الأسماء في اللعبة الشعبية الأولى، من مارادونا إلى سقراط مروراً ببلاتيني وزيكو ورومينيغه وجونيور وبونييك وباساريللا… والقائمة تطول.
وباتت أسعار هؤلاء النجوم تدور في فلك أرقام مليونية لم يكن يحلم بها بيليه ولا دي ستيفانو وإيزيبيو، حتى أصبحت ملاعب الكالشيو جنة كرة القدم، ويقال إن معيار النجومية وقتها كان خوض منافسات الدوري الإيطالي إلى حدّ كبير.
ولأن الحفاظ على القمة أصعب من الوصول إليها فقد تراجعت كرة القدم الإيطالية شيئاً فشيئاً منذ منتصف التسعينيات لأسباب كثيرة في مطلعها النوم على الأمجاد، وكذلك الفساد الإداري والمالي ودخلت المنشطات والمخدرات وزاد في الطنبور نغماً حالات الشغب والعنصرية التي تفشت بشكل مريع، ما أثر سلباً في اللاعبين والأندية حتى إن الكثير من النجوم غادروا نحو إنكلترا وإسبانيا حيث الجنة الجديدة.
وعاشت كرة القدم الإيطالية على فتات الدوريات الأخرى فلم تعد أندية الكالشيو تنعم بصفقات كبيرة وباتت محطة للاعبين عواجيز أو أسماء من الصف الثاني أو الثالث.
اليوم شكل تأهل يوفنتوس إلى نهائي الشامبيونز وكذلك حضور نابولي وفيورنتينا في نصف نهائي اليوروباليغ شعاع أمل للأندية لاستعادة مكانتها على الرغم من الخروج المخيب للأخيرين، وبات الطليان يتطلعون إلى تحسين صورة بطولاتهم التي علاها الصدأ وخاصة على صعيد البنى التحتية التي تعد ركيزة أساسية.
قد يكون من المبكر القول إن تتويج اليوفي بلقب القارة (الأكبر) قد يسهم بعودة كرة القدم الإيطالية إلى القمة من جديد، إلا أنه قد يسهم إلى حد كبير بتسليط الأضواء مجدداً نحو أندية الكالشيو، وربما نجد السييرا A محطة للأقدام الرفيعة كما في الثمانينيات، ونشاهد مدرجات سان سيرو والأولمبيكو ونيويوفنتوس تعج بذواقي كرة القدم لا المشجعين الذين لا يعرفون سوى التعصب الأعمى.