تعزيز الرقابة لضمان كفاءة إدارة المال العام والحد من التجاوزات المقصودة وغير المقصودة … الجلالي: ضرورة التفكير الإبداعي في الرقابة المالية لمواجهة التحديات ومنع الفساد
| محمد راكان مصطفى
تركز اجتماع رئيس مجلس الوزراء محمد الجلالي مع أعضاء المجلس الأعلى للرقابة المالية على أهمية العمل الرقابي والتفتيشي من منطلق الحرص على الالتزام بحسن إدارة المال العام وكفاءة إنفاقه، ووضع حد لأي تجاوزات مقصودة أو غير مقصودة قد تحدث.
وأكد الجلالي أهمية الرقابة السابقة وضرورة ترسيخها وتوفير مقومات نجاحها لأنها تساهم في توفير الوقت والجهد والمال، وتساعد في توفير الحصانة الإدارية والمالية للقائمين على الجهات العامة بشقيها الإداري والاقتصادي، معتبراً أن نجاح العمل الرقابي المالي يتطلب بذل جهد مشترك من قبل الجهات الرقابية من جهة والجهات العامة المعنية من جهة أخرى، فهذا العمل مسؤولية وطنية يجب أن يُحاسب أي مُقصر فيها.
واستعرض الاجتماع أهم الصعوبات التي ترافق عمل الجهاز المركزي للرقابة المالية ولاسيما في ظل الظروف الاستثنائية التي مر بها البلد خلال السنوات السابقة وما رافقها من فقدان الكثير من الوثائق المالية وضرورة التعامل أحياناً بمرونة مع متطلبات تلبية احتياجات الجهات العامة، بالإضافة إلى استعراض الصلاحيات والإمكانات الممنوحة للجهاز ليقوم بدوره بالشكل الأمثل في ضبط المالية العامة وضبط السلوك المالي لمؤسسات وأجهزة الدولة وطريقة الإنفاق، وتوجهات الجهاز في موضوع الرقابة على كفاءة الإنفاق وجودته وأولويته.
كما تطرق الاجتماع إلى تقصير مديريات التنمية الإدارية لدى بعض الجهات العامة فيما يتعلق بحسن تتبع أوضاع العاملين لدى هذه الجهات ولاسيما ما يتعلق بالملف التأميني، وتأخر هذه المديريات في موافاة الجهاز بالوقائع الإدارية والمالية للعاملين، بالإضافة إلى وجود تقصير لدى بعض الجهات العامة في إعداد القوائم المالية لديها وهذا ما يسبب تراكماً غير إيجابي في القوائم المالية غير المنجزة ما يعيق عملية التقييم الحقيقية للجهات العامة ويعطل التخطيط الحقيقي والفعال.
واختتم الجلالي الاجتماع بالتأكيد على أهمية أن يبادر الجهاز المركزي للرقابة المالية إلى التفكير الإبداعي في العمل الرقابي المالي وعدم تقييد التفكير بحرفية النصوص المكتوبة، فالأوضاع الصعبة التي عاشتها الجهات العامة تتطلب اجتراح حلول موضوعية وعلمية تضمن في أن معاً إنجاز الحسابات المالية للجهات العامة وإنجاز القوائم المالية من جهة، وضمان عدم استغلال الظروف الاستثنائية لتمرير أي سلوكيات أو انحرافات تترافق بفساد أو بشبهات فساد تضر بالمال العام من جهة أخرى.
رئيس الجهاز المركزي للرقابة المالية محمد برق قال في تصريح للوطن: كان الحوار شفافًا ومهنياً وهادفاً، وتناول الموضوع طبيعة عمل المؤسسة الأساسية ودورها المحوري في متابعة جهات القطاع العام الإداري والاقتصادي.
ولفت إلى أنه تم تقديم عرض حول العمل الذي قمنا به، وكيف ستكون طبيعة عمل الجهاز المركزي في المستقبل، حيث لا يكون تقليدياً كما في السابق، وسط خطتنا لتبني استراتجية جديدة لتعزيز الرقابة ومكافحة الفساد.
وأضاف: بدأنا خطة استراتيجية تمتد من عام 2022 إلى 2026. تم اعتمادها بشكل رسمي من المنظمة العربية للأجهزة العليا للرقابة، بالتنسيق مع المعنيين في هذا المجال، تم التركيز خلالها على اعتماد معايير الرقابة المتبعة في الأجهزة العليا، ومن ضمنها معايير التزام الأداء والرقابة المالية. والأهم هو معيار الجودة، والذي يعد محوراً أساسياً لعملنا، بقدر ما تكون تقارير الجهاز جيدة وذات محتوى غني، فإن ذلك ينعكس إيجابياً على طبيعة العمل.
وقال برق: نهدف من خلال عملنا إلى الإصلاح، وليس فقط محاسبة المقصرين أو إحالة الفاسدين للقضاء، إذ يتم العمل على دراسة البيئة بشكل كامل وتقديم مقترحات وتوصيات لمنع تكرار الأخطاء.
وشدد على أهمية التمييز بين الفساد والخطأ غير المقصود، ففي حال وجود حالة فساد يجب أن يحاسب مرتكبها، وبالمقابل في حال وجود أخطاء غير مقصودة يجب أن تعالج بطريقة قانونية ويحاسب المخطئ، ولكن في هذه الحالة لا يعتبر مرتكب الخطأ إنساناً فاسداً.
وأضاف: نحن نواجه مشكلة في عدم إنجاز الحسابات المالية للجهات العامة، ما يؤثر على عملنا، إذ يؤدي ذلك إلى تراكم في العمل الرقابي، مضيفاً: تواصلنا مع عدة وزارات، ولكن هناك دائماً حجج بعدم وجود الخبرات الكافية لإتمام العمل، مؤكداً ضرور إيجاد حل للتراكم. منوهاً بالبدء بتنظيم جداول زمنية لإنجاز التراكم بالتنسيق مع الجهات العامة وفق برنامج ملزمٍ.