د.شعبان: نحظى بدعم وتشجيع دائمين من السيد الرئيس بشار الأسد الذي احتضن فكرة المؤسسة منذ نشأتها الأولى … «وثيقة وطن» توزع جوائز هذي حكايتي في دورتها السادسة
| إسماعيل مروة
بحضور عدد من الوزراء والسفراء وأعضاء السلك الدبلوماسي وحشد كبير من الإعلاميين والمهتمين قامت مؤسسة «وثيقة وطن» بتوزيع جوائز مسابقتها «هذي حكايتي» في دورتها السادسة، وذلك في القاعة الرئيسة في مكتب الأسد الوطنية في دمشق، والتي اختصت بحكايات الناس الشفاهية لما يعيشونه، وفقاً لما طرحته المؤسسة من كتابة التاريخ بأنفسنا، وجاءت هذه الدورة «في مواجهة تجريف الذاكرة قصصكم تاريخنا» لتعزز صمود الإنسان السوري في مواجهة الحرب وكل محاولات تزوير التاريخ واقتلاع الجذور ومحو الذاكرة.
الذاكرة والتوثيق هوية الأوطان
ألقت الأستاذة الدكتورة بثينة شعبان كلمة رئيس مجلس أمناء وثيقة وطن ومؤسسها في الدورة الحالية، فتناولت التمسك بالجذور والهوية، وبينت عمق الأزمات التي تتعرض لها الهوية العربية أمام العدوان والغرطسة وما تتعرض له غزة منذ عام ونيف، وما يتعرض له لبنان الشقيق وسورية واليمن، ما أكّد أهمية التوثيق الذي تقوم به «وثيقة وطن» للمحافظة على الهوية والتراث، وضرورة أن نكتب تاريخنا بأنفسنا، ومما جاء في كلمتها«إن لقاءنا اليوم يكتسبُ معنىً بالغ الأهمية في مؤسسة وثيقة وطن يختلف عما سبقه من السنوات الماضية لأن فكرة وثيقة وطن ولدت من الخوف على تراث سورية وإرث سورية الحضاري العريق، من ضربات إرهاب منظم وممول، وإذ بنا اليوم نواجه إرهاباً يستهدف ذاكرة أمة في كل أقطارها ويعمل جهاراً نهاراً ضد كل قوانين وشرائع الحروب حتى إلى إبادة البشر والمؤسسات وتجريف الذاكرة آملاً باستبدالها بذاكرة مصنّعة كاذبة يطمح وأسياده بتغيير وجه المنطقة من خلال ذلك والقضاء على تاريخها العربي والحضاري المشرق ولسانها العربي المبين.
إن العدوان الإسرائيلي المستمر منذ عام ونيف على فلسطين، ومن ثم لبنان وسورية واليمن هو عدوان متعدد الأوجه كما لم يكن من قبل أبداً، فهو عدوان عسكري واستخباراتي وتقني وثقافي، كما أنه عدوان إبادة للبشر ومؤسساتهم وثقافتهم وتاريخهم وذاكرتهم وهويتهم ومرجعيتهم الحضارية والوجودية مدعوماً ومعززاً بكل وسائل الدعم الأميركية والغربية ولذلك فإن التصدي لهذا العدوان هومسؤولية مجتمعية بكل اختصاصات وشرائح مجتمعنا العربي لأنها حرب وجود على العرب والعروبة من المحيط إلى الخليج سواء أدرك البعض ذلك أم لم يدركوه.
من هنا يؤكد لقاؤنا اليوم على أهمية الذاكرة التي هي هوية الأوطان وأهمية الحفاظ عليها وصونها من التشويه والتحريف وخطر المحو والإزالة، فالذاكرة هي أرض الوطن الخصبة والفتية كلما تواصلت معها الأجيال وروتها بصدق الانتماء وعظمة الإنتاج كلما كانت أكثر غنى وأقدر على العطاء المتجدد للأجيال اللاحقة. إن حرب الإبادة التي تتعرض لها فلسطين الحبيبة ولبنان الشقيق اليوم هي استمرار للحرب الإرهابية على سورية الأبية، والتي هدفت وتهدف اليوم إلى تجريف الذاكرة بكل ما اختزنته من كمون الخبرات وتسلسل وغنى الحضارات وقصص الصمود والتحديات، وهذا بالضبط ما قصده رئيس وزراء العدو وما يقوم به إرهابيو جيشه من محاولة إلغاء وجوده لفرض وجود آخر هجين لا علاقة له بالتاريخ ولا بالجغرافيا ولا بمقدسات ومكونات هذه المنطقة الشامخة».
قصص نابضة بالإخلاص
إن الحكايات التي شاركت منذ الدورة الأولى تقدم صورة حقيقية لما يجري على الأرض، ويسرد تفاصيل الحرب على سورية في كل بقعة من بقاعها، وهذا الأمر اقتضى أن يكون هناك ثقة بين الأقلام الكاتبة والمؤسسة التي يتعاملون معها، وهذا ما كان من شأن وثيقة وطن التي بنت جسوراً من الثقة والأـمان مع كتّابها، وهذا ما أكدته د.شعبان «من عمق هذا المنظور الوطني والقومي والإنساني نعتز في مؤسسة وثيقة وطن أن مؤسستنا باتت ملاذاً آمناً تحظى بثقة أقلام تخطّ قصصاً نابضة بالإخلاص والانتماء لهذه الأرض أودعها أصحابها مؤسستنا لتكون شاهداً على عظمة شعب صنع التاريخ بحبه لوطنه. إنها حكايات تروي قصص أبطال لم يكن يخطر لهم ببال أن أحداً سيعرف عن تضحياتهم شيئاً وكان دافعهم الأساس هو إيمانهم بقدسية الدفاع عن هذا الوطن والزود عن كل مكوناته بالروح إذا لزم الأمر.
من جهتنا في وثيقة وطن فإننا ندرط أيما إدراك أن هذه القصص ليست مجرد روايات، بل إرث خالد يسجل تضحيات أجيال تخط بدمائها المعنى الأصيل للوفاء والانتماء آملين أن نؤيد الأمانة على أكمل وجه، مدركين تماماً عظمة قيمتها وحجم مسؤوليتها والثقة الغالية الممنوحة لنا في هذا الصدد».
الانفتاح على التجارب المماثلة
ونظراً لأهمية مشروعات التوثيق، فقد قامت المؤسسة ببناء جسور تعاون مع عدد من المؤسسات في دول عديدة، إضافة إلى الجهات الداخلية، وعن المشاركات والتعاون مع المؤسسات التي لديها تجارب مماثلة قالت د.شعبان «ننفتح على علاقات الصداقة مع الدول التي لديها تجربة مماثلة في التأريخ الشفوي فكانت تجربة وثيقة وطن هذا العام تجربة رائدة في التحضير والتنظيم لمؤتمر دولي في التأريخ الشفوي بالتشارك والتعاون مع هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية في سلطنة عمان والذي عقد في مسقط بين 23 و25 أيلول الماضي، وكذلك لحضور فريق من المؤسسة لمؤتمر دولي في التأريخ الشفوي عقد في جمهورية الصين الشعبية في شهر تشرين الأول الماضي، هذا إضافة إلى التعاون المستمر مع عدة جهات دولية لتطوير عملنا في التأريخ الشفوي أدوات وممارسة وتقنيات»
اعتماد كلي
وتحدثت د.شعبان عن مؤسسة وثيقة وطن ومركزها التدريبي الذي وصل إلى درجة الاعتماد شبه الكلي على الكوادر التي أهلتها المؤسسة فقالت: «لا يسعني اليوم إلا أن أشارككم أحدث التطورات في مؤسستنا التي باتت، ولله الحمد قادرة على الاعتماد شبه الكلي على كوادرها في مجالات التأريخ الشفوي، وإجراء المقابلات والبحث العلمي وفي الأرشفة والتصوير والمونتاج والتصميم، كذلك في مجالات الإدارة والتدريب، وهذا نتيجة الدورات التدريبية التخصصية التي خضع لها فريق المؤسسة في المركز التدريبي التابع للمؤسسة والذي جرى ترخيصه والإعلان عن افتتاحه العام الماضي بفضل الله ودعم وتشجيع دائمين من السيد الرئيس بشار الأسد الذي احتضن فكرة المؤسسة منذ نشأتها الأولى».
مجريات الحفل
بدأ بعرض مقاطع من قصص فائزة في الدورات السابقة تقدم صورة للحرب على سورية وتوثيق مجريات ما حفظه القاصون في وجدانهم وحرفهم، تلا ذلك فيلم توثيقي عن المؤسسة ودورها في الحفاظ على الهوية السورية المراد تدميرها، لذلك كانت ثقافة التوثيق والتدوين، وامتد نشاطها لتدوين الحرف والعادات والتقاليد والتراث الصوفي الإسلامي والمسيحي، إضافة إلى المونة السورية وأنواعها وأهميتها القصوى، وخاصة في الأزمات كما ظهر في الحرب على سورية.
الفائزون والتكريم
قامت الدكتورة بيثنة شعبان رئيسة مجلس الأمناء ومؤسس وثيقة وطن بتوزيع جوائز «هذي حكايتي» في دورتها السادسة:
الفئة العمرية الأولى:
الذهبية: غيداء الحميدي حلب
الفضية: صفاء الأحمد دير الزور
البرونزية: جنا أبو بكر حلب
الفئة العمرية الثانية:
الذهبية: غنى عتوق القنيطرة
الفضية: حوراء قطاع حلب
البرونزية: خلود أحمد طرطوس
الفئة العمرية الثالثة:
الذهبية: جمال العيسى حمص
الفضية: عزام أحمد طرطوس
البرونزية: أحمد الجمالي إدلب
الفئة العمرية الرابعة:
الذهبية: بوسف أحمد طرطوس
الفضية: رجاء هدلة دمشق
البرونزية: أسامة ساحلية طرطوس
بطل «هذي حكايتي» لعام 2024 تامر دباس-حلب
الفائزون يقولون
أحمد خالد الجمالي: شاركت بمسابقة هذي حكايتي بالشريحة العمرية من 31 عاماً حتى 45 عاماً وأخذت الجائزة البرونزية، وكانت حكايتي تحمل عنوان ((نزوح الكرز))، تحدثت فيها عن طريقة خروجي مع عائلتي من أريحا عام 2015 واستعرضت فيها رحلة النزوح التي استمرت لمدة يومين مشياً على الأقدام.
جمال العيسى الفائز بالجائزة عن الفئة العمرية الثالثة: شاركت بقصة ((جعالة ودم)) استوحيتها من خدمتي العسكرية في الجيش السوري حيث كانت، مهمتي توزيع الطعام على العناصر المنتشرة على الشريط الحدودي بين سورية والأردن، بحيث تعرضنا برفقة أصدقائي لكمين غادر إثر عبوة ناسفة زرعت بمركبة نقل الطعام وللأسف خسرنا عدداً من الزملاء.
تامر دباس الفائز بجائزة البطل في مسابقة هذي حكايتي: شاركت بمسابقة هذي حكايتي في العام 2019 وتحدثت في حكايتي عن حريق مبنى النفوس في مدينة حلب بمنطقة السبع بحرات الذي استقيته من مهنتي في الإطفاء، وقد كانت تجربة صعبة، ومن خلالها حاولت التحدث عن مصاعب ومعاناة مهنة الإطفاء بوجه العموم، واليوم أن موجود كضيف مكرم وفائز سابق، وأعجبت كثيراً بهذه اللفتة التي من خلالها يتم تكريم أشخاص سابقين.
رجاء محمد هدلة الفائزة بالجائزة الفضية للفئة العمرية الرابعة: حكايتي تسمى ((ريحانة للغد)) تتمحور عن معاناة شخصية عشتها مع والدتي عندما غادرنا منطقتنا التي كنا نقطنها، ووالدتي كانت تقتني بعض المزروعات المحببة إلى قلبها ولكن لسوء الطالع لم نستطع إخراج تلك القطع معنا، وشكّل ذلك بالنسبة لها تعاسة وحزناً كبيرين.