ثقافة وفن
الثقافة وجمالية المعاني
| منال محمد يوسف
وربّما تحملُ المعاني الكثير من النبل اللّغويّ، وتحمل احتمالات تفاؤلية، من الضروري أن نبحث عنها، عن محارها اللغوي، وعن ترميزها الأدبيّ الجماليّ.
و ربّما نحتاج إلى فهرسة المعاني، وقولبة أي شيءٍ يقترب منها، ويضع رتوشه اللغوية، بين قوسي الجمال الخاص بها، الخاص بتلك المعاني، ومسبّبات إيجادها وإدخالها الإطار الزمني، والإطار الأكثر تبعيّة إلى معرفة حالها، وقواميس الترحال الجمالي لديها، لدى المعاجم، التي تكوّن بعض أحرفها، بعض صِلاتها الواصلة إلى مُبتغى الشيء الأدبي، وإلى جوهرية الشيء التابع لهذا النهج الأدبي أو ذاك، التابع لضروريّات التمحيص اللغوي، في البناء اللغوي، أو في كل مفردة، فيها من نبض التجاذب الفكري والثقافي وذاك الشيء الذي يصيغُ «نبل المعاني» وبالتالي يجعلها تصيغ مقومات توارد الفكر الأدبي، ورسائله اللغوية، رسائل الإرسال والتلقي، والبحث، ومن ثمّ، عن المعنى العام لهذه المفردة أو تلك، أو عن تجليات خاصة بنُبل المعاني، وماهية أمره أو أمرها، المراد به، الاستقدام الأدبي إلى بعض من الإضافات اللغوية، التي تُحاط بها، ومن ثمّ، يُحاط بها أي معنى، وأيّ مفردة، يُمكن أن تلحق بها توابع الجمال الأدبي، توابع الشيء الذي يقولب لنا اللفظ والمعنى في آن معاً.
وبالتالي يعمل على تلوين رصفها المُزخرف بتقنية الزخم اللغوي، وتقنية التفنيد الأدبي، الذي يجوز وضعه، بين قوسي الجمال البنائي لقوة الفكرة، ومتانة النطق بها، متانة العبور إلى مُتّسع أفقها، وإلى ضفّتي اللفظ بها، اللفظ التابع والمتبوع لفصول رجائها اللغوي، لفصول الشيء اللانمطي في طرح الفكرة، والبحث عن الجوهر، عن جوهرها، أو اعتبارات المعنى، الذي يقولب بعض جوانبها، ومن ثمّ، يكوّن بعضاً من معالمها ومن عوالمها، بعضاً من الشيء المراد طرحه، والاستدلال المعنويّ إلى دلائل وجوده الإبداعي، دلائل نُبل الجوهر الموجود في بعضه، وبيّنات أمره الأدبي.
بيّنات الملامح الفنّيّة، التي تتبع له، وتأتيه من أبواب النُبل الوصفيّ في المعاني، النُبل المأمول إيجاده بين ضفّتي الكلمة، بين ما تكتبه الأقلام، ومن ثمّ، بين الشيء الذي يُقرأ، وتُحدّد معالمه، أو معالم الطريق، الذي يكاد يوصل إليه، يكاد يبرمج له آليّات التفكير الخاصّة بهذا المعنى أو ذاك.
وهنا نقول، ربّما تحمل المعاني نُبلاً آخر، وربّما تلتمع من خلالها رؤية أدبية ما، أو تستوثق العُرى في مداد لفظها، ومن ثمّ، يُستوثق المدّ الجزئي والكلي لها، يُستوثق بريق شعاعها اللغوي، وبعض ناصيات أمره، الخاصّ بنُبل هذا المعنى أو ذاك، وبعضٍ من شجنه المُتسع؛ من حيث فرضيّات الإبداع، التي تجوهر حال المعنى، وتجعل ملامحه أكثر نضوجاً، وأكثر إدراكاً معرفيّاً، وحتى تجعل ولوجه حتى العمق الحقيقي لبحر اللغة.
وحتى الشيء المستحق على جزم حاله معرفياً وأدبياً، جزم حاله المرتهن لمداد البوح الكلامي والجمالي، الذي يقولب جميع المعاني، ويجعلها أكثر رشاقة في القول والفعل معاً.. وهنا يكمن النُبل الحقيقي، الذي ما نزالُ نتحدث عنه، ونبحث عن خيوطه، يبحث عن سموٍّ فعلي، يحاط به، ومن ثمّ، نبحثُ عن نُبلٍ، يقولب كل المعاني بثقافة مُثلى، تجعلنا نستقرئ مفهوم نُبل المعاني وجماليّات محاره، في بحر الأدب والحياة معاً.