الرقابة الداخلية.. دور أصغر! … وزارات تطالب بتوصيف الرقابة الداخلية كمديريات و«التنمية الإدارية» تدعو للحفاظ عليها بمستوى دائرة!
| محمد راكان مصطفى
أصدرت وزارة التنمية الإدارية تعميماً حول نقل التبعية الإدارية لدائرة الرقابة الداخلية إلى الرئيس الأعلى في الجهات العامة مع الحفاظ على مستواها التنظيمي بمستوى دائرة بما يتناسب مع حجم مهامها.
التعميم بتخفيض توصيف الرقابة الداخلية من مديرية إلى دائرة تأخر ثلاث سنوات بسبب الخلاف الذي نشب حينها بين الوزارة والهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، وجود تجاوزات قانونية لقانون الهيئة يعود إلى الواجهة من جديد بتمريره من خلال لجنة إقرار البنى التنظيمية، في عهد الحكومة الجديدة.
التعميم وإن عالج جزءاً من الخلاف الذي نشب حينها حول اتباع المراقب الداخلي لمديرية دعم القرار والذي ووفقاً لقانون الهيئة يجعل مدير دعم القرار فوق المحاسبة، سوف يتسبب بالإخلال بسرية التقارير والمهام، بجعل مديرية الرقابة الداخلية دائرة كوحدة تنظيمية مستقلة تتبع إدارياً وفنياً للرئيس الأعلى في الجهة العامة.
وزارات تطالب بمديرياتها الرقابية
يأتي التعميم رغم طلب بعض الوزارات مؤخراً من وزارة التنمية الإدارية تعديل لمشروع الهيكل الوظيفي في وزاراتهم، بحيث تكون الرقابة الداخلية مديرية، مؤكدة أن تفعيل عمل مديرية الرقابة الداخلية في الوزارات والجهات التابعة لها لا يمكن أن يتحقق فعلياً مع موضوع تخفيض المستوى الوظيفي ودمجها مع مديريات لا رابط تخصصياً يجمع بينها.
وتم التشديد على ضرورة الحفاظ على الرقابة الداخلية ومهامها وآلية عملها وفق الضوابط والأسس الواردة في قانون الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش ونظامها الداخلي، وذلك على مستوى مديرية على غرار المستوى في الجهات التابعة للوزارات، بغية تمكينها من القيام بالمهام المنوطة بها على الشكل الأمثل ضمنها وفي الجهات التابعة لها، للحد من مظاهر الفساد وحالات الخلل والتجاوزات في العمل.
وأشارت إلى أن عمل الرقابة الداخلية في الوزارات يتطلب إحداث دوائر تتبع للمديرية بهدف تطبيق العمل الرقابي وتفعيله بالشكل الأمثل، ويأتي ذلك تجاوباً مع ما جاء في تعميم رئيس مجلس الوزراء الذي وجه به الوزراء بناءً على ما تقرر في جلسة مجلس الوزراء المنعقدة بتاريخ 30/4/2024 بالتأكيد على كتب سابقة شددت على ضرورة العمل على متابعة الجهود المبذولة من الوزارات والجهات التابعة لها في مجال مكافحة الفساد بأشكاله المختلفة، وإظهار ما تقدمه الوزارات في هذا المجال. وطلب التعميم من الوزراء اتخاذ ما يلزم لاستبدال من يرون ضرورة استبداله من شاغلي الوظائف فيها، وتعيين البديل المناسب ممن يتمتع بالكفاءة والنزاهة، وموافاة رئيس الحكومة بتقارير ربع سنوية حول الإجراءات المتخذة في هذا المجال، وذلك بالإشراف المباشر من الوزراء لتفعيل دور الوحدات التنظيمية المعنية بالرقابة الداخلية في الوزارات والجهات التابعة لها أو المرتبطة بها، لتنفيذ المهام الموكلة إليها ورفدها بالكوادر البشرية المطلوبة بموجب القوانين والأنظمة النافذة، وبما يسهم في ضبط ومعالجة حالات الفساد في جميع القطاعات بشكل آني وفوري، وتنفيذ كل التقارير الرقابية والتفتيشية المتعلقة بذلك.
أستاذ القانون في كلية الحقوق في جامعة دمشق محمد خير العكام قال لـ«الوطن»: إن ذلك يتناقض مع قانون الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش لأن مديريات الرقابة تتبع وظيفياً للهيئة ولا يجوز تخفيض مستوياتها إلى دائرة، لأنه يقلل من أهمية الرقابة الداخلية، ويقلل من دورها بينما المطلوب تعزيز الرقابة الداخلية للحفاظ على المال العام وحمايته.
ولفت إلى أن هذا القرار يتعارض مع التوجه الحكومي الذي بدأ بمراجعة كل القرارات التي اتخذت في مجال الإصلاح الإداري من وزارة التنمية الإدارية عبر إحداث لجنة خاصة لمراجعة هذه القرارات.
قرار حكومي بتفعيل مديريات الرقابة
وكان رئيس مجلس الوزراء قد وجه تعميماً بناءً على ما تقرر في جلسة مجلس الوزراء المنعقدة بتاريخ 14/3/2023، الوزراء بالعمل على تفعيل عمل مديريات الرقابة الداخلية في وزاراتهم والجهات التابعة لها أو المرتبطة بها، ووضع المعنيين فيها أمام مسؤولياتهم لتنفيذ المهام الموكلة إليهم بموجب القوانين والأنظمة النافذة، وبما يضمن الحد من مظاهر الفساد وحالات الخلل والتجاوزات في مجال العمل، وبالتنسيق مع كل من الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش والجهاز المركزي للرقابة المالية.
وكانت «الوطن» نشرت في العام 2021 عن حالة عدم رضا لاقتها الهياكل التنظيمية التي أطلقتها بعض الوزارات، بعد تخفيض مشروعات الهياكل الوظيفية للوزراة المستوى الوظيفي لمديريات الرقابة الداخلية إلى دوائر، من دون أخذ أي اعتبار لقانون الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش ونظامها الداخلي، الذي يعتبر القانون الوحيد المعني بتنظيم عمل هذه الرقابات وتحديد مهامها ومستواها الوظيفي، إذ أحدثت أجهزة الرقابة الداخلية في الجهات العامة بموجب المادة رقم 4 من قانون الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش رقم /24/ لعام 1981، التي تضمنت أهداف إحداث الرقابات الداخلية ومهامها، ونصت الفقرة /هـ/ منه على أن المراقبين في أجهزة الرقابة الداخلية يتمتعون بحصانة النقل والندب والتأديب، فلا يجوز نقلهم أو ندبهم أو معاقبتهم إلا بموافقة رئيس الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، على حين نصت الفقرة /ز/ من المادة نفسها على أن قواعد عمل الرقابات تنظم في النظام الداخلي للهيئة، ويضع الوزراء لوائح داخلية لأجهزة الرقابة التابعة لهم بما لا يتعارض مع أحكام قانون الهيئة ونظامها الداخلي، ليأتي النظام الداخلي للهيئة رقم 250 لعام 1990 محدداً آلية تسمية العاملين في الأجهزة الرقابية وشروط هذه التسمية وكيفية ممارسة عملهم الرقابي بشكل تفصيلي وصلاحيات ومحظورات القائمين بهذا العمل، إضافةً إلى آلية تأديتهم لليمين القانونية تبعاً للمستوى الوظيفي.