قضايا وآراء

الكيان يشن حرب إبادة ويوسع الاستيطان لابتلاع القطاع والضفة

| تحسين حلبي

منذ احتلالها لبقية الأراضي الفلسطينية في عدوان حزيران 1967 أعدت وزارة الحرب الإسرائيلية قوانين وحشية لمنع وردع الشبان الفلسطينيين عن مقاومة الاحتلال في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، وبوساطة هذه القوانين كانت تزج في السجون شبابا تقضي بمحاكمتهم وحبسهم لعشرات السنين عند اعتقالهم أثناء عملياتهم الفدائية، وكانت تقوم أيضاً باعتقال شبان آخرين بحجة وجود نية لهم بالقيام بعمليات مقاومة قبل القيام بها وتقضي بحبسهم باسم الاعتقال الإداري لفترات طويلة من دون أدلة تثبت ما تتهمهم به ومن دون تقديمهم للمحاكم، وقد زجت بالآلاف من هؤلاء في سجونها وجعلتهم يقضون سنوات كثيرة في السجون ثم تفرج عنهم وتعود وتعتقلهم مرة أو مرات باسم قانون «الاعتقال الإداري» الذي ابتكرته لتفتيت قدراتهم، وفي أعقاب الاعتداءات التي كان المستوطنون يقومون بها على الفلسطينيين وإلحاق الأذى بهم ونهب حقولهم وحرق بيوتهم قررت سلطات الاحتلال تطبيق شكل خاص من الاعتقال الإداري على اليهود لكي تتجنب تقديمهم للمحاكم فتكتفي بالاحتفاظ بهم في بعض سجونها لفترة لا تتعدى أسبوعين أو ثلاثة أو شهراً واحداً فتفرج عنهم حتى لو تسببوا بقتل الأفراد الفلسطينيين في جوار مستوطناتهم، والجديد في هذا الموضوع هو أن وزير الحرب الجديد يسرائيل كاتس قرر في 24 تشرين الثاني الجاري إلغاء هذا الشكل من الاعتقال الإداري الخاص بالمستوطنين وقرر بهذا الإلغاء غض النظر عما يقومون به ضد الفلسطينيين.

ومنذ سنتين وزير الأمن الداخلي إيتامار بن غفير قام بتسليح المستوطنين للدفاع عن أنفسهم، وأتاح لهم بهذا الإجراء قتل أي فلسطيني بحجة الدفاع عن النفس، وبهذا الشكل جاء قرار وزير الحرب كاتس لتشجيع المستوطنين على القيام بتوسيع مستوطناتهم عن طريق الاعتداء على أراضي الفلسطينيين بشكل فردي أو جماعي من دون العودة للسلطات الرسمية الإسرائيلية التي تدير أراضي الضفة الغربية، وذكرت صحيفة «هآريتس» الإسرائيلية في اليوم نفسه الذي صدر فيه القرار أن كاتس أقر قانوناً رسمياً من أنظمة الأبارتايد العنصرية على الفلسطينيين، لأن قانون الاعتقال الإداري لن يسري الآن إلا عليهم في حين يتمتع المستوطن بكل الحرية عندما تتسبب أعماله ضرراً جسدياً أو في أراضي الفلسطينيين، وبهذا الشكل يصبح الفلسطيني تحت الاحتلال وكذلك تحت قانون عنصري يفرضه الاحتلال عليه ويجرده من حق الشكوى عند اعتداء المستوطنين عليه بسبب عدم وجود قانون تطبقه سلطة الاحتلال على المستوطنين عند اعتدائهم على مصالح الفلسطينيين.

صحيفة «هآريتس» ذكرت في 14 تشرين أول الماضي أن «حكومة بنيامين نتنياهو لم تسمح فقط بإرهاب المستوطنين للفلسطينيين بل تقوم بتمويله أيضاً، فتحت هذا العنوان كشفت الصحيفة أن «المستوطنين اعتدوا على أراضي الفلسطينيين في الضفة الغربية وتمكنوا خلال سنوات من إنشاء 90 موقعاً استيطانياً تمهيدياً تغطي مساحتها 650 ألف دونم من الأراضي أي 12 بالمئة من كامل أراضي الضفة الغربية، وهذا يعني بمساحة إجمالية لمدينة القدس وديمونا وبئر السبع وإيلات».

وأضافت الصحيفة إن «هذا التوسع الذي يقوم به المستوطنون بأنفسهم من دون مخططات رسمية علنية مقرة من سلطات الاستيطان تخصص له ست وزارات في الحكومة، بالإضافة إلى منظمة الصندوق القومي اليهودي، أموالاً ضخمة يحصل عليها المستوطنون وجمعياتهم بل أفراد منهم، لكي يتوسعوا في بناء وحداتهم الاستيطانية المتزايدة حول قرى وأراضي الضفة الغربية بصفتها مشاريع تعود عليهم بأرباح وفيرة».

وخلال الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين تكشف الصحيفة أن «35 عملية مكثفة لطرد الفلسطينيين أصحاب تلك الأراضي من قراهم جرت في السنتين الماضيتين وخاصة في شهر تشرين الأول 2023»، ولا أحد يشك في أن هذه السياسة التي يفرضها الكيان على الفلسطينيين في الضفة الغربية تهدف إلى تهجير أكبر عدد منهم ودفعهم بالقوة إلى الرحيل وخاصة حين يفقدون أراضي تشكل لهم مصدر حياة ورزق دائم، ولذلك لم يكن من المستغرب أن يتطلع الكيان إلى تطبيق هذا الدور للمستوطنين في قطاع غزة، فقد تأسست ثلاث جمعيات للاستيطان في أراضي القطاع تحت مسوغات عديدة، وبدأ جيش الاحتلال يمهد ويعبد أراضي في شمال القطاع بعد تهجير سكانها إلى وسط القطاع وجنوبه لتشجيع مثل هذه المشاريع حتى في ظل استمرار الحرب على القطاع، ومع ذلك لا يمكن للكيان ومشاريعه ضد الشعب الفلسطيني أن تحقق أهدافها بعد أن أثبت الشعب الفلسطيني تمسكه الأسطوري الكبير ببقائه فوق ترابه الوطني وعدم الابتعاد والتخلي عنه وهذا ما يجعل المقاومة مستمرة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن