المصباح السحري.. وأنا!
| عصام داري
عادة تبدأ حكايات الجدات والأمهات بعبارة موحدة: كان ياما كان، ويسمع الأطفال قصص الجنيات والأميرة بدور وزمردة وعلاء والفانوس السحري، وكانت حكايات مسلية وشائقة قبل النوم.
اليوم لم نعد نسمع تلك الحكايات، فالجدة رحلت، وتبعتها الوالدة، ومن ثم اختفت الجنيات في كتب ألف ليلة وليلة، وسافر علاء الدين إلى عالم السحر والخيال وحرمنا بذلك من المصباح السحري والعفريت الساكن داخله منذ آلاف السنوات.
شخصياً عندي قناعة بأنني سأجد ذلك المصباح في يوم ما وعندها سأحصل على السعادة التي انتظرتها طوال عمري.
قد تسألونني ماذا ستطلب من عفريت المصباح؟ وهو سؤال مشروع، لأنني أحتاج إلى أشياء كثيرة، مثلي في ذلك مثل بقية المواطنين السوريين الصابرين الحامدين-الشاكرين.
لن تكون طلباتي كثيرة وتعجيزية، فأنا أقدّر ظروف العفريت الصعبة التي تشبه ظروفي، فهو سجن في المصباح مئات السنوات، وحرام علي أن أزيد همومه ومتاعبه، لذا سأحرص على عدم تسببي بأي تعب له.
قبل كل شيء سأطلب كمية من السمك البحري، وأن يكون «لقز أو فرّيدة أو أجاج» فذلك عز الطلب، وعندما أطلب السمك فأنا لست شهوانياً أو«فجعان» بل لأنني قرأت عدة دراسات عن فائدة الأسماك للإنسان، وتجمع الدراسات على ضرورة تناول الأسماك في الشهر ثلاث مرات، أو مرتين على الأقل.
بعد وجبة السمك سأطلب من ماردي اللطيف تزويدي بكمية كافية من المحروقات: غاز مازوت بنزين كاز كيروسين وحتى خشب، تحسباً من غدر الزمان، فنحن نحتاج هذه المحروقات للتنقل من جهة والوقاية من برد الشتاء من جهة ثانية، وللطبخ والنفخ من جهة ثالثة، وأنتم تعرفون أن معظم السوريين ينفخون ولا يطبخون، والله أعلم.
من المؤكد أن أطلب من الأستاذ مارد تأمين لوازم الطاقة الشمسية، ذلك لأنني حريص على البيئة، ولا أستطيع أن أزيد من خرق ثقب الأوزون، ومن يظن أنني أريد الطاقة الشمسية لضمان استمرار الكهرباء في كوخي الصغير 24 ساعة على 24 ساعة فهو يظلمني ويوجه لي تهمة باطلة.
سأزود المارد، أو العفريت بجميع الروشيتات «وصفات الأدوية» لأنني بعد الارتفاع المتتالي لأسعار الدواء لم أعد قادراً على شراء أدويتي بانتظام، وخاصة أن هناك بعض الأدوية التي قال لي الأطباء إن علي تناولها طوال العمر، أو ما تبقى من عمري المديد، إن شاء الله.
من الطلبات الضرورية سأوصي عفريت المصباح بأن يقنع الحكومة بزيادة الرواتب لأنها صارت مثل العصافير من (نكشة) تطير، وبما أنني متقاعد أرجو من العفريت ممارسة الضغط على الحكومة لمراعاة المتقاعدين وحمايتهم من العثرات والتعثرات، ولأنها سيرة وانفتحت، ليوصل العفريت صوت الصحفيين المتقاعدين إلى اتحاد الصحفيين لزيادة الراتب التقاعدي للزملاء المعترين.
طبعاً هناك العديد من الطلبات الشخصية التي لا أنوي الإفصاح عنها، فهل يفصح مختلس المال العام عن مصادر اختلاسه، وأنا عندما أطلب من العفريت أموالاً فمن المؤكد أنه سيسحبها من حسابات المختلسين واللصوص والفاسدين.
أظن أن طلباتي كانت في حدود المعقول، وهي لن تسبب أي إزعاج للسيد عفريت، وإذا لزم الأمر فسألغي بعض تلك الطلبات.
عزيزي الذي قرأت كل ما تقدم، أسألك بكل لطف: ترى لو عثرت على مصباح علاء الدين، فماذا ستطلب من صديقك العفريت؟